الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض الأبتذال العالمي

مينا يسري

2015 / 10 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الابتذال في الحياة اليومية أصبح شيء ليس بجديد
وخاصة في أحاديث الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا هم الوحيدين الذين يقولون كلاماً خالي من الابتذال
يقولون في الشوارع وفى الميادين وعلى المنابر وفي استوديوهات المحطات الفضائية الضخمة كلام مثل "عيش حرية عدالة اجتماعيه"، "ضد الظلم والجهل والفساد" ، "مقاومة الفقر والاحتياج" ،"جميعنا اخوه"
وتعبيرات اجتماعيه وسياسيه كثيرة فقدت معناها من كثرة مرورها على ألسن الأشخاص ، اعتقد أننا علينا أن نبدأ بالتفكير الآن
لأن الناس اعتادت الابتذال ، بل حين لا تقول الكلام المبتذل لا يصدقونك ،كمرشح انتخابي او رجل دين عليك أن تصب كل الهراء الذي يصبه الآخرين ، إن لم تفعل هذا ويسمعون منك كل التعبيرات التي فقدت معناها بمرور الوقت سيظنون أن هناك خطأ ما ،ويبدأ الناس بالتساؤل ، التعبيرات المبتذلة اخترقت إلي حد كبير دائرة السياسة ،ودائرة رجال الدين ، كل شيء أصبح مبتذل، أنت تطالب وتأمر وتنصح ، ولكنك لم تقدم حلول بديله مدروسة لكل شيء ، الأسلوب المبتذل في الحديث جعلنا نستخدم نفس المفردات بشكل متكرر ، مما وضعنا في إطار محدودية التفكير
كتب جورج أوريل في رواية "1984" حول علاقة اللغة بالسياسة
أن كلما قلت مفردات اللغة كلما أصبح التفكير أقل ، الشيء الملموس الآن في المجتمعات هو تحول الابتذال من اللغة إلي حياة الأشخاص مما يجعلك تتيقن أن التفكير بنفسه أصبح مبتذل
البداية الأولي كانت في المفردات والكلمات ثم تحولت لأسلوب ثم إلي حياة بالكامل ، لذلك لا يكذب الفيلسوف "سلافوي جيجك " حين يقول "كل الأشياء أصبحت مبتذله حتى الحديث عن الحرية ،فالحرية يجب أن يعاد ابتكارها وليس التحدث عنها"
تجد خاصة في مجتمعنا الشرقي معظم المؤلفين والكتاب متشابهون وكم كبير من المذيعين والصحفيين والمصورين متشابهين
الأمر هو أن الأفكار بالكامل أصبحت مبتذله ومملة وبلا فائدة
نحن نسير في اتجاه تكراري ، كل شيء يتكرر ويعيد نفسه
لذلك علينا أن نبدأ بالتفكير الآن ، ونتوصل لنتائج مختلفة وأساليب مختلفة ، مما يجعل لديك مساحة أكبر من الإبداع والابتكار متعددة الألوان ، تصبح الحياة ذات شكل مختلف
وهذا يتطلب مجهود كبير جداً من التفكير والعمل على الأفكار وتطبيقها وخاصة في ظل الأنظمة الرأسمالية والتي تدعم وبقوة الابتذال في الحياة ، فبشكل عام هناك 20% من سكان الأرض يتحكمون في ال 80% الباقيين مما يعنى ان خروجك بأفكار وابتكارات قد تهدد قوة الـ 20% او أي فئة منهم سواء كانو رجال دين او سياسيين او حتى أشخاص ماتوا ولكنهم مستمرين فى استعباد الآخرين ، فهؤلاء الأشخاص يسيطرون على كل شيء حتى يصب في إناء قوتهم، كل شيء يتحكمون فيه الثقافة ،الفن،العلاقات الاجتماعية ،الاحتياجات البشرية ، حتى تصبح عجلة الفن على سبيل المثال تقوم بدورها الأزلي التي كانت تقوم به دوما وهو تمجيد الأشخاص ،الملوك ،الرؤساء،رجال الدين والحكام ، يكتبون عنهم القصائد، يغنون من أجلهم وبأسمائهم ،يرسمون لهم اللوحات ، يكتبون مجلدات ومجلدات عن أعمالهم العظيمة وفلسفتهم القوية في الحياة التي كانت سبباً في أن يصبحوا على ما هم عليه وكانت سبباً في تحريرنا من الخرافات السابقة بالرغم من أنها وضعتنا في خرافات جديدة ولكن لا بأس ، يصورون الأفلام ويخرجونها من أجلهم ،يظهرون كم كانوا يعيشون معاناة حقيقية في تلك الأفلام حتى وصلوا لهذا المنصب بالتحديد ويقود كل منهم شعباً أو فئة من الناس ، تدور وتدور عجلة الفن ويحيا الزعيم ، تدور عجلة الفن من أجل الزعيم ،أيا كان من هو ذلك الزعيم المهم أن يحمل أي سلطة من نوع ما ، الزعيم الذي يعمل لديه هؤلاء ا لأشخاص الذين يقومون بتأسيس أكاذيب محكمة البناء من أجل تقويته وضمان بقائه ، هل ستقومون بثورة ؟ عليكم أن تعرفوا أن كذلك الأمر يحدث بالنسبة للثورة ، يمجدون الثورة وقواد الثورة يلعنون الأيام السابقة قبل الثورة ،ويقولون أن الجنة فتحت أبوابها بقيام الثورة ، ثم يصابون بالملل ويقومون بثورة جديدة ويقولون نفس الأحاديث الجانبية و يغنون نفس الأغاني بلحن أخر ويضيفون إليها أسم الزعيم الجديد ، تمجيد وعبودية الثورة والغناء من أجلها والرقص والتمثيل وتأليف الكتب واللوحات والإعلانات و..الخ ، نحن نقوم بثورة ونقضي وقتنا في تمجيدها ثم نقوم بأخرى ولا نحاول أن ننجح الثورة بقدرتنا على الإنتاج وبناء الحضارة ، الكثير من الثورات ولكنها لم تؤدى سوى للأسوأ حتى صارت تجارتنا تعتمد على الثورة ، مبايعات الأغاني والأفلام التي تمجد الثورة ، الانتخابات الجديدة والحكام الجدد ، كل هذا ينتعش في أيام الثورة ، كل تلك الأسباب الأساسية والقوية التي جعلت الحياة البشرية تعاني الابتذال في التفكير وأسلوب الحياة والحديث والابتكار ، كل شيء يعاد ويتكرر حتى الأفلام والأغاني القديمة التي كانت مجرد أشياء عادية يعاد إنتاجها من جديد بالرغم من أن محتواها لم يكن مبهر بالشكل المتخيل
متى بدأنا باستخدام مفرداتنا بشكل مختلف ، سيتحول اتجاه التفكير العقلي إلي أسلوب مختلف أيضاُ ، الأمور كلها مرتبطة ببعضها البعض ،الحديث،التفكير ،أسلوب الحياة ، نظام المجتمع بالكامل
حتى نتخلص من الحياة المبتذلة علينا أن نتحدث بشكل مختلف وعملي
خاصة السياسيين ،رجال الدين، المذيعين ،الكتاب والفنانين في كل المجالات ،حتى المواضيع الاعتيادية علينا تطبيقها بأسلوب مختلف إن أردنا أن نظهر قدرتنا على التفكير المختلف
علينا فقط أن نفعل شيء واحد ، علينا أن نبدأ بالتفكير الآن ، أصحاب السلطان من أي نوع لن يستجيبوا لهذا لكن بإمكاننا نحن أن نستجيب ، أن نحرمهم من سلطانهم ، اكبر مخاوفهم أن تتهدم كراسيهم ، واكبر مخاوفكم انتم ، أن تتهدم أوهامكم أمام أعينكم ، أن تعرفوا أن كل ما دافعتم عنه باستماتة هو مجرد هراء لا وجود له ، عقولكم ترفض التصديق لأنها تخاف ، تخاف أن يتهدم كل وهم كان جزء من حياتكم ولكن الحقيقة وما يجب أن تعرفوه أن كل هذه المفاهيم مجرد أوهام حاولوا أن تعرفوا ، أن تفكروا ، عكس التيار وستدركون أن أوهامهم ما هي إلا وقود يحافظ على سلطة هؤلاء الناس
أخاطب العقلاء ،المستنيرين ، هم يعرفون أنفسهم ، هاجموا وبقوة ،أي سلطان استبدادي من أي نوع ، قوموا بحركات تنوير ، وحين يكتشف الناس أن كل ما يدافعون عنه مجرد وهم حينها ستتهدم الكراسي من أسفل كل رجل ذو سلطان وتتغير المعادلة ، من حياة مبتذلة ، أفكار متكررة ، أحاديث ليس لها قيمة ، تبعية بلهاء ، إلي فراغ واسع من الإبداع ، قدرة على الابتكار ، قوة للعيش بحرية ، طاقة للقيادة وتجديد كل شيء ، ببساطة سيتبدل أسلوب الحياة الحيواني إلي أسلوب أكثر أدمية ، أنا أقوم بهذا من خلال مقالتي وكتاباتي ، وانتم أيها المتنورين قوموا بذلك من خلال لوحاتكم أغانيكم أفلامكم كلماتكم إن كانت مؤثرة صوركم ولوحاتكم ، كلما كان الأمر بقوة كلما كانت فعاليته أكبر..علينا أن نبدأ التفكير الآن حتى تتغير الحياة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-