الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في الدولة والدين والقومية

مالوم ابو رغيف

2015 / 11 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القومية كمفردة عربية وكما يدل لفظها مشتقة من القوم (Folk) ولام التعريف ضرورية هنا، ذلك انها تشير الى الانتماء لقوم معينين وتحمل ضمنيا جانبها السلبي وان اردت جانبها الايجابي.
فــ (الـ) في (القوم) تشير الى تعريف لجماعة الناس المتوحدين في الصواب وفي الخطأ، على الحق وعلى الباطل، وفي السراء وفي الضراء، وما جاء على لسان النبي محمد في حديث انصر اخاك ظالما او مظلوما هو جوهر القومية ومادتها الاساسية التي توحد جماعة القوم بغض النظر عن مبدأ الحق(وهذا ما عنيناه بالجانب السلبي) بمعنى ان الحق كمفهوم للعدل والانصاف الانساني ليس له مكان في الفهم الشرقي للقوميات، فهي، اي القوميات، استندت على اعراف وليس على الفهم القانوني للحقوق.
ان احد اسباب عدم نشوء الدولة في العراق مثلا هو عدم امكان تحقيق سيادتها. اذ ان السيادة لا تتحق الا عندما يتم تجاوز اعراف العشيرة وتعليمات الاديان وفرض القانون على جميع ما يسمى بمكونات، ذلك ان الاعراف اكانت دينية او عشائرية تتناقض مع الحق العام الذي يمثل هيبة الدولة، فعرف القبيلة تجسيد لحقها الخاص الذي يمكن التنازل عنه او الاتفاق على تسويته دون الاخذ بالاعتبار عواقب تاثيراته اللاحقة على المجتمع.
كذلك الدين الاسلامي هو الآخر له اعرافه الاجتماعية والتشريعة الخاصة التي تختلف عن قوانين الدولة مثل سن الزواج او قانون الوراثة ومساواة الرجل مع المراة او تبعية الدين. لذلك لا يمكن للدولة ان تشرع قانونا يستند على المفاضلة، تفضيل قومية على اخرى او دين على اخر لأن ذلك يخل بكونها دولة الجميع. ان اي قانون يخل بعمومية الدولة يعتبر مخلا بهيبة الدولة ايضا بصفتها ممثلا للحق العام.
ان ما يميز الدولة عن الحكومة هي ان الحكومة قد تكون تعددية، اكان طائفيا او حزبيا او قوميا، وذلك وفق الاتفاقات والاطارات الديمقراطية المعمول بها، لكن الدولة، لا يمكن ان تكون تعددية، ذلك انها سقف الحق الاعلى والذي يتساوى امامه جميع المنتمين اليها.
القومية الشرقية حسب فهمنا لها هي شعور بالانتماء، يزداد هذا الشعور ارتباطا كلما ضعف دور الدولة بصفتها كيان قانوني عام يضم الجميع دون النظر الى هذا (الجميع) كـمكونات اثنية او دينية او طائفيةـ وهنا تختلف القومية الشرقية عن تعريفها الغربي، اذ ان التعريف الغربي يفرق بين اثنين، بين (Nationality) المستند على الانتماء للدولة بصفتها كيان جامع وموحد لجميع المواطنين، فلا توجد Nationality خارج اطار الدولة، وبين الـعرق Ethnicity والتي تعني انتساب شخص ما الى بلاد او مجموعة قومية يلعب فيها الاصل العامل الحاسم، ان لم يكن قانونيا ففي الشعور الجمعي.
ويمكن ملاحظة الفرق الكبير بين الانتمائــين، اذ ان الحق في الـ Nationality يستند على الانتماء للدولة، بينما يستند الحق في (العرق) على الانتماء للدم (الذي غالبا ما يشار له بالاصل). وعندما يستند الحق على الدم، فان ذلك يؤشر الى عنصرية تجد لها انعكاسا في ظواهر الافضليات المتعددة، مثل الافضلية اللغوية والثقافية والعشائرية والدينية او الاستهانات اللغوية والدينية والمعاشية..
كما يمكن الاشارة الى القوميات المنفتحة والقوميات المنغلقة، فالاولى هي تلك التي يمكن الانتماء اليها بعد اتقان لغتها، خاصة المجموعات المتشابهة السمات، بحيث لا تشكل سماتها ، مثل لون البشرة، علامات فارقة الى درجة التمييز، بينما المنغلقة تلك التي يكون فيها الاصل العامل الحاسم في قبول الانتماء او رفضه.
نشير هنا الى الوهابيين الذين رغم عدم احترامهم للانتماء القومي ومحاولتهم لاضعافه والتقليل من اهميته لصالح الانتماء الاسلامي، ذلك انه يركز على انتماءات اللغة وليس انتماءات الدين، لكن، وعندما يتعلق الامر بالشيعة، فانهم يعظمون الانتماء الى الاصل ويصنفون الشيعة بالفرس المجوس، ونعتقد ان الحديث الذي يكرره السنة والشيعة العرب، بينما يتناساه غير العرب ولا يذكرونه في خطبهم والذي يقول لقد فضل الله العرب على العجم لأن محمد منهم، هو حديث خبيث منتحل المقصود به الاستعلاء العرقي.
نشير ايضا، بأن رغم تعارض الوهابية مع التفكير القومي العربي، الا انها وعند اعتراضها على التدخل الايراني في سوريا، نلجأ الى تبرير تدخلها (هي) بكونها تنتمي الى نفس القومية العربية التي ينتمي لها الشعب السوري، بينما ايران فارسية المحد. ذلك يعني ان المصلحة السياسة تستبعد الدين عندما يكون الدين معرقلا للحصول عليها.
عندما يكون العامل الحاسم في الانتماء هو الاصل، فان ذلك يخلق تصدعا وتفككا في الانتماء للدولة، وخاصة عندما تلجأ القوميات الكبيرة الى التركيز على اصلها وفصلها وعائدية الوطن لها، فانها تخلق شعورا معاكسا للذين لا ينتمون لها يجنح الى تشكيل دولته القومية الخاصة باصله.
ومثلما يعلب الاصل دورا سلبيا في تفكك الدولة وبعثرتها، فان الدين، يلعب ايضا دورا سلبيا ليس فقط في تفكك الدولة، بل ايضا في تفكك علاقات الناس وتزايد التشتت حدة وتسارعا خاصة اذا ما استولت الاحزاب الاسلامية على السلطة.
ومثلما يثار السؤال القومي في حالات الاختلافات السياسية: من هو الاكثر اصالة وعراقة، فان السؤال الديني يثار ايضا وبنفس القوة من هو الاصح اسلاما والاكثر ايمانا.
ان الدولة المدنية يجب ان لا تكون القومية ولا الدين من مواد بنائها، اذ ان هاتان المادتان سيكونان اول المتسببات في احداث صدوع وشروخ في بناءها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مو مني كل الصوج من مذهبي والله
جلال البحراني ( 2015 / 11 / 1 - 17:56 )
أستاذ مالوم، الشيعة أيضا مذنبين فكلمة (الناصبي) على لسانهم و خطبهم و كتبهم جاهزة لوصف أي مختلف معهم بحق أولاد علي و فاطمة-العلويين-في أن يحكموا، إذا ليس سيد فليس له الحكم، بل نحن و أنتم جعلنا لهم (حوبة،،،! السيد) هههه
أعتقد بأن على المثقفين اليساريين وهم كثر جدا! (ولو بدى تعليقي خارج الموضوع) نقد الخطاب الخرافي للشيعة، والنبش بترهاتهم وسخافاتهم
ليس معقول أن نبقى هكذا للأبد، من يصدق بأن الكثير من عباقرة العرب والمسلمين شيعة، كالمتنبي، أين هم وأين نحن؟


2 - غرائز الإنسان تمنعه عن أن يكون كونياً في سلوكه
الحكيم البابلي ( 2015 / 11 / 1 - 18:55 )
الزميل العزيز مالوم أبو رغيف .. تحية
مفاهيم مقالك معقولة وحضارية رغم أنها لا تنطبق على غالبية البشر وحتى الكثير من المتحضرين منهم، حين نجدهم يعودون بصورة أو بأخرى إلى عرقهم وجذرهم ورسهم ولونهم ودينهم ودولتهم وقوميتهم وحتى إلى ما هو أصغر من كل بكثير .. إلى العشيرة والفخذ وغيرها كما هو موجود في أغلب المجتمعات القبلية المـتاخرة عن ركب الحضارة في الدول العربية كمثال

حتى هنا في أميركا وحين تحسب أن الناس كتلة إجتماعية واحدة، تجدهم يعودون لأصولهم ويتفرقون كما الماء والزيت حين يستدعي ألأمر ذلك !، فالأميركي الأسود مثلاً يُشجع ملاكماً من أفريقيا ضد الملاكم الأبيض الأميركي!!، وترى الإرلنديين تقوم قيامتهم ويملئون الملعب حين يكون هناك مصارع قادم من إيرلندا ليُصارع مصارعاً أميركياً!!، وهكذا في آلاف الأمثلة الأخرى
لقد عجزت الحضارة والثقافة والمدنية أن تصقل النفس البشرية، لإنها غريزة الإنسان ، وقليل من إستطاع أن يُروض نفسه على أن يكون كَونياً في طبعه وأخلاقه وأحاسيسه
ولكن .. حتماً هناك نِسَب ومقادير وفوارق ملحوظة بين الشعوب والناس والمجتمعات، وربما الشرقية هي الأتعس للأسف
كل الود .. طلعت ميشو


3 - النواصب والروافض
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 11 / 1 - 19:48 )
الاخ جلال البحراني
تحياتي
النواصب كما الروافض مصطلحات دينية طائفية غايتها الاعابة والشتم، لكن لا النواصب ولا الروافض تمسان الانتماء القومي. الشيعة لا يهتمون كثيرا بالقومية، وهذه حقيقة معروفة، فهم مرتبطون بالطائفة اكثر مما هم مرتبطون بالقومية، اعتقد ان ذلك كون الاغلبية العربية سنية الانتماء اضافة الى ان الاسلام بشكل السني اصبح احد تكوينات شخصية القومي العربي.ـ فابطال التاريخ القوميين غالبيتهم يحسبون على السنة
الشيعي القومي غالبا ما يكون علمانيا لا يرتبط بالدين الا بما ينسب الاخرون له
الحقيقة ايضا، ان الشيعة لا يطعنون بنسب العرب السنة الى القومية العربية، لكن العرب السنة دائما ما يطعنون بنسب الشيعة حتى لوكانوا من جزيرة العرب اي من السعودية
بالنسبة لاغلب المشهورين لم يكونوا اثنى عشرية، بل كانوا اسماعيليين ومنهم ابن سينا والمتنبي واخوان الصفا وغيرهم
تحياتي


4 - الشيوعيون وكرة القدم
مالوم ابو رغيف ( 2015 / 11 / 1 - 20:02 )
الاخ الحكيم البابلي
تحياتي
لا تنسى اخي العزيز بان امريكا ولغاية منتصف الستينات كان تحكمها الاعراف العنصرية
ولا تنسى ايضا تاريخ العبودية الامريكي المرير
على ما اعتقد ان عقلية المهاجر قد تكون هي التي تحكم العقلية الامريكية، والمهاجر يبقى مرتبطا باصوله العرقية الى اجيال متعددة الى ان يذوب في المجتمع
في الهند، وعندما كانت تجري لعبة الهوكي بين فريقي الهند الوطني والباكستاني الوطني كان المسلمون الهنود يشجعون الفريق الباكستاني لانه مسلم
لقد لاحظت ايضا، بان الشيوعيين كانوا يشجعون فريق الاتحاد السوفيتي لكرة القدم، وان خسر المباراة غالبا يا يجدون في تحيز الحكم مبررا لتلك الخسارة، هذا نوع من التعاطف الايديلوجي
اعتقد ان الدولة الامريكية رغم كل تشققات الاعراق والقوميات والانتماءات هي الكيان الاعلى في العقلية الامريكية وليس الانتماءات الجانبية، كذلك لا تشكل القومية اساس الانتماء في الدولة الامريكية مثلما الدولة الروسية او الالمانية او الفرنسية
تحياتي

اخر الافلام

.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا


.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي




.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية