الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أختام الروح: ( مقدمة )

روماني سمير
كاتب, باحث, شاعر, مبرمج

(Romany Samir)

2015 / 11 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


البشر كلهم بلا استثناء في بحث مضني بلا كلل عن حاجتين مفيش غيرهم .. حب يدي قبول .. وهوية تدي معني .. عشان كدة بقي في مننا اللي بيمسك في فكرة ويتبني طريق بيدافع عنها باستماته ويبرر ويحاجي وكمان يدعو اخرين .. ودا ما بيكنش عشان قناعته بالطريق دة اكتر من انه خايف انه يفقد غطاء الهوية اللي ادهاله الطريق .. لانه حقيقي صعب ومر انك تعيش من غير هوية .. وشجاع اللي اختار يتوه في بحث صادق حتي لو مش هيوصله لحاجة

ومقالي دة .. مش للتشوية او الانتقاد .. لكنه بحث ومحاولة للفهم واحترام العقل والمنطق .. بدون تكتيف او تقييد بعادات او اعتقادات او مسلمات او موروثات ..

هبدأ بمجموعة تساؤلات بتدور في ذهني من وقت للتاني .. ويمكن البعض بيشاركني نفس التساؤلات .. " كتير من المرات بيدور في عقلي جدل .. عن المعتقدات اللي معتنقها .. والصلوات اللي بتولها .. والايمان اللي بحاول احيا بيه .. حولين فكرة الاله نفسه .. وبقول لنفسي ليه ميكنش اشتغالة .. ولية متكنش الكتب المقدسة نفسها عبارة عن تناقل خبرات بين البشر وعلي مر سنين نضجت واخدت الشكل الحالي من سمو في المعاني ورقي في الافكار .. وكل جيل بيفسر معانيها باللي يناسب زمنه خوفا من المساس بعصمتها .. ولية متكنش صلواتي اللي بتلوها كل يوم عبارة احتياج عميق للونس والفضفضة .. وخوف من الوحدة والترك في وسط حياة مش محسوبة ومش متوقعة .. خوف من المجهول واحتياج لحماية وشماعة اعلق عليها كل اللي مش فاهمه ومش قادر احتمله .. ولية ميكنش الصوت الهامس الخفيف والهادي اللي بسمعه في قلبي دا كمان اشتغالة .. وما هو إلا مجرد عقلي الباطن والخبرات المختزنة جواي .. لية ميكنش تواكب الاحداث في حياتنا بشكل يوحي انها مرتبة وان كل حاجة بمقصد مجرد اشغالة .. وان احتاجنا للهوية والهدف والمعني بيوهمنا بمعني اخر للاشياء .. وخوفنا ديما من مواجة شكنا وواقع بلا غطاء او قوي عظمي نستظل بيها .. بخلينا بندافع باستماته عن المعتقدات دي حتي لو مش فاهمنها .. وبننتهر اي فكر مختلف و بندين اي شك وبنعتبره انه شر عظيم .. "

وميت لية ولية بيدور جوانا .. في بحث لا نهائي في متاهة بميت دليل وعلامة .. وكل العلامات عبارة عن مورثات وملسمات متروكة لينا من الاباء والاجداد .. واغلبها مش مستوعبينه او فاهمينه .. و كتير مش منطقي بالنسبة لينا .. وبيفشل مع اول اختبار وصدام بالواقع ..

بحث الانسان عن اله مش وليد اللحظة .. لكن من البداية والانسان بيدور علي اله .. او بمعني ادق بيدور علي معني لما بعد الموت .. رافض فكرة الفناء والعدم .. جواة شئ قوي بيدفعه ناحية فكرة الخلود وان الموت مش نهاية ..

ومهما اختلفت الطقوس او العبادات والاديان .. ان كانت سماوية كما يطلق عليها البعض او وثنية او حتي شيطانية .. إلا انها كلها مشتركة في فكرة الخلود .. حتي برغم بعد المسافات وانعدام التواصل بين الشعوب في مرحلة ما ..

بداية مع نقطة ظهور الانسان في الشرق وقيام حضارات العالم القديم .. من سومر واكد وبابل وكلدان واشور .. والحضارة الفرعونية .. وحضارة وادي السند والحضارة الصينية واليونانية .. كل الحضارات دي غالب عليها الطابع الدين في كل نواحي الحياة .. و برغم اختلاف الطقوس والشعائر وحتي الإلهه .. إلا انه الفكرة الثابتة والمشتركة بينها هي الابدية

وفي الغرب وبرغم انعزال حضاراته القديمة عن باقي العالم لالاف السنين من 3500 ق م وحتي القرن 15 الميلادي ورحلة كولومبوس .. واكتشافه لحضارة الهنود الحمر في الشمال والانكا في الجنوب .. نجد ان اساس عبادتهم المتعددة هي نفس الفكرة .. الابدية ..

ونفس الفكرة موجودة في اليهودية والمسيحية والاسلام ..

حتي القبائل البدائية الافريقية و الشمالية والامازونية .. واكلي لحوم البشر .. نفس الهدف والغرض والفكرة .. الابدية .. وان اختلفت مسميتها واوصافها

احنا نفسنا وفي العصر الحالي وبرغم اعتناقنا لفلسفات ومذاهب مختلفة .. وبرغم كل اللي وصلت إليه البشرية من نضج ووعي الي حد ما .. إلا انه لا تزال نفس الفكرة تؤرق مانامنا .. هل النهاية هي عدم .. او خلود .. مازلنا في بحث .. منا من اكتفي واعتنق فكر معين .. ومنا ما رفض الفكرة برومتها وانكرها.. وان كان مزالت كالغصة في حلقه تأبي الرحيل .. ومنا مايزال في بحث ..

فكرة او شئ اتوجدنا بيه .. مزروع في اعماق اروحنا وانفسنا .. ذلك الوعد الذي ختمت به قلوبنا من البدء .. والذي من اجله منا من يفني حياته في اعتكاف او عطاء او انتحار انجاز التعبير

واحد من الباحثين قديما من اكتر من 3000 سنة اردك الموضوع دة وفسره وقال كدة " أيضا جعل الأبدية في قلبهم، .. " والتي بدونها الانسان بيفقد المعني لاي شئ او اي عمل يعمله .. فما معني ما افعله اليوم ان كنت الغد افني ..

الابدية والخلود .. فكرة فطرية .. لم يبتدعها الانسان ولم تظهر نتيجة تطور فكري ما .. لكنها من البدء موجودة وماتزال موجود .. وان كان طبعا خياله تفاعل معاها بشكل او باخر .. وابتدا في كل مذهب وعقيدة يوصفها بشكل مختلف في محاولة لفهما وتفسيرها ..

وارتبطة فكرة الابدية بشكل بديهي لدينا بفكرة وجود إله .. ومن هنا ابتدينا بشكل غريزي في البحث عن هذا الاله .. وجود اله مش بس مجاوبش علي الاسئلة لكن كمان اثار المزيد والمزيد من التساؤلات والحيرة حول هذا الاله .. والاسئلة دي مش وليدة اللحظة .. لكنها من قديم الزمان وهي لاتزال تدور في عقل الانسان .. وفي محاولة منا لفهم وادراك هذا الاله .. سرنا خلف العقل والمنطق .. لكن حتي العقل والمنطق وحدهم غير كافيين لادراك هذا الاله .. ف عند نقطة ما يحيدوا عن المسار حين يصطدموا بما لايمكن استيعابه او تفسيره .. هقتبس مقولة لصديقة في النقطة قالت كدة " أرواح الناس تخطئ الطريق حين يظنون أن العقل كافي لمعرفة الحقيقة من دون خلاص يأتيهم من الله لذلك تاهوا وراء أله كثيرين " ..

لكن وان كان العقل والمنطق وحدهم غير كافيين لادراك هذا الاله .. لكنهم اكثر من كافيين لامتحان كل ما يقدم لنا ويأتينا .. ومقارنته في حدود طبيعتنا واستيعابنا وامكانيتنا البشرية .. فان كان هناك اله .. لن يمكن لنا التواصل معه او استيعابه إن لم يتدني الي مستوي تفكيرنا وفهمنا .. فهو الذي اعطانا القدرة علي البحث والتفكير .. السؤال حق والبحث حق ..

من انت ؟ .. اين أنت ؟ .. ماهي صفاتك ؟ .. ماهيتك وكينونتك ؟ .. والسؤال الاهم اين أنت من الانسان ؟! .. لماذا خلقتنا ؟ ولمذا نحن هنا ؟! .. هل حقا رحلت عنا كما يدعي البعض ؟!! .. ام هل تكتفي بمشاهدتنا من بعيد كفئران نتفاعل في تجربة من صنعك ؟!! .. ام انت قريب كما زعم بعضهم ؟! .. لكن قريب ممن ؟! .. ولاي مدي ؟! .. لماذا تختبئ وترسل البعض بدل عنك ؟ .. وكيف لنا ان نثق او نؤمن بما يقولوه ؟!! .. ولماذا تترك لنا كتبا وميراثا وواصايا كفقيد يكتب اخر كلماته ويرحل ؟.. وهل هناك حساب ودينونة ؟ .. وعلي ماذا ؟ .. وعلي من ؟ .. وبأي ذنب ؟!! .. وبأي منطق ؟!! .. هل هناك عقابا وجزاء .. سماء وجحيم كما قالوا ؟!! .. هل كل هذا من ابتداعك ام انه درب من دروب خيالنا ؟!! .. ولماذا تضعنا في كل هذة الحيرة وداخل هذة الدائرة المقيطة ؟! ..

هل حقا انت متفاعل معانا؟! .. كيف؟! واين ؟! ومتي ؟!

سنظل في بحث وستظل هذة الاسئلة عالقة باذهاننا حتي ندركه .. او بالاحري .. يدركنا

من اراد ان يجد اجابة حقيقية خالية من كل زيف او ادعاء او خيال .. تهدئ انين القلب .. وتضع راحة لعقل منزعج .. عليه اولا التجرد من كل شئ .. من كل ما هو مسلم به وموروث .. والتخلي عن كل غطاء ووعد بالهوبة .. عليه الوقوف مجردا بحيادية .. امام بحث قد يعصف به وبكل شئ الي الدرك الاسفل او يقوده الي ايمان متعقل برجاء لايهتز .. بحث لا يملك فيه إلا ما طبع في قلبه وما سطر في روحه .. بحث لا وعد فيه بجائزة .. إلا الحقيقة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي