الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكبة النازحين : بين غضب السماء وتجاهل الحكومة

دهام محمد العزاوي

2015 / 10 / 30
المجتمع المدني


نكبة النازحين : بين غضب السماء وتجاهل الحكومة
د.دهام محمد العزاوي
المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق
بين غضب السماء وتجاهل الحكومة تتنوع نكبة النازحين .. ففي كل عام يتكرر مشهد غرق العاصمة بغداد كما بقية محافظات العراق في مشهد يعبر عما ماوصل اليه واقع بغداد من انهاك وفساد وتاكل في كل مناحي الحياة الخدمية . ومع ازدياد المحنة هذا العام تبرز الى العلن محنة النازحين القاطنين في بغداد والمعذبين بين نار الايجارات المرتفعة وماساة السكن في مخيمات النازحين في مناطق بغداد المختلفة ، ومع هطول الامطار وبكثافة وغرق معظم احياء بغداد ، يبرز السؤال المعتاد للحكومة العراقية ووزاراتها المعنية بالواقع الخدمي والانساني ، اين استعداداتك لمعالجة ملف النازحين على مستوى الخدمات ومواجهة الظروف الطارئة كالامطار والحرائق والثلوج ؟ وهل ستحل ازمة النزوح والتهجير مع انتهاء العمليات العسكرية بحيث تعود العوائل الى مناطقها التي تتحرر من الارهاب؟ مشكلتنا اليوم كمعنيين في مراقبة حقوق الانسان اننا لاندري على من تقع مسالة حل ازمة النازحين ؟ بعد ان اخذت تطغى ملفات اخرى باتت اكثر اهمية كما يبدو من اعادة النازحين الى ديارهم . الحكومة منشغلة بالحديث عن انتصارات عسكرية في الانبار وصلاح الدين وهو امر في غاية الاهمية ويعطي اشارات مهمة على نهاية الارهاب ، ولكن من الخطا ان لاتتحدث الحكومة عن اجراءات مرافقة لتلك الانتصارات لاعادة تاهيل تلك المناطق المحررة بالخدمات الاساسية للحياة وبما يمكن من اعادة ملايين الناس اليها ، فالى اليوم معالجات الحكومة ترقيعية ولاترتقي الى مستوى استراتيجية ثابتة تحقق الاستقرار للنازحين سواء في اماكن تواجدهم او في اعادتهم الى مناطقهم . فلم نعد نسمع اي رؤية حكومية لتقديم دعم مالي يتوافق مع الحجم الحقيقي لازمة النزوح سواء بتجديد منحة المليون او بناء مخيمات جديدة تتسع للاعداد الجديدة المتدفقة يوميا من المناطق المحررة من قبضة داعش ، ولم نعد نرى دعما حكوميا لبرامج تعليم ابناء النازحين ببناء مدارس في اماكن النزوح لمئات الاف الطلاب الذين هدمت مدارسهم وهم للسنة الثانية او الثالثة بلا تعليم ، كذلك لانرى حديثا من وزارة الصحة لتقديم الخدمات الطبية وبرامج التاهيل النفسي للمرضى والمصابين من النازحين وكذلك للذين تعرضوا الى خطف واغتصاب مثل الايزيديات الناجيات من قبضة وارهاب داعش ، كما لانسمع الا ماندر حديثا عن اعادة عشرات الاف العوائل الى مناطقها الامنة والمحررة من اشهر في صلاح الدين في امري وسليمان بيك ويثرب وعزيز بلد والرواشد وغيرها ، ولم نجد اهتماما حكوميا بالحديث عن خطة مستقبلية للتعامل الجاد مع ازمة النزوح المتوقعة من محافظة الموصل والتي نعتقد انها ستشكل كارثة انسانية كبرى بسبب الاعداد المتوقع نزوحها . من هذا المنطلق يمكن وصف عام 2016 بانه سيكون عام النكبة للنازحين اذ سيترك اثره البين والواضح على واقعهم المعيشي والصحي والتعليمي .
