الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوْ لَم يَقُم في قلبه ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 9 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لوْ لَم يَقُم في قلبه ..
لا أُخفيكم ، فأنا من الذين يُتابعون أحيانا وعلى اليوتيوب ، بعض المشايخ ، وأحترمُ بل وأُثمّن جهود بعضهم التنويرية ، وقراءاتهم المتميزة للنصوص . ويشدّني بشكل خاص البعض منهم ، وأذكر على سبيل الحصر فقط ، السيد كمال الحيدري الشيعي صاحب المنهجية العلمية، بل وأحسده على دقة اقتباساته ، وحسن فرحان المالكي على جرأته وهو يعيش في وكر الأفاعي الوهابي ، والسعودي محمد المسعري ، الفلسطيني عدنان ابراهيم ، السيد الصرخي والسيد القبانجي وغيرهم .. مِمَن يحترمون العقول ويُحاولون تحكيم العقل في النصوص ، وخاصة التراثية .. ولم أنسَ أستاذنا الفاضل أحمد صبحي منصور .
وفي مُقابل هؤلاء يقف مجموعةٌ كبيرةٌ من الدجالين ، الذين لا همّ لهم سوى المتاجرة بالدين ، ولو بالكذب والتدليس ، هؤلاء الذين يلوون أعناق النصوص لتتلائم مع فهمهم ومصالحهم ، ويعمدون الى كل حيلة ووسيلة للبرهنة على "صدق" ما يقولون ... وهذا نموذج من هذه العيّنة ، والذي صادفتُه وأنا أُتابع على اليوتيوب ،الدكتور ألمسعري يتحدث عن الوهابية ، فكان هذا الفيلم في نفس الصفحة .
https://www.youtube.com/watch?v=hoo0YCsv_ko
وأول ما تبادرَ لذهني بعد مشاهدته ، هو القول المنسوب للسيدة رابعة العدوية ، حينما شاهدت الحشود تتجمع في بغداد ، ترحيبا "بشيخ" ما ، وتقول الكتب بأنه أبو عبدالله الرازي المُفسر(صاحب تفسير الفخر الرازي ) وهو غير "ابو بكر الرازي" العالم والطبيب ، فقالت السيدة رابعة " لو لم يقم في قلبه الف شك على وجود الله ، لما أجهد نفسه في البحث عن الف برهان على وجود الله "..!! لا أعرف مدى صدقية هذه القصة ، لكنني أوردها ، لما فيها من عبرة ، ولو لم تكن حقيقية أو أن شخوصها مُختلَقُون ...
فالإيمان ليس بحاجة الى براهين ، وإلا لما أصبح ايمانا ... الإيمان هو شعور ذاتي ، ليس بحاجة الى براهين ولا دلائل ...فالذي يؤمن بوجود إله والذي لا يؤمن بوجود إله ، ورغم كونهما على طرفي نقيض، فإنهما "متفقان" بإيمانهما المُطلق ، كلٌ وإيمانه ..!!
وهكذا هو حال الذين "يبحثون" عن برهان على نبوة محمد في التوراة والإنجيل..!! فهل تؤمنُ بأن محمداً نبيٌ مبعوث من لدُّنِ عزيز حكيم ؟ هل تؤمن برسالته؟ فهذا يكفيك ، لأنه ولو لم "تتوفق" مساعيك في "إثبات" نبوة محمد من التوراة والإنجيل ، هل ستتوقف عن الإيمان بنبوة محمد عليه السلام ...
وكذا هو الحال مع المؤمنين بالديانات الأُخرى ، كاليهودية والمسيحية ، فهل سيتوقف هؤلاء عن الإيمان بنبوة موسى عليه السلام ، وشقه البحر ، بعد أن يتضح لهم عكس ما يعتقدون ويؤمنون ؟؟!!
أم أن المؤمنين بألوهية عيسى ، صلبه وقيامته ، سيتوقفون عن الإيمان بالألوهية ، إذا برهن أحدٌ ما ، بأن عيسى المسيح عليه السلام ، لم يكن شخصية تاريخية ؟؟!!
