الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم في دوار الزاوية ..

محمد البورقادي

2015 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يلوح بصرك بعيدا فيلتقط منزلا هنا وآخر هناك ..منازل متفرقة تتخللها أشجار وأنهار ونباتات ..وتربط بينها طرق نحتتها عربات النقل وأقدام المارة ..وتعلوها جبال عريضة وطويلة وتدنوها سدود ووديان منها ما جف ماءه ومنها المملوء على آخره ..
هناك دواوير متفرقة ..والدوار هو حي في البادية يجتمع فيه السكان ويسمى باسم واحد يعرف به ويلقب به ..
الطريق هناك غير معبدة وتملؤها الأحجار والأتربة ..تتخللها عربتك برفق وببطء وحذر كبير خوفا من زلزلة المحرك والركاب وتحسبا لجرح الحجر لبعض مكونات العربة ..الطريق ضيقة ولا تكاد تتسع لأكثر من عربة واحدة ..ومحفوفة من كل جانب بنباتات كالأشجار في طولها .. نوع تعرف به المنطقة ويسمى الكيف ..
أغلب القاطنين هنا يزرعون هذا النوع ويكفي أن يعرف محلك مروجه حتى يدق بابك ويطلب ما عندك ..له موسمان في السنة للزراعة والحصاد .. ولا يحصد إلا عند ما يصير يبسا رقيقا لا خضرة فيه ..فريثما ينشغل زارعوه بحصاده في الموسم الأول وتنقيته وتصفيته ليصير مركزا.. يزرعون الشطر الآخر مكانه ..وهكذا دواليك ..الأرض في انشغال على الدوام ليس لها موعد تقلب ولا راحة ..
منهم من يخلط الكيف ببعض الأعشاب الأخرى ككتانة وعرق سوس ليحصل على نوع آخر أكثر جودة وأكثر طلبا وأعلى سعرا ..وهو الحشيش ..ومنهم من يكتفي فقط بالتنقية والضرب عليه بالعصي لإزالة دقيقه وبيعه خالصا ..ولكل ثمنه ولكل مذاقه ولكل مضاره ومنافعه ..
أغلب الأراضي هناك مخصصة لزراعة الكيف أو خردالة ..والباقي ممن لا تصلح لزراعته لكونها منحذرة أو فقيرة أو غير رطبة بما يكفي تخصص لزراعة القمح أو الصبار ..وقد لا يذر ذلك ربحا كثيرا على أصحابه ويكفيهم فقط للإقتيات منه ..وهم يبررون زراعة الكيف بكون الأراضي هناك لا تصلح إلا لزراعته ..فهي رطبة وخصبة وغنية بالذبال ..وهذا ليس صحيحا فكما تصلح لزراعة هذا النوع تصلح لزراعة أنواع أخرى كالبقوليات والفواكه والخضار وباقي التمار ..وبما أن دخل كل أولئك مجموع لا يعادل دخل الكيف فهم يأثرون زراعته ويفضلون ربحه السهل على الدخول في مزايدات السوق والخضوع لنضام العرض والطلب ..سيما أن غالب الأراضي تنتج التمار بوفرة وجودة والكل في تنافس وتسارع .. فهم ينأون بأنفسهم عن هذا العناء والشقاء ..كما أن التمار تلزم مبيدات وأسمدة لكي تنضج في أحسن الظروف ومحصود الأرض يجب فرزه وانتقاء الأجود منه وطرح الشائب منه وتعبئته في صناديق وحمله إلى الأسواق وانتظار الزبون وبخس للأثمان وعناء في جلب ما بقي من المحصول إن لم يباع بكامله ..وهذا ما يتهرب منه صاحب الأرض ..فهو لا يريد التعب الكثير والربح القليل ..في حين أن الكيف مورده مضمون وزبونه يأتيك إلى باب دارك ويأخذ منك الغلة بقيمة مضافة مضاعفة لما قمت به ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران