الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الكفر جريمة تستباح به الحقوق؟

انور سلطان

2015 / 10 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اذا كان الكفر مصيبة فهو مصيبة على صاحبه وليس على أحد سواه، واذا استوجب موقفا من المؤمن بالوحدانية فهو، في أسوأ الأحوال، موقف الاشفاق لا موقف العداء. انه يشبه الموقف من مدمن المخدرات (او الخمر). ان الذي ابتلي بالمخدرات يستدعي الاشفاق عليه لا العداء له، فيكفيه عقوبة أنه مدمن. والمدنين كغيرهم من الناس، منهم المسالم بطبعه ومنهم العدواني، فاذا اعتدى مدمن على غيره فمن حق المعتدى عليه الدفاع عن نفسه، واذا عادى المدمن غيره فمن حق غيره ان يعاديه. وهذا لا علاقة له بادمانه، فادمانه شئ وسلوكه تجاه غيره شئ اخر تماما. وكذلك الكافر، فكفره عليه وحده والمهم سلوكه من الاخرين، ويتخذ منه موقف على حسب سلوكه لا على حسب اعتقاده الديني.
وهذا ما تبينه سيرة النبي، فالنبي لم يذكر رجالا مشركين من قريش بسوء اطلاقا، منهم المطعم بن عدي، ناهيك عن عمه ابي طالب. ولم يقف منهم بأي حال من الأحوال موقف العداء، لا بل العكس، وقف موقفا انسانيا واخلاقيا. كيف يمكن مقابلة انسان مسالم بالعدوان لمجرد أنه لم يؤمن؟
واذا كان من حق المؤمن ان يدعو لمعتقده، وان ينتقد معتقد غيره، فليس من حقه فرض معتقده، ولا منع غيره أن ينتقد نقدا مضادا وأن يدعو لمعتقده المخالف. فليس للمؤمن في الدنيا ميزة على غيره، والتميز الديني فكرة عنصرية قديمة أخذتها اليهودية من الوثنيات القديمة. فكل قوم كانوا يرون انهم افضل ممن سواهم، واعطوا لأنفسهم حق استباحة غيرهم، وهذا انعكس في الدين، فكل قوم يعتبرون الهتهم افضل من الهة غيرهم، وانها تعينهم وتنصرهم على اعدائهم الدون والاقل مرتبة منهم. واليهود صوروا لانفسهم عبر الدين انهم افضل من غيرهم ولذلك وقع اختيار الله عليهم ليكونوا شعبه. ما فعلوه انهم البسوا عنصريتهم شكلا دينيا حتى جعلوا الله رب الجميع متحيزا لهم ضد غيرهم الدون. فكرة الاصطفاء اليهودي تسللت الى الاسلام، والفرق ان الاصطفاء اليهودي كان على اساس عرقي، فالله اصطفى اليهود ابناء اسرائيل، بينما تحولت فكرة الاصطفاء العرقي التي تسللت للاسلام الى فكرة اصطفاء اعتقادي، فالموحد الذي يتبع خاتم الانبياء افضل من غيره ليس في الاخرة بل في الدنيا، وله امتيازات ليست لغيره، فمن حقه الغزو والسبي واخضاع الاخرين، بل من واجبه ذلك.
هناك عنصرية عرقية تدثرت بدين خاص، ومع الزمن تحول الدين نفسه الى العنصر المميز، وحلت فكرة "اليهود افضل من غيرهم" محل فكرة "بني اسرائيل افضل من غيرهم". وعوضا عن "اليهود" ضع "المسلمين". يعتقد اليهود ان الله وضع دينا لهم لانهم الافضل، ويعتقد المسلمون ان الله وضع دينا للكل من يعتنقه يصبح الافضل. في النهاية النتيجة واحدة: عنصرية دينية. وهذه الافضلية لا تعني مجرد المكانة عند الله، بالاضافة الى ذلك تعني أيضا ان لهم حق السيادة على الغير، وان لهم حقوقا ليست لبني البشر الاخرين.
في الحالتين توجد عنصرية، عنصرية عرقية وعنصرية دينية، والنتيجة واحدة: استباحة المخالف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع تحليلك أ / أنور سلطان
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 7 - 18:08 )
رغم أنه مقالك الأول على مايبدو ، الا أنك تتناول أفكار مقالك بمنتهى البساطة والسلاسة والتسلسل المنطقى الذى لا يعارضه الا شخص يفتقر للموضوعية والعقلانية . بالفعل جميع الأديان هى مجرد مشاريع سياسية اجتماعية تم الباسها ثوب المقدس بواسطة مؤسسوها وأتباعهم حتى يسهل لهم السيطرة على عقول البشر.
تحياتى


2 - شكرا
انور سلطان ( 2015 / 10 / 12 - 22:20 )
الاخ زاهر زمان
سعدت بتعليقك
لك التحية

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب