الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص القران تذكير بما في العهدين لا تعريف بقصص مجهولة

انور سلطان

2015 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعتبر القران، كما اتضح في المقال السابق، ان التوراة والانجيل الموجودين بحوزة أهل الكتاب كتابين صحيحين، ولذلك أعتبر ان كل الاحكام الموجودة في التوراة هي احكام الله المنزلة من السماء ويدعوا الى الالتزام بها. ولذلك غير مستغرب أبدا ان يعتبر القران ان القصص الموجودة في العهدين قصصا صحيحا بل انه يعتبرها كذلك ويذكر بني اسرائيل بها.

ان قصص القران اكثرها موجود في العهد القديم، ثم العهد الجديد. وعند الاطلاع على قصص العهد القديم يتضح أن تلك القصص القرانية الغير مكتملة ليست الا اشارات الى ما رواه العهد القديم.

كنت أعتقد انه لا يوجد عند اليهود من ذلك شئ وأن القران أخبر اليهود بما كانوا يجهلونه من تاريخهم. لا سيما ان هناك حديث عن الاعجاز التاريخي في القران. واحسب ان الذين يقولون بالاعجاز التاريخي اما انهم لا يعلمون الحقيقة او كانوا يعتمدون على جهل عامة المسلمين، بتلك الحقيقة. اذ لو كان ثمة اعجاز تاريخي لكان ملكية خاصة بالعهد القديم نفسه. وفي الحقيقة لا يمكن الحديث عن اعجاز تاريخي في ذكر قصص كانت مدونة ومعروفة.

ان جميع المسلمين، حتى من يسمون العلماء اليوم، في جهل مطبق بهذا الأمر، الا القلة. والسبب يعود الى الاعتقاد ان القران يعتبر التوراة والانجيل كتابين محرفين، ويعود الى الفتوى التي تستند الى هذا الاعتقاد والتي تحرم الاطلاع على العهدين القديم والجديد.

عندما تفتح العهد القديم تطالعك قصة الخلق. وقصة الخلق، وقصص أخرى، توضح أمرا هاما هو أن القران يختصر القصة اختصارا كبيرا، حيث يكتفي بالاشارة الى ما هو موجود، ولا يفصل القصة اعتمادا على انها موجودة بكامل تفاصيليها في العهد القديم. والاجمال قد لا يمثل مشكلة في قصة خلق الكون، لكن في القصص الاخرى يمثل اشكالية لانه يجعل القصة غامضة تماما ويثير كثيرا من التساؤلات لا تحل الا بالرجوع لكامل القصة في العهد القديم.

ان القصص في العهد القديم موجودة بشكل مفصل ومتسلسل ومرتبة تاريخيا ، وهذا يعطي صورة كاملة وواضحة، لكنها في القران -باستثناء قصة يوسف المذكورة حرفيا تقريبا مع بعض التعديل- موجودة على شكل نتف مجزأة ومفرقة، مثل الصورة المكونة من قطع من المكعبات، ليست فقط غير مرتبة، بل مكونة من بعض اجزاء مكعبات مكسرة وغير مرتبة.

يحكي العهد القديم قصة بني اسرائيل كاملة، بغض النظر عن صحتها ومعقوليتها ومنطقيتها، ولذلك فهو يعرض قصة كاملة مكونة من فصول طويلة. عندما يطلع المرء عليها يتضح له ما ذكره القران كاملا ويترتب في ذهنه.

ويمكن القول ان القران كان يشير الى بعض أجزء الحكاية، ولم يرد سردها كاملة، اذ لا معنى لاعادة حكاية مكتوبة. ان القران يقتبس، واحيانا بتصرف، من القصة الكاملة، وكثير ما كان الهدف تذكير بني اسرائيل بم يعلمونه حقا، وما هو مكتوب عندهم من قصصهم، وتذكيرهم بنعم الله عليهم او عذابه لهم.
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) البقرة: 40.
يطلب القران، هنا، من بني اسرائيل ان يتذكروا ما يعلمونه، ولولا علمهم بما يطلبه منهم لما كان للطلب معنى، اذ لا يؤمنون بالقران اساسا، ولو لم يكن ما يذكرهم به موجودا عندهم لقالوا ان هذا امر مختلق.

ثم قال: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ) البقرة: 49.

اي واذكروا اذ نجيناكم، عطفا على ماقبل.

ان القران يذكر بني اسرائيل بقصة يعلمونها تماما، لا بل يعلمها أهل المدينة الذين عاشوا مع اليهود واختلطوا بهم، فهم الذين أخبروا الرسول عندما سألهم عن سبب صوم اليهود يوم عاشوراء، انه اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل من فرعون. وهذا يشير الى ان أهل المدينة على معرفة بقصص بني اسرائيل، وعلى علم بالقصة الكاملة حين ترد اشارة اليها في القران، او يذكر القران جزءا بسيطا منها.

لكن ما بال بعض القصص التي لا وجود لها في العهدين، كقصة عاد وثمود وقصة ابراهيم واسرته في مكة؟
ان قصة ابراهيم كانت معروفة للعرب، مثلها مثل قصة اصحاب الفيل تماما. ومثل قصة ابراهيم قصة عاد وثمود.
( وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) العنكبوت: 38.

ويمكن الخروج بنتيجة عامة، ان كل قصة وردت في القران هي قصة معروفة، اما مكتوبة او مروية شفاها. ولولا انها معروفة من قبل عند غير المؤمنين، حتى وان اعتبروها اسطورة قديمة، لقالوا ان النبي اختلقها، كما قالوا في الرسالة والبعث: ان هذا الا اختلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إِن هذا إِلا أَساطير الأَولين ياصاح
بارباروسا آكيم ( 2015 / 10 / 13 - 10:24 )
صاحب المقال يقول : (( ان كل قصة وردت في القران هي قصة معروفة، اما مكتوبة او مروية شفاها. ولولا انها معروفة من قبل عند غير المؤمنين، حتى وان اعتبروها اسطورة قديمة، لقالوا ان النبي اختلقها )) ولكن المشكلة ان هذا ماحصل فعلاً.! فهم قد اتهموا محمد بأنه ينقل اساطير الاولين ((وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين)) ، ((حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )) ، (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )) ، (( لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )) ، (( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) ، (( وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ))


2 - مقالة ممتازة !
زاهر زمان ( 2015 / 10 / 13 - 16:36 )
الكاتب المحترم / انور سلطان
تحية وتقدير لجهودكم التنويرية الرائعة . فى انتظار المزيد من هذه النوعية من المقالات التى تلقى الضوء على المصادر الرئيسية لما ورد فى الكتاب المحمدى ( القرءآن )
تحياتى


3 - الهدف من المقال
انور سلطان ( 2015 / 10 / 13 - 20:01 )
السيدة بارباروسا اكيم
اشكرك على تعليقك، الذي اعطاني فرصة لايضاح الهدف من المقال
ان المقال لايتناول صحة هذه القصص
بل يحاول ان يثبت ان هذه القصص موجوده ومعروفة قبل تناول القران لها
وهذا ما لا يعرفه كل المسلمين
بل يعتقدون ان هذه القصص لم تكن معروفة قبل القران
حتى ان البعض تحدث عن الاعجاز التاريخي في القران

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب