الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة المصرية من ايزيس الى أم أيمن

منى يسري

2015 / 11 / 4
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


أخته من قدّم الرعاية له وبسط عليه الحماية .
دفعت عنه الأعداء وجنبته مهاوي حظه العاثر .
دحرجت خصومه بتمتمات السحر التي رتلتها شفاهها .
وتحرك بها لسانها المجرب وفمها الذي لاتنتهي كلماته .
ايزيس صاحبة السلطة وروح العدل حمت أخاها ، بحثت عنه بلا كلل ؛ ولا أقعدها عناءْ .
بدموع جارية طافت كل البلاد فما استراحت قبل لقياه !
ظللت جسد بريشها ورفت فوقه بجناحها !
نعم ايزيس !
ايزيس التي شدّت أزر أخيها .
ونفخت فى جسده المتلاشي العزيمة .
ايزيس التي تلقت بذوره في بطنها وحملت بوارثه فأرضعته في مأمن .
• في تشرين الثاني {نوفمبر} وعلى أطلال حقول القمح المصرية على ضفاف النيل ، تأتينا احتفالات الفلاحين المصريين عبر مايزيد عن سبعة الآف عام باالآلهة والأم الكبرى سيدة الخير ، ربة الجمال ((ايزيس )) وهى تطل علينا اليوم من أحد المعابد الأغريقية العظيمة ؛ حاملة سنابل القمح بين يديها الخصبتين !
في مثل هذا اليوم من كل عام يقرع الفلاح المصري الطبول حدادا على الآم ايزيس المقدسة !
في مثل هذا الزمن البعيد اعتلت المرأة المصرية كل المقدسات فكانت الأقدس والأجمل .
هذه هى الأم المصرية الأُولى ؛ سيدة الطبيعة والقمح والخير ..
لنجد انفسنا وبعد كل ما نالته البشرية من تطور لم تحظى به غيرها من الكائنات الحية على وجه الارض في مؤخرة نساء كل الأمم !
ان المرأة المصرية ومنذ زمن ليس بعيد كانت واقعه بين شريحتين يمثلان الهيكل الاجتماعي للمجتمع المصري ؛ فهى اما فلاحة تزرع الخير الى جانب زوجها في الحقل وينسال خير الوطن من بين ايديها ؛ واما فتاة ارستقراطية تنتسب لاحدى العائلات الاقطاعية ؛ فهى تتحدث بلغات متعددة ؛ تنال قسطاُ هائلا من التعليم ، تُبتعث الى اوروبا في بعثات علمية لتحصيل المزيد من العلم ؛ أو تُجالس الأُدباء والمفكرين والشعراء وتنهال من فكرهم الذي كان يأتي القاصي والداني الى مصر وقتها لينهال منه !
وبعد ثورة 23 يوليو وما نادت به من انهاء للطبقية ومساواه بين جميع أبناء الشعب ؛ كان من الطبيعي ظهور شرائح نسائية جديده لتنضم الي الحاليات .
فكانت شريحة كبيرة من النساء العاملات في المصانع والمدارس والمشافي والدواوين الحكومية ؛ لتقف المرأة المصرية جنبا الى جنب مع الرجل في شتى ميادين الحياة الأجتماعية وبهذا لن تتحقق العدالة الاجتماعية بين افراد الشعب جميعا فحسب ؛ بل بين أبناء الجنسين ايضاً .
وبالقانون الثوري الجديد الذي يمثل جميع أفراد الشعب حازت المرأة المصرية على الكثير من الحقوق المسلوبة من تعليم وعمل ومساواه مجتمعية لم تحظى بها من قبل !
ثم تلا عصر الحرية والمساواه والعداله عصراً آخر مما يسمى {الانفتاح الاقتصادي} برعاية واشراف الرئيس المؤمن ؛ فكانت نكسة أسوأ وقعاً على المجتمع المصري من نكسة يونيو 67 ؛ نكسة تحويل دولة وليدة عهد اشتراكي وتحول جذري في النظام الاقتصادي الى دولة ذات سوق مفتوح ؛ وكان لهذا الانفتاح متطلباته الاجتماعية التى عمل النظام على تحقيقها والسعي وراء تفتيت انجازات ثورة يوليو وماقدمته للمجتمع المصري مع تحفاظاتنا على اي سلبيات ادت اليها .
كان لا بد لتحقيق انفتاح آمن تغيير صبغة هذا المجتمع ؛ فكانت بداية الانفتاح ، انفتاح أبواب المعتقلات أمام سجناء الفكر الوهابي التكفيري تحت اشراف وتقنين من مؤسسة الازهر ((الراعي الاول المستتر خلف الوسطية للتطرف الديني في مصر )) .
وباستبدال الأحتلال الأنجليزي باحتلال وهابي أشد خطرًا وتنكيًلا بهذا الوطن من احتلال عسكري !
فاعتلى هؤلاء المنابر والشاشات وصار كل شئ مطهو بنكهة اسلامية وبثقافات لم نكن نعهدها من قبل ، كانت بذور الفتنة الطائفية بين مسلمي مصر ومسيحييها الذين عاشوا معا مئات السنوات آمنين ؛ فرقت تلك الوهابية العمياء المتطرفة أبناء الدين الواحد بعد ان فرقت أبناء الوطن الواحد !
وبالطبع اول ظهور لتاثير هذا المد الوهابي على مصر كان على نساؤه ؛ فالنساء هن مرآة المجتمع أينما كنت !
لقد اتشحت مصر بسواد حالك يزداد يوماُ بعد يوم !
صار عمل المرأة محرم – تعليمها محرم – ووجهها محرم – وصوتها محرم !
فتحولت المرأة المصرية من ايزيس التي ينبت القمح من بين يديها الى ((ام ايمن)) التى تناقش على شاشات الفضائيات زواج القاصرات من ناحية وجوبه !
صارت المرأة المصرية أسيرة بل جارية لاعراف وتقاليد وقيود دينية ومجتمعية ورجال دين ليسوا من أبناء جلدتنا كما يبدوا عليهم ؛ ولا أتوا من حضارتنا التى علمت الدنيا الرقي !
عزيزي الذي لست بمصري / اذا اردت أن تعرف كيف ماعليه نساء مصر دعني اخبرك ان :-
• 93.7 % من نساء مصر يتم التحرش بهن .
• 92.1 % من نساء مصر يتعرضن للختان في طفولة مبكرة .
• 39.8 % من نساء مصر هن العائل الوحيد للأسرة بسبب الطلاق أو هجر الزوج أو هروب الأب !
• 64.3 % من نساء مصر لم يتلقين التعليم الاساسي وهم تحت طائلة جرائم انسانية كبرى ترتكب بحقوقهن من زواج القاصرات وسواها .
بالطبع هذه النقاط لم تلخص ماتنطوي عليه الظروف السيئة التى تحياها المرأة المصرية في العصر الحديث ؛ وانما هي عناوين رئيسية لازمات فرعية لاتنتهي !
علينا ان نعي جيداً أن مشكلات المرأة العربية كلها تصب في بوتقة واحدة ، الا أنني بصدد تسليط الضؤ على مشكلة المرأة المصرية بشكل خاص ربما لأنني بشكل او بآخر نلت حظي من هذه المشكلات التى لاتنتهي !

اننا بصدد واقع جديد يهدد المرأة المصرية وتنشطر فيه نساء مصر شطرين أحدهما نقيض الآخر !
امامنا نموذج المرأة المصرية متشحة السواد الكبير ؛ تطل علينا من منابر المساجد أو الفضائيات لتحدثنا عن نكاح الجهاد وطاعة الزوج وعن نقصان عقل المرأة مشتركة مع النظام السياسي في مؤامرته بالسعي لتجهيل هذا الشعب تجهيلاُ ممنهجاً !
وامامنا شطر آخر على البعد المقابل من المجتمع وهم كتل من اللحوم البشرية المعراه على شاشات الفضائيات من الشاطئ الآخر ؛ نساء يقمن بتشويه عمدي ممنهج لصورة المرأة المصرية وافساد هويتها الحقيقية !
وفوق مضاجع السياسيين الذين يسعون لهذا الالتقاء الفريد من نوعه للتناقضات المجتمعية أن يحيا جنباً الى جنب في سلام حفاظاً على كراسيهم ومصالحهم الطبقية .
وامام تلك المرأة وهذه الفتاه : تضيع ثالثة تحلم بوطن اكثر انسانية ووعياً وتقدماً ؛ هذه التي لم يعد لها مكان على ارض مصر فهى اما اسيرة المعتقل او دفينة الغربة ؛ او ضحية الاكتئاب الذي ينال من شبابها !
اننا نتراقص كالمجانين في ذات الحلبة كل على ايقاعه ولا أحد يرى سوى قدميه وليس بوسعه ان يرى اقدام الآخرين !
ولسنا ابداً بصدد امر يتطلب الأصلاح ؛ الاصلاح هو من دواعي الفساد ؛ ونحن لسنا امام نموذج فساد متكامل، بل نحن امام عفن متكامل الاركان قد نال من كل شئ !
وأتذكر كلمة هاملت التي ذكرها شكسبير في مسرحيته الشهيره ((ثمة عفن اصاب الدنمارك)) ولم يقل فسادا ؛ لان العفن يتطلب الانتزاع من الجذور ؛ اما الفساد فيمكن اصلاحه ؛ ونحن امام حطام مجتمع واطلال وطن ؛ لايمكن لأعتى المصلحون اصلاحه !

نهاية : اذا اردتم وطناً حراً فحرروا نساءه من قيود الجهل والرجعيه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتظرونا في حلقات مميزة جدا من بودكاست سيدات وأعمال? #womeni


.. النازحة زينب عباس من بلدة عيترون




.. السعودية.. عرض لملابس السباحة النسائية في البحر الأحمر!


.. الإبادة الشركسية جرح لا يزال ينزف في الذاكرة




.. النازحات في مراكز الإيواء خصوصية منتهكة ومعاناة مستمرة