الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومن فرط بالدين غير المتدينين

دروست عزت

2015 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول الشيخ والداعية أحمد ديدات رحمه الله : (نحن لسنا متخلفون عن الغرب, نحن متخلفون عن الإسلام, ما تخلفنا عن العالم وتأخرنا إلا بعد تفريطنا في ديننا ) ...
لا .. يا شيخنا الوقور:
وما البنيان المرصوص إلا صلابة لبنيانه .. وإن كان البنيان سليماً يبقى قوة الفكر لدى المعتنقين إيماناً.. وما الإيمان إلا قناعة وممارسة المقتنعين .. وتبقى نصوص الفكر سكة للطريقهم وبوصلة للتوجيههم .. وإلا ستبقى النفوس الضعيفة مولودة للفكرالنصوص .. وهنا نقول : إذا كان تخلف المسلمين سببه هو أنهم متخلفون عن الإسلام .. فيعني ذلك إن هناك مسافات لا تقاس بينهم وبين الآخرين ( الغرب ) فإذا كان بين المسلمين وبين الإسلام مسافة حسب تقديراتك .. فبالتأكيد ستكون هناك مسافة بين المسلمين والغرب العلماني سنوات ضوئية ( فلا داعي ولا نحتاج للإستشهادات ) ..
وهنا يجب أن نفكر بأنهم لم يستفيدوا من تجاربهم ولا تجارب العالم من خلال سيرورة التاريخ الذي مروا فيه المسلمون من فشل ٍ في معتقداتهم .. وفشل ٍ في إدارة دولهم .. وفشل ٍ على مستوى الإجتماعي وقتل نصفه الآخر خلف الحجاب وفي زوايا البيوت .. وفشلٍ على مستوى الفكري والإرشادي والسلوكيات السلاطين في دواينهم وتعاملهم مع السبايا والنساء والجواري ودسائيس والمؤمرات التي كانت تُحبِك ضد بعضهم من أجل السلطة والحياة الدنيا وملذاتها..

فمن بداية ساعات رحيل قائدهم محمد بن عبد الله كان صراع المسلمين من حوله وبقربه يُحبك مخططاته ضد بعضهم البعض .. وأدت تلك المخططات إلى قتل الخلفاء الراشدين واحداً تلو الآخر حتى أنقسم المسلمون إلى السنة والشيعة .. ومنهما أمتدت المذاهب والطرق ومجموعات حتى أصبح المسلمون سلطانات ودول ودويلات وإمارات وهكذا تكاثرت فيهم دودة المصالح والمؤامرات .. وكانت ثوراتهم ضد بعضهم لم تنتهي ومازالت تقاد حروبها القديمة بجديدها ولاتحصد من بعضها غير الحقد والكراهية والدسائيس وكشفت حقيقة مآربهم في التوسع من أجل أطماعهم وليس من أجل الله ..

فعن أي شيءٍ تتحدث وتقارن تأخرهم عن الآخرين بالتفريط .. أوليس الإيمان قوة الممارسة عند المعنقين بالنصوص قناعة .. أوليس الإقرار بالتفريط هو دليل ٌ قاطع على عدم صحة الإيمان بالنصوص التي شوهت نفوس حاملها .. هل إستطاع المسلمون يوماً معالجة مشاكل الأقوام والشعوب التي تشكلت أمتهم منها .. أم قمعها وداس على كل معالمها بحجة الفكر وأوامر الله .. وهل بقيت قومية واحدة سالمة من الإنصهار في فكرهم القومي العنصري بحجة إخوة الشعوب والدين الواحد .. أم كانت القومية الوحيدة هي تلك القومية التي بدأت بنشر لغتها وثقافتها بالتسلط والقوة وأستغلت كل شيءٍ لصالحها بنصوصها لتتسيد على الكل ..
فعممت لغتها بشكل عنصري لا يليق بالرسائل الله ولا بسلامة الإنسان .. وغيرت معالم وأسماء البشر والحجر والشجر تحت مظلة حلالها وحرامها وأسماء المباركة .. و بذلك قضت على تاريخ وعادات الأقوام وثقافاتها لتتمكن أكثر وللتجذر في الأجيال القادمة .. وقمعت أديان أخرى كالإيزيدية التي كانت قبلها بثلاثة ألاف سنة والمسيحية واليهودية وشوهت الكل بشكل متناقض لتبقى الساحة لها .. وهكذا طالت سيطرتها وحروبها ومؤامراتها السلطوية بين بعضهم البعض من جهة وبين مذاهبها من جهة أخرى على حساب جغرافية الشعوب ودمائها وإنصهارها ..
أما عن ما تريد أن تلمح إليه بأن المسلمين كانوا في مرحلة ما متقدمون على غيرهم .. فنقول : نعم هذا صحيح إن قرنت خلافة بخلافة أخرى من جهة الإستقرارالوضع .. نعم : كان هناك وضع بعضها أفضل من غيرها في الإستقرار حسب التوسع وحسب القوة والسيطرة والتمكن .. وكلما كان الإستقرار كلما كانت الإنجازات .. ولكن ليس بتلك الإنجازات المهمة لتذكر في التاريخ عن القوانين والتطور العقل والعلاقات والمفاهيم حسب حاجة الزمن والمرحلة لفائدة البشر .. والشيء الوحيد والبارز وقتها هو ترجمة بعض الكتب لفلاسفة اليونانيين ووضع قوانين ومعادلات الحسابية وكشف دورة الدم ولكن علينا أن لا ننسى بأن العلم كان موجوداً ولكن الأهتمام بالعلماء كان قليلاً .. وعندما زاد الاهتمام زادت الإنكشافات .. و الإنجازات كانت شبه منافسة لسقوط ودحر بعضها البعض ( الخلافة في دمشق والخلافة في بغداد ) .. وكل ذلك لم يطرأ أي تغير في وسط الناس من الإنفتاح نحو تحرر فكرهم من جمودهم العقائدي .. لا على مستوى الإجتماعي ولا الفكري ولا الثقافي وكان محرم على الناس كل ما هو خارج نصوصهم .. إلا ما كان يفرضه الواقع على الخليفة والحكام .. وبقي كل شيء في قوقعة الحكام ودسائسهم الدنيوية بأسم النصوص ..
بعكس المسيحية وقتها بالرغم الصراعات بين مذاهبها بشكل دموي متخلف في تلك العهود ولكنها كانت هناك من يطالبون بالتغيرات ضد الباباوية ويضعون القوانين لمجتمعاتهم ويقلصون سلطات الكنيسة على المجتمع ويدرسون العلم والفلسفة خارج الأنجيل, ونقول أيضاً :
إن المسيحية لم تكن أقل ظلماً وتحكماً على العباد والبلاد .. وهي أيضاً أنقسمت على ذاتها من أجل مصالحها ولم تأبه بالإله ولا بالكتب (الاناجيل ) .. ومازالت تسعى لتطحش بالإسلام حتى تحل محلها في المنطقة ( أسيا .. افريقيا .. أوروبا ) .. لأن الأديان سلاح للتوسع والاطماع وليست للفكر ولسلامة الإنسان ..

لا .. يا سيد أحمد ديدات المحترم .. بالرغم إنني أحترمك وأعتبرك مسلم متنور في عصرك, وإنك قد تخطيت بخطواتٍ عن أولئك التجار الدين في جامعتي الأزهر ( الأزعر ) والزيتونة وغيرهم من الشيوخ اللذين يحملون على رؤوسهم قبباً من القماش الملفوف في الحسينيات والمساجد ..
اقول : ليس بالتفريط حصل ما حصل مع المسلمين بل بالتفكير ٍ .. فمن الغزالي المناهض والأشعري الرافض والقرامطة والبرامكة الثائرون ومحي الدين العربي وإبن خلدون والافغاني و شيخ محمد عبدو والكواكبي المعارضون لكثير من أفكار التي تدونت بأسم النصوص , وكل هؤلاء لم يكونوا متفرطين بل كانوا هم من الباحثين المتعمقين في الفكر الذي طرح وفرض بقوة السيف وبقية كقوة إرهابٍ على النفوس ليخفون ضعف ما بين سطور النصوص ..

دروست عزت / السويد / كاليستاد
24/10/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج