الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن جاهزون؟

مهند احمد الشرعة

2015 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل نحن جاهزون؟!
لنرى هل نحن جاهزون للإصلاح للعلمانية للديمقراطية للعدالة للمساواة للأخوة للإنسانية لكل ما هو جميل في عين الانسان الحضاري؟! هل نحن جاهزون؟!
طبعا لا !!
لماذا نحن لسنا بجاهزين؟
علينا أن نعي أننا مجتمعات أجهضت محاولات التنوير التي ظهرت بيننا فقد كفرنا مثقفينا واغتلناهم وهجرناهم كما أننا قمنا بخيانة رفاقنا و تشويه سمعتهم فقط لأن هؤلاء الأشخاص تجاوزوا منطقة التوبا المفروضة مسبقا من الأموات الذين لم نراهم والذين لم نقرأ ظروفهم التاريخية وهنا يظهر لنا أول الأسباب المنطقية هو تقديس الأموات.
كيف يقدس المتدينون الأموات لقد جعلوا من كلامهم أصولا متفق عليها مسبقا وجعلوا من هذه الأصول صالحة لكل زمكان وربطوها بهالة من القدسية مع اجترار قصص خيالية فمثلا لو قرأنا عن الكثير من العلماء في ترجماتهم سنجد قصص أسطورية تجعل منهم قوى خارقة تنافس الأنبياء وقد أخذت هذه القوى اسم الكرامات أي كرامات الأولياء والصالحين وأصبحت تنافس آيات الأنبياء التي يعتبرها المتشدقون من البهم معجزات دون معرفة مسبقة بدينهم وهنا أتوجه بالكلام الى المسلمين حيث أن الاسلام يعتبر ما جاء به الأنبياء هو آيات وليست معجزات والمعجزة الوحيدة هو القرآن وقد وجهت هذا السؤال الى العديد من المسلمين وأجابوني إجابة خاطئة لنعد إلى موضوعنا.
فمثلا عندما نقرأ كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي نجد ذكر الكثير من الكرامات للعلماء ومن هذه الكرامات رؤيتهم بعد الموت في الجنة هذا السبب السيكيولوجي أدى الى نزعة واضحة إلى التصوف خاصة خلال القرون من 3-13 هـ ويدل على ذلك كثرة المتصوفة والزهاد والعلماء الذين خرجوا ويطالبوا بالعودة الى الأصول وما كان عليه السلف وقد ارتبط بهؤلاء أمجاد وهمية وقصص أسطورية تمجدهم.
وهنا يتناسى الكثيرون أخذ المسألة من رؤية تاريخية عميقة تفرض نفسها من حيث أن الواقع يفرز الفكر وهذا ما يحيلنا الى السبب الثاني أي أن هؤلاء الرجعيون لا يقرأون التاريخ ليفهموا لماذا ظهر هذا الأصل أو ظهرت هذه الممارسة فهم يأخذونها كما لو أنهم يأخذونها من الله مباشرة لنبين هذا الموضوع ولنأخذ ابن تيمية بكونه أحد أبرز علماء أهل السنة وبكون فتاويه مرجع رئيسي لأي مفت ٍ سني فهو مثال حي بالدعوة للعودة الى ما كان عليه السلف ومثال حي بالفتاوى القاسية والشديدة وهنا فإنني أتسائل هل قام أحد المتدينين أو الملحدين بقراءة الواقع التاريخي وسيرة الرجل الذاتية ومقارنتها مع فتاويه؟! هنالك من فعل ذلك قبلي وكانوا أحسن مني وهناك من يأخذ كلام ابن تيمية بشكل بنيوي فلو أخذنا واقعه فإننا نرى صدمة في العالم الإسلامي من القوة المغولية من جهة ومن جهة أخرى زوال الخلافة في بغداد وعدم الاعتراف بخليفة مصر من قبل الكثيرين أي أن الواقع الإسلامي ممزق بشكل عنيف ثم لا ننسى ما أصاب الرجل من اضطهادات كفيلة بأن تذكرنا بأن لكل فعل رد فعل مساو له وهذا في الحالة المادية أما من حيث الناحية البشرية فربما سيزيد عليه كثيرا وهذا ما حصل مع الرجل هنا أنا لا أريد تبرئة ساحة الرجل فأولا واخيرا هو مسؤول عما فعله وكتبه ولكن علينا أن نعي ما كان أمامه من ممكنات وهذا ما سنجده واضحا لو طبقنا هذا المنهج على النصوص الاولى اي الحديث والقران ولعرفنا ان مسألة ظهور المسائل المتطرفة نابعة من تشكيل الدولة ومن البيئة المتطرفة التي ظهر بها الاسلام ثم لو قارنا النصوص لوجدنا الكثير مما هو تكرار لقصص اليهود والمسيحيين اضافة الى ذلك لو ان بالبعض عقل لوجدوا ان كبار الصحابة واكثر من رافق محمد لم يروي عنه الكثير من الاحاديث ثم لو نظرنا الى أمر آخر وهو تردي الثقافة العلمية في العصر العباسي خاصة مع زوال البويهيين الذين يعتبروا أكثر الحكام المسلمين ليبرالية من حيث ظهور الكثير من المفكرين بعهدهم فكيف علينا أن نفسر ذلك إن ذلك مرتبط من حيث قدوم السلاجقة الذين كانوا حديثي عهد بالاسلام مما جعلهم أكثر تعصبا وزاد هذا التعصب ما يسمى بالإعتقاد القادري الذي لم يتقبل التعددية وهو انتقام الخليفة السني من الشيعة عامة والزيدية خاصة وانتقام من المعتزلة الذين أثروا الفكر الزيدي وانتقام من الفلاسفة وقد استفاد السامانيون من هذا الاعتقاد بملاحقة اتباع ابن سينا وذلك مع ظهور الاعتقاد لأول مرة وذلك في اواخر العصر البويهي وقد أعيد قراءته بعصر السلاجقة مرتين كتأكيد وهنا علينا أن ننوه أن بغداد كانت مسرحا للاشتباكات الطائفية بين اتباع الخليفة السني وأتباع الامير البويهي الشيعي ولا ننسى ما لحق الخلفاء على أيدي البويهيين من تنكيل وقد كان مجيء السلاجقة بادرة امل خاصة بعد حادثة البساسيري مما زاد حنق أهل السنة على مخالفيهم بالرغم من أن هذا الحنق بدأ به الخلفاء الذين قمعوا الفكر المعارض لهم بشدة ويدلنا على ذلك مسألة ديوان الزندقة في عصر المهدي ومابعده.لقد كان لمجيء السلاجقة دور هام في تردي الحركة العلمية وطغيان الأصولية الدينية ولكن هذه الحركة أقصد الحركة العلمية بقي منها قبس قليل أخذ بالاضمحلال شيئا فشيئا خاصةمع صدمة الغزو الافرنجي للمنطقة مما أثار في النفوس الرعب فأخذ الناس يتجهون الى ((الجهاد)) والتزهد ولا ننسى ما للأوضاع الاقتصادية من دور بالاتجاه اليهما فقد أثقل كاهل الناس بالضرائب المفروضة والضرائب الجمركية خاصة بعد الانقسام الذي حل في العالم الاسلامي ففي بلاد الشام كانت كل مدينة كبيرة دولة اضافة الى الحروب الداخلية بين المسلمين أنفسهم من جهة ومن جهة أخرى مع الصليبيين هذه الحروب أنهكت الناس من حيث زيادة الضرائب وما حل بالاراضي وهذا يجب أن نأخذه بعين الاعتبار عندما تكلمنا عن ابن تيمية الا أننا ذكرناه هنا هذه الأوضاع أدت الى الاتجاه نحو الجهاد أو التصوف والتزهد مما أدى الى شبه شلل للحركة العلمية فكلا الأمرين لا يركزان على العلم من حيث العلم الحقيقي ثم إننا لا ننسى تشجيع الزنكيين والأيوبيين على بناء المدارس الدينية لمحاربة التشيع من جهة ولإظهار أنفسهم كحماة للمنطقة من جهة أخرى والأهم هو تأجيج الشعور الديني لمحاربة الصليبيين وتكوين جبهة داخلية موحدة ولو بالدين وقد نجح الأيوبيين بذلك وهنا ننوه أن بعض الفقهاء جعل من الأيوبيين الأكراد أمويين مروانيين وذلك للتقرب منهم ولإضفاء الشرعية عليهم ثم لاننسى التنويه لما فعله صلاح الدين من قتل للسهروردي وهذا ما يحيلنا الى النقطة الثالثة قتل المخالف للدين.
لقد سمعنا كثيرا ما حل بفرج فودة ومن حاول قتل نجيب محفوظ وكفر طه حسين ومن أهدر دم سيد القمني ونوال السعداوي ومن هاجم فكر محمد أركون وتلميذه هاشم صالح ومن حاول قتل القصيمي ومن أرادوا اغتيال سليمان رشدي هذا من جهة الداخل إنهم لا يريدون احدا مختلفا فهم قدسوا دون أن يعرفوا لماذا ظهر الأصل ولهذا أصبح الاصل خطا أحمرا يمنع تجاوزه وكان لتوقف الحركة العلمية واضمحلالها وغيابها عن الساحة دور لعدم ظهور مرحلة تنوير فقد أصبح الخطاب خطابا عاطفيا مما أدى الى غياب العقل لهذا فشلت كل عملية لولادة مرحلة تنويرية ولا ننسى ما كان للاستعمار من دور وما حل بالجماهير من صدمة من حيث القضية الفلسطينية وما حل من تقسيم للدول العربية وانحراف الحركات اليسارية والقومية وخيانة الرفاق لبعضهم وتناسي تشذيب الدين هذه العوامل أدت لبقاء الاسلام الأصولي وتعشيشه فكانت الجماعات المتطرفة وليدة له ولا ننسى التنويه لقضية أفغانستان التي كان لها افرازاتها الحالية هذا الاسلام يعتبر المخالف ضده وبناءا عليه فهو ضد العالم وضد نفسه فهم يكفرون بعضهم من جهة ويتقربون بدماء بعضهم وغيرهم للاله كل هذا يبين أننا لسنا جاهزون إطلاقا.
وقبل أن أنهي كلامي فإن الأديان الموجودة في المنطقة لا تقل تطرفا عن الإسلام وذلك لأمرين الأول البنية العقلية للانسان الشرق أوسطي والثاني الفعل المتطرف الموجود الذي يتطلب ردا متطرفا على كل حال علينا انتظار الطاغية المستنير هنا تبدأ الولادة هنا يبدأ التنوير.
وبالنهاية المقال طويل وقليلون هم من سيقرأونه مما سيحيلنا الى السبب الرابع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال