الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة الفلسفة

الشدادي عزالدين

2015 / 10 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ضرورة الفلسفة

إن أي دعوة للمعرفة في كنهها هي دعوة للتعلم بشكل عام ، ولا يحدث التعلم إلا بعد حدوث الأخطاء ، وانطلاقا من هذه الأخطاء تبدأ صيرورة البحث والتنقيب عن الأفكار والمفاهيم والمصطلحات ، فتصبح عملية البحث ضرورية لبلوغ جبال المعارف الشاهقة ويكون الخيار بين اثنين : إما المعرفة وإما الجهل ، فلا ترابط بين الخيارين ، بل كل خيار منفصل عن الاخر تمام الانفصال ، قال سقراط قديما " أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك " وهو يعلم أن الإنسان يحمل بداخله أفكار جنينية تحتاج إلى توظيفها واستغلالها بالشكل المطلوب ، وهو ما يسميه بتوليد الأفكار فقد بعثته السماء لتوليد الأفكار كما بعثت أمه لتوليد النساء .
لكن كيف يعرف الإنسان نفسه ؟ وكيف يصل إلى هذه المعرفة ؟ وما شكل وطبيعة هذه المعرفة ؟ وهل هذه المعرفة ضرورة أم اختيار ؟
كل هذه الأسئلة تنصب في اتجاه واحد هو اتجاه المعرفة بغض النظر عن شكلها مع الإقرار بضرورتها ، فشعوب ومجتمعات المعرفة تختلف بكثير عن مجتمعات اللام عرفة ، فالأولى تنتج الأفكار وتبدعها ، والثانية تتلقفها بدون وعي وبتقليد نمطي موغل في التراجع والتقهقر ومن بين هذه المعارف الأولية المعارف ذات الطابع الفلسفي المتسمة بالتجريد والواقعية والمثالية التي تسلك الفلسفة طريقا خاصا لمعالجتها ومناقشتها ، ومن هذا المنطلق أصبحت الفلسفة اليوم ضرورية كما كانت من قبل ، بل أكثر من ذلك أصبح تعلمها لا محيد عنه في بناء مجتمعات المعرفة والفكر ، فلا تقدم ولا وعي بدون تفلسف وفلسفة خاصة في ظل رواج أفكار معتمة تعطي لنفسها الحق في تخليص الإنسانية من أمور تعتبرها شرا عليها.
يقول أرسطو في كتابه " دعوة للفلسفة " الحياة الخالية من التأمل لا تليق بالإنسان " وعلى الانسان ممارسة التفكير وخصوصا المرتبط بما هو فلسفي فأسمى أنواع التفكير والمعارف هي المعارف الفلسفية التي تنير طريق المجد الذاتي وتحارب كل أشكال الثقافة التنميطية المرسخة لقيم التخلف والتراجع ، وتعلم الفلسفة أو التفلسف رهين بالتحرر من ربق كل الأفكار الخاضعة لمعايير العادة والعرف التي تمارس إكراهها علينا بحجة أنها متعالية علينا وسابقة في وجودها لوجودنا ، كما ان تعلم الفلسفة وفهم قضاياها يعد الطريق المنشود نحو تحقيق نهضة شاملة على مختلف المستويات ،إذ أن تعلمها يحقق نوعا من الوعي الفردي والجماعي الذي ينطلق من الذات تجاه العالم الخارجي راسما ملامح الفهم والاستنباط والبرهان ، ولتحقيق هذا لا بد أولا من التصالح مع الكتاب والذات وتصحيح العديد من التمثلات الخاطئة حول الفلسفة ، وتصحيح نظرة الناس إليها بعيدا عن كل اتهام أو تزييف للحقائق والمعطيات ، والعمل بهذا الشكل سيحقق لنا الخروج من الكهف لاستشراف نور الشمس التي هي نور المستقبل .
لكن في خضم مجتمعنا التقني المتسم بالغزو التقني والتكنولوجي الذي جعل الانسان يعيش في عزلة واغتراب ، كيف يتسنى لنا تعلم الفلسفة ؟
إن ما ارتكزت عليه الفلسفة هو ما بنى العلم ومن العلم ولدت التقنية والتكنولوجيا فصارت منتشرة في كل أرجاء العالم مع اختلاف في التعامل من مجتمع لأخر ، وللخروج من عزلة هذا الانسان لا بد من تقريب الفلسفة من الناس من خلال تقديم كتب سهلة وبسيطة ، وتوفير المراجع وأعمال الفلاسفة ، وترجمة النصوص الفلسفية وربطها بواقع المتعلمين والباحثين ، وبتوفير هذا ستصبح الفلسفة :
-;- محبة الحكمة ( بيتاغور)
-;- علم الموجود بما هو موجود ( الفارابي)
-;- بحث عن الحكمة وتوق إلى تملكها (ديكارت)
-;- صيرورة البحث عن الحقيقة ( هيغل)
وبناءا على هذه الدلالات تصبح الفلسفة درس في الحياة والوجود الانساني ، ومحراب بتعبير نيتشه نتعلم فيه كيفية تجاوز المعتقدات الباطلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج