الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة الجوامع لا الشوارع . عائدية الإسلام لمن : للمعتدلين أم للتكفيريين ..؟!

جعفر المظفر

2015 / 11 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


معركة الجوامع لا الشوارع :
عائدية الإسلام لمن : للمعتدلين أم للتكفيريين ..؟!
جعفر المظفر
المشكلة الحقيقية التي يجابهها الإسلام أنه لم يحسم حتى هذه اللحظة عائديته الحقيقية : للتكفيريين المتطرفين أم للمعتدلين المسالمين.
المعتدلون يستشهدون بالآيات المكية التي تشجع على التعايش وإحترام الرأي الآخر وحرية التمسك بالأديان الكتابية, وحتى إحترام من لا دين له : ربوبيين أو ملحدين !
المتطرفون يتمسكون بآيات المدينة وهي في جلها آيات تعاملت مع فقه الحروب التي خاضها الإسلام وبداية من معركة بدر, وهذه الأيات التي منها آية براءة و(السيف) ومحمد كلها تدعو إلى العنف حد القتل مع من لا ينطق بالشهادتين ويدخل الدين الإسلامي.
كلا الفريقين يؤكد على أن القرآن هو واحد ولا يجوز تجزئته أو الإقتطاع منه, وضمن هذا الرأي أجد أن كلا الفريقين خاسران, فلا المعتدل قادر على تجاوز آيات العنف والقتل والذبح والقسوة بكل أشكالها, ولا المتطرف قادر على تجاوز الآيات المكية التي تدعو إلى اللين والعفو والرحمة والإعتراف بالآخر إلى حد القبول بالملحد.
الإعتماد على قضية (الناسخ والمنسوخ) تعطي الغلبة للتيار التكفيري لكونها تمنح شرعية فقهية قانونية لآيات المدينة, وهي آيات تشتغل لصالح التكفيريين ويَتكَّيف تفسيرها لخدمتهم, فما دامت قضية النسخ تعلي حق (ما خَلَفَ على ما سَلَفَ), أي الجديد المديني على القديم المكي, فإن حل التعارض والتناقض والتضاد سيأتي لصالح المتطرفين على المعتدلين, أي غلبة تيار آيات المدينة على تيار آيات مكة, رغم أن الإلتزام بالسنة النبوية يمنح العفو النبوي الذي صدر في أثناء فتح مكة حتى عن المسيئ للإسلام أو الباقي على إلحاده, ما دام معتصما ببيت أبي سفيان, يمنحه قوة التشريع على غيره. لكن هذه السنة ستبقى معطلة حال الإختلاف عليها في ظل غياب النص القرآني الذي يوجب الأخذ بها.
لا بد من حل هنا يقضي بإعتماد (الأسبقية الأخلاقية على التقادم الزمني) كقاعدة للنسخ: هذا ما إقترحته في مقالة سابقة لي إعتمادا على التمسك بقول أن الإسلام لم يلجأ إلى العنف إلا بعد سبعة سنوات من ولادته ونزولا على الرغبة لدفع أذى قريش, أي أن العنف جاء هنا كرد فعل ولم يأتي كفعل. هذا يعني بالتالي أن آيات مكة هي التي يجب أن تنسخ آيات المدينة بدلا من العكس, وبهذا ستميل الكفة لصالح المعتدلين.
خلاف ذلك فإن إعتماد مبدأ أفضلية التقادم الزمني على الأسبقية الأخلاقية كمبدأ لتحديد النسخ يرجح