الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو علي

وديان عثمان

2015 / 10 / 28
المجتمع المدني


"مش كل مين ربى بيلاقي... والله يعين اللي ما بيلاقي!" ، مثل شعبي من الأمثال المتداولة والتي نسمعها منذ الصغر. هناك من الأهالي من يربي أولاده تربية حسنة ليجدهم إلى جانبه أثناء الكبر والعجز، وهناك من يربي بدموع العين ويبقى في الكبر لوحده! أبو علي من النوع الثاني... قصته شغلت بالي منذ فترة!
أبو علي أذكره، كما غيري من أبناء منطقة راشيا، منذ ما يقارب العشرين عاما وحتى السنة الماضية كان يعمل سائق لحافلة إحدى المدارس المعروفة في المنطقة. أبو علي لا تنساه أجيال ركبت هذه الحافلة ذهابا وإيابا، فهو رغم عنائه وتعبه لم تكن البسمة تفارق وجهه، ولم يكن يظهر تعبه أمام الطلاب، بل كان دائما يظهر المحبة ويزرع البهجة في نفوس الطلاب، لا بل كان يحدثهم عن مستقبل زاهر أمامهم.
تتكون أسرة أبو علي من ثلاثة شباب وشابة واحدة، توفيت زوجته منذ حوالي سبعة سنوات وعاد ليتزوج بأخرى خوفا من الوحدة! أبو علي عمل بكد ونشاط ليربي أولاده ويقول: "أنا بس بدي شوفن حدي بس اكبر". كبر أبو علي ولم يجد الى جانبه الا ابنته وعائلتها. ابنته التي غمرته بلطف كما كان يغمر أبنائه في الصغر، أما أولاده الثلاثة فتزوجوا (ولحقوا نسوانن) كما يقول أبو علي بحزن وألم. ولكن أبو علي لا يزال الى جانبهم. فبالرغم من وضعه الصحي المتدهور ومعاناته مع السكري والضغط ومشاكل قلبية إلا أنه يساعدهم على الدوام. التقيته صدفة ثاني أيام العيد وهو يساعد ابنه الثلاثيني على بيع ’ سندويشات البطاطا ) للأولاد الصغار! نعم هذا هو ابو علي نفسه الذي لم يفكر ابنه هذا ان يحضر وعائلته الإفطار ليفطر مع والده الا مرة واحدة خلال شهر رمضان!! أما ابنه الآخر فبعد ان أسس عائلته حصل خلاف بينه وبين زوجته فتركها وهاجر الى بلاد أميركا اللاتينية ولا يذكر والده الا بالمال القليل، وترك خلفه امرأة و3 أولاد لا يلقون نظرة على والده الا كل عدة أشهر! أما الصغير الذي تزوج منذ أقل من عامين يقضي معظم وقته بين العمل ومنزل حماه!
أبو علي لا يغضب من أبنائه رغم كل التقصير بل تسمعه دائما يدعي لهم بالتوفيق والسعادة ويقول من الصعب جدا على الأب أن يغضب على فلذات كبده خاصة بعد وفاة الأم حين يصبح على الزوج أداء دور الأب والأم معا! أبو علي يعشق الكلمة الجميلةـ وهو الذي دائما كان يحدث الصغار بكلمات جميلة وممتعة لذلك فهو لا يأبه إن كان أولاده لا يأتونه بالمال أو بالطعام، بل يعتبر أن كلمة حنونة وطيبة منهم تساوي كنوز الدنيا. نعم فهو لطالما حدث الطلاب الصغار قائلا لهم: افعلوا ما تشاؤون في الكبر ولكن لا تنسوا الكلمة الحسنة والطيبة! ولكنه يفتقد لسماعها اليوم من أقرب الأشخاص له!
أبو علي، ومثله كثر ، لا تجري حياتهم كما يتمنون ويحبون، ولكن تكفي منه كلمة واحدة تدل على عطف الأب وحنان الأم ( الله لا يجربن!). ما يقوله أبو علي يحمل الكثير من المعاني، فهو لا يتمنى لأولاده ما يحصل به - أو بالأصح ما فعلوا به. ولكن هذا لا يدل أن ما فعله أبنائه هو الصح!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار واشنطن وقف بعض شحنات الأسل


.. بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد




.. كاميرا العربية ترصد أوضاع النازحين في مخيم المواصي


.. مستوطنون يعتدون على مقر وكالة الأونروا في حي الشيخ جراح بالق




.. بعد فض اعتصامهم.. طلاب من جامعة السوربون يتظاهرون أمام مقر ب