وأنا هنا أوردُ فرضيات ، ليست بالضرورة صحيحة ، بل بهدف توضيح فكرتي فقط .. فالإيمان بالنُبُّوات غير مشروط بوجود برهان أو بغياب الدليل .. إنه ما وقرَ في القلب حقاً ..
ولنُعُد الى الغزلية التي اعتمدها شيوخ الدجل ، وهي من سفر نشيد الأنشاد المنسوب لسليمان الحكيم ، والتي وردت فيها الكلمة العبرية "محمديم"..!! ومعناها الحرفي وحسب قاموس زميلنا يحزقيل قوجمان العبري العربي : الجذاب ، يبعث على البهجة والسرور، خلّاب ، عزيز ،المحبوب ، اللطيف ومعانٍ أخرى تصّب في هذا الإتجاه ، وهي من قصيدة غزلية على لسان فتاة عاشقة تصف حبيبها بأجمل أوصاف الغزل ، ومنها في أول البيت الشعري تقول واصفة فم حبيبها بأنه حلو بينما حبيبها كله جمال وجاذبية "محمديم".
وكلمة "حَمُود" بمعنى لطيف أو حلو العبرية ، يتداولها يوميا العرب الفلسطينيين مواطني دولة اسرائيل أكثر من اليهود ، وهي عادة تُستعمل في وصف الأطفال ..!! وكذا كلمة "مَحْمَدْ" العبرية والتي تعني لُطف ونغاشة ..!!
لكن "مشايخنا" الأفاضل ، ذهبوا الى القاموس الإلكتروني ، والذي "يقرأُ" الكلمة ويترجمها "حسب" مزاج مُصممه ، فتأتي "مَحْمَدْ" العبرية ، بالترجمة الالكترونية بمعنى محمد ، اسم النبي ..!! يفرحون ويهللّون ، ها قد "أثبتنا" بأن نبوة محمد مذكورة في التوراة والإنجيل بالإسم الصريح ..!!
قد يكون وهذا احتمال ليس ببعيد ، أن تذكر التوراة أو الانجيل ، قدوم نبي لاحق لهما ، ولستُ أدري حقاً، لكن تحويل كلمة وردت بصيغة الجمع في قصيدة غزلية لفتاة تصف طعم العسل في فم عشيقها وتتغزل بجسده اللطيف والرائع ، في سفر نشيد الأنشاد ، الى بُرهان على ورود اسم النبي محمد في التوراة بإسمه الصريح ، فهذا تلاعب بالكلمات فقط !!
لكن لمَ اتباع الديانات بحاجة الى دعم لمعتقداتهم وإيمانهم ، من "خصومهم" الدينيين ؟؟ وهذا بالضبط ما فعلهُ الأخ رشيد الذي لا يكل ولا يمل ، ليُثبتَ بأن الإسلام هو دين زائف ، بينما المسيحية هي الدين الحق ..
وكَمَنْ وجد كنزا دفينا ، تلقف الأخ رشيد هذا الفيديو ، وقام بإجراء تشريح دقيق "لأحشاء" هذا الفيديو، ليُثبتَ بأنه وما ورد فيه كذب وإفتراء . بل إستضافَ شخصا ، قدّمهُ على أنه رابي يهودي ، وأجرى معه مقابلةً حول "الغزلية" في نشيد الأنشاد ، وكانت أجوبةُ الضيف دقيقة وشرح البيت في الغزلية بدقة ... لكن في نهاية المُقابلة وجواباً على سؤال الأخ رشيد ، عن رسالة الرابي لليهود والعرب (الأخوة الأعداء) ، بدأ الرابي بالحديث عن المسيح ووصاياه وتعاليمه ، مُتناسيا بأنه رابي يهودي .. ولعله رابي من اليهود المسيحيين ...!! لكنه ليس رابي تقليدي أو ارثوذكسي .. فالمتدينون اليهود يعتقدون بأن المسيح عليه السلام ، هو مسيحٌ كذاب !!
ايها المؤمنون .. لستم بحاجة الى لَيِّ أعناق النصوص ، ولستم بحاجة الى المُفاضلة بين دين ودين ، فكلُ قومٍ بما لديهم فرحون ...!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نشيد الأنشاد
نضال الربضي ( 2015 / 10 / 1 - 08:36 )
العزيز قاسم حسن محاجنة،

من خارج التفسير الديني الرمزي، و بالانسجام مع نقد النص بفحص أصوله التاريخية و تفاعله مع الأحداث، أقول أن في سفر نشيد الأنشاد رأيان:

- الأول أنه أنشودة لسليمان في مديح عشتار، شأن جميع عُبَّادها في ذلك الحين. سليمان انقلب َ مزواجا ً و مع كل زواج دخلت آلهة ٌ جديدة إلى حياته.

- الثاني أن السفر مجموعة أناشيد كانت تُغنَّى في الأعراس. لاحظ يا صديقي أننا حتى اليوم نغني لخدّ المعشوق و قدّ المعشوق و طول المعشوق و دلال المعشوق.

في رأي ِ أن النص اليهودي يتجاوز كونه نصا ً دينيا ً نحو شمولية ٍ عرقية ٍ و اجتماعية ٍ و ثقافية ٍ ليُصبح سجل َّ حياة الشعب اليهودي و ديوانا ً لمسيرة هويته التاريخية بكل ِّ ما فيها. إن التوراة و التلمود و شروحات الرابين بمثابة تشريح ٍ دقيق للهوية ِ اليهودية أكثر منها دينا ً.

إنها قصة ُ شعب! (بغض النظر عن صحة و تاريخية ما يرد فيها، تذكر أننا كبشر لنا آراء في أنفسنا قد لا تشبه الحقيقة).

بالنسبة لرشيد و وحيد و القمص زكريا و الشيوخ و الدعاة، فؤلاء عندي جميعا ً واحد، كلهم يملك عينا ً واحدة يرى فيها غيره، بينما العين الأخرى عمياء عن نفسه.

دمت بود!


2 - العزيز نضال تحياتي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 1 - 09:39 )
ويومك سعيد
يجب ان يكف المؤمنون عن المفاضلة بين الأديان ، فالإيمان في جوهره واحد ولا يهم في هذا السياق بماذا يؤمنون!!
بخصوص الغزلية هذه ، فقد اعترض بعض رجالات الدين اليهود من قراءتها في الصلوات، لانها فاضحة !!
ليس هذا هو المهم حقاً، ومهما يكن سفر نشيد الانشاد ، فمفسرو هذه الغزلية يقولون بأنها تحمل رمزية ، وما هي الا غزل بالتوراة!!التناخ وهو مذكر بالعبرية !!
لك مودتي ويا ريت كان -الحكام- كسليمان في قبوله للتعددية الدينية ،!!
تحياتي ومودتي


3 - التعددية الدينية في الوثنية
نضال الربضي ( 2015 / 10 / 1 - 13:31 )
العزيز قاسم،

أؤيدك في ما ذهبت َ إليه من أمنيتك أن يقبل الجميع التعددية كما قبلها سليمان.

إن التعددية هي أساس السلام، الحضارة، الحب، التناغم و الرقي البشري.

أعتقد ُ مخلصا ً أن الأديان الإبراهيمية قتلت أجمل ما في إنسانيتنا عندما فرضت علينا إلها ً واحدا ً و مخلصا ً أو نبيا ً واحدا ً، و كتابا ً واحداً و رؤية واحدة للحياة، فلم تزد عن أن حولتنا إلى قطيع ٍ من الخراف.

هل نستغرب ُ بعدها أن خطابها يدور دوما ً حول: الراعي و الرعية؟!

راع ٍ في الأرض يمثل راعيا ً في السماء!

و يصرخ ُ المُسبـِّحون َ بحشيش ِ الحمد: مااااااااااااااااااااااااااااااءءءءءء

دمت بود.


4 - المؤمون هم اكثر المشككين بما يؤمنون!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2015 / 10 / 1 - 16:34 )
الاخ الكريم بعد التحية .اولا لا دليل مقنع على سماوية الاديان وكل يرث دينه من ابويه. اما الذين يفتشون في كتب الغير ليثبتوا صدق دينهم فهم في الواقع مشككون والحل الامثل هو التوقف عن نقد الاديان بحيث ان نؤمن جميعا بدين الانسانية وكما يقول المثل اعبد حجرا ولكن لا تضربني به. ان بيني وبين بدء الاسلام 1436 سنة فاين الضمانة بان ما وصلنا هو صحيح ونحن نعرف كيف نشا الاسلام وكيف تطور. نحن في زمن التكنولوجيا والتزييف حاصل فما بالك بازمنة تدين بدين ملوكها.


5 - عزيزي نضال الغالي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 1 - 16:57 )
تحياتي الحارة
انصحك بالاستماع بين الفينة والأخرى لاغنية ام كلثوم
سلام الله على الأغنام
مااااااااااع


6 - الزميل العزيز فهد لعنزي المحترم
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 1 - 17:00 )
تحية حارة
شكر لك تعليقك وقراءتك .
نعم فلتكن حرية الايمان مكفولة دون الاعتداء على حرية الاخرين في الاعتقاد .
هو كذلك -اعبد حجرا لكن لا تضربني به-
خالص مودتي


7 - عبد الحليم يناسبني أكثر
نضال الربضي ( 2015 / 10 / 1 - 20:07 )
نصيحة ٌ أقدِّرها جدا ً أيها العزيز قاسم!

لكنني في الموسيقى أورثوذكسي ُّ المنهج، و عبد الحليم يبقى مرجعي الأوّل، و في تحوير ٍ لأغنيته -فاتت جنبنا- أقول ُ لك: تسلمي و تسلم رؤيتك!

اخر الافلام

.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. لماذا يرفض اليهود الحريديم الخدمة العسكرية؟