ولايخفى ان الازمة المالية العالمية وتفاقم ازمة النازحين السوريين ستضرب باطنابها على واقع النزوح في العراق ، فمن المعلوم ان انظار المنظمات الدولية باتت تتجه اكثر نحو ازمة النزوح السورية لاسيما وانها اخذت تلقي بظلالها على الامن الدولي والاوربي من خلال اعداد المهاجرين السوريين الى اوربا ، ولهذا نعتقد ان الدعم الدولي للنازحين العراقيين سوف لن يكون بالمستوى المطلوب ، وهنا اود ان اشير الى ان منظمة الهجرة الدولية IOM والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين قدمت الى الاتحاد الاوربي طلبا للحصول على دعم لنازحي العراق ب 500 مليون دولار ، لكن المعلومات التي لدينا تؤكد بان الاتحاد الاوربي قدم وعودا بانه سيمنح تلك المنظمات مايقارب 100 مليون دولار وهذه من الامور التي تجعلنا نتشائم حيال تحسن واقع النزوح في العراق .
اما بخصوص منظمات المجتمع المدني العراقي فبعضها كان دورها فعالا وقامت بنشاطات انسانية مهمة وفي مختلف المجالات ولاسيما منظمة حمورابي ومنظمة نساء بغداد ومنظمة المراة لخير المراة وغيرها ، الا ان محدودية مواردها واتساع اعداد ومتطلبات النازحين تفوق قدرة هذه المنظمات على لعب دور فعال ومؤثر في التخفيف من اثر ازمة النزوح ، وهذا الحال ينطبق كذلك على المنظمات الدولية والاوربية غير الحكومية فبسبب تاثير ازمة المهاجرين السوريين على اوربا فان اهتماماتها انصبت على معالجة الاثار الانسانية للسوريين على الواقع الاوربي .
يبقى لدينا القول ان هناك مفاتيح للحل على الحكومة العراقية ان لاتتجاهلها ، وفي مقدمتها حسب راينا :
1- شمول النازحين بمنحة مليون دينار عراقي جديدة واستكمال اجراءات منح المنحة القديمة والتي لازالت الكثير من العوائل لم تستلمها الى الان .
2- شمول النازحين وممن لايملكون اي مورد دخل ثابت باالاعانات المالية لشبكة الحماية الاجتماعية التي تطلقها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كل ثلاث اشهر ، حتى ولو كانت تلك الاعانات على القانون القديم .
3- التعجيل بالجهد العسكري وتحرير المناطق التي تسيطر عليها عصابات داعش الارهابية وتاهيل تلك المناطق بالخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وصحة لكي يعود سكانها اليها لمسك الارض وتبني استراتيجية الدفاع عن النفس .
4- التعجيل باعادة السكان الى المناطق التي تم تحريرها من مدة طويلة في محافظة صلاح الدين في سليمان بيك وامرلي ويثرب وعزيز بلد والوراشد والجويزرات والاسراع بصرف مبالغ التعويض للشهداء والجرحى لكي يعود الاهالي لتلك المناطق ويمسكوا بالارض ، اذ ان بقاء سكان تلك المناطق بعيدا عنها كفيل بتزويد داعش باعداد كبيرة من الشباب المحبطين والمشبعين بالحقد والكراهية اوانه يدفع الشباب الى مزيد من الهجرة خارج العراق وفي كلتا الحالتين فان العراق هو الخاسر الوحيد .
5- اذا كانت الحكومة تعلن ان ميزانيتها لاتكفي لاعانة النازحين ، فمن الاولى ان يصار الى استثمار الاموال المصروفة الى صندوق اعادة اعمار المناطق المحررة والمتضررة من العمليات العسكرية والارهابية والذي يراسه د.عبد الباسط تركي ، فلماذا انشيء هذا الصندوق والى متى تبقى امواله مجمده ؟ اليس من الاولى توجيه اموال الصندوق لاغاثة النازحين في هذا الظرف المعقد والصعب . ان استمرار ازمة النازحين وبهذا الشكل الماساوي يضع عبئا اخلاقيا وانسانيا يجب على الحكومة معالجته قبل فوات الاوان وقبل ان تصل حدود الاحباط والياس عند النازحين حدا سيؤثر حتما على مستقبل العراق والتعايش بين العراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح