الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة المختار الثقفي

محمد يسري

2015 / 10 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قائد تلك الحركة هو "المختار بن أبى عبيد الثقفي"، وهو من أهل الطائف، انتقل من الطائف إلى المدينة مع أبيه في زمن عمر بن الخطاب، وكان أبوه أبو عبيد الثقفي قائداً للمسلمين في موقعة الجسر واستشهد يومها .
وتعتبر ثورة المختار الثقفي، الثورة الثانية التي يقوم بها الشيعة للمطالبة بالقصاص من قتلة الحسين بن علي، ولذلك فإنه من الممكن أن نعتبر أن حركة التوابين كانت تمهيداً حقيقياً لحركة المختار، وقد استفاد المختار من حركة التوابين في نقطتين مهمتين وهما:
-;- إن حركة التوابين أوضحت أن هناك قوة حقيقية للشيعة، وأن تلك القوة ـ بمزيد من التنظيم والإعداد ـ من الممكن أن تناطح قوة الزبيرين في الحجاز وقوة الأمويين في الشام.
-;- إن الكثير من الشيعة الذين قتل أصحابهم وأقاربهم في معركة عين الوردة قد أقبلوا على الانضمام في جيش المختار .
ويظهر أن تأييد المختار لآل بيت الرسول "صلى الله عليه وسلم"، قد بدأ منذ وقت مبكر فعندما خرج الحسين بن علي إلى العراق بناءاً على رسائل أهل الكوفة، نجد أن المختار كان يريد أن ينضم إليه وينصره حينها، لولا أن والي الكوفة عبيد الله بن زياد قد حبسه وضربه ليمنعه من نصرة الحسين .
وبواسطة شفاعة عبد الله بن عمر زوج أخت المختار، تم الإفراج عنه، فرحل إلى الحجاز وانضم لـ عبد الله بن الزبير، ولكن يبدو أن انضمام المختار لقوات ابن الزبير لم يكن عن اقتناع حقيقي وإنما كان لأهداف برجماتية نفعية بحتة، فقد ورد أن المختار لما بايع ابن الزبير قال له:
" لا خير في كثرة الكلام، إني قد جئت لأبايعك على ألا تقضى أمرا دوني وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك " .
وقد قاتل المختار مع قوات ابن الزبير ضد "الحصين بن نمير" عندما قدم جيش الشام إلى الحجاز، واستطاع المختار أن يظهر الكثير من مهاراته وكفاءته العسكرية في تلك الحرب , واستطاع المختار أن يقنع عبد الله بن الزبير برحيله إلى العراق ليعمل على تثبيت نفوذ ابن الزبير فيها، ولكن بمجرد أن وصل المختار إلى العراق فإنه بدأ يدعو إلى الانتقام والقصاص من قتلة الحسين بن علي وبدأ يجمع الأتباع حوله .
وكان من الطبيعي أن يقوم والي الكوفة عبد الله بن يزيد بسجن المختار، خوفاً من انتشار دعوته وخطورتها، ومرة أخرى يستخدم المختار صلة القرابة ب"عبد الله بن عمر" ليتمكن عن طريق شفاعته من الخروج من السجن.
وبعد قيام عبد الله بن الزبير بإقالة والي الكوفة عبد الله بن يزيد وتعيين والي آخر على قدر كبير من الضعف وهو "عبد الله بن مطيع" ، استطاع المختار أن يؤلب الناس ضد الزبيرين، وأن يثور على ابن مطيع ويضطره إلى الهرب من الكوفة، وبذلك أصبح المختار سيداً على تلك المدينة المهمة وقام بدعوة الناس إلى مبايعته قائلاً:
" تبايعوني على الكتاب والسنة والمطالبة بدماء أهل البيت وقتال من قاتلنا ومسالمة من سالمنا "
وقد انضم الكثير من الأنصار والمقاتلين إلى حركة المختار،حتى وصل عددهم إلى سبعة عشر ألف رجل .
وقد حاول المختار في تلك المرحلة أن يحصل على تأييد أهل بيت الرسول "صلى الله عليه وسلم"، ليستخدم ذلك التأييد في الدعاية السياسية لحركته، فبدأ في مراسلة كل من محمد بن الحنفية بن علي بن ابى طالب , و علي زين العابدين بن الحسين بن علي . وتتعدد الروايات التي توضح موقف هؤلاء الأئمة من دعوة المختار، فبعض الروايات تذكر أن المختار قد بعث إلى علي زين العابدين يريد تأييده وأرسل له الكثير من الاموال، ولكن علي قام برفض ذلك كله وأظهر كذبه وادعائه أمام الناس وهناك بعض الروايات الأخرى التي تظهر أن محمد بن الحنفية قد ساعد المختار، فإنه لما قام المختار بدعوة الناس إلى الانضمام لحركته باسم محمد بن الحنفية، شك بعض الناس في ذلك، فقدموا على ابن الحنفية ليتأكدوا منه، فقال لهم:
" وأما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه " .
ولم يكتفى ابن الحنفية بذلك، بل إنه أرسل إلى إبراهيم بن الأشتر يدعوه إلى نصرة المختار وتأييده، وقد جاء في خطابه إلى إبراهيم
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن علي إلى إبراهيم بن الأشتر، أما بعد فإن المختار بن أبى عبيد على الطلب بدم الحسين فساعده في ذلك وآزره يثبك الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة " .

وقد استطاع المختار بعد تحالفه مع إبراهيم بن الأشتر أن يكون جيشاً قوياً يستطيع به أن يواجه القوة الأموية ،واستطاع إبراهيم بن الأشتر أن ينتصر على جيش الشام في موقعة "الخاذر"، وتمكن من قتل عدد من الرجال الذين اشتركوا في قتل الحسين بن علي في كربلاء .
وقام المختار بقطع راس عبيد الله بن زياد وأرسل بها إلى علي زين العابدين في المدينة وروى البعض
" أن علي لم ير ضاحكا يوماً قط منذ قتل أبوه إلا في ذلك الوقت وأن نساء أهل بيت الرسول "صلى الله عليه وسلم"، قمن وقتها بامتشاط شعورهن واختضبن ولم يكن يفعلن ذلك قط منذ مقتل الحسين بن علي " .
وتروى بعض الروايات أن المختار قد بعث برأس عبيد الله بن زياد إلى عبد الله بن الزبير، وهو الأمر الذي يدل على أن المختار كان يحاول أن يحافظ على تبعيته الشكلية لابن الزبير، وكان انتهاء أمر المختار عندما قام عبد الله بن الزبير بتوجيه أخاه مصعب بن الزبير لحكم العراق في عام 68 هـ/687م، فدخل مصعب مع المختار في عدد من المعارك الضارية لمدة اربعة عشر شهراً، حتى انتهى الأمر بقتل المختار . وهناك بعض الملاحظات على حركة المختار الثقفي هى :
-;- إن المختار قد اعتمد في حركته على الشيعة الموالي، ولم يتبعه إلا القليل من الشيعة العرب .
-;- إن هناك الكثير من الأخبار التي تربط بين المختار وبعض المذاهب الشيعية الغالية مثل الكيسانية، وربما كان ذلك بسبب أن المختار قد سمح لأتباعه من الموالي بممارسة بعض الأفعال الغريبة الشاذة، ومنها إن أتباعه أعدوا له كرسي مقدس يحمل على بغل ويقوم على سدانته سادن، وحول هذا الكرسي يتراقص أتباعه في حماس مجنون ولذلك نجد أن الكثير من المصادر التاريخية قد ادعت أن المختار قد ادعى النبوة والرسالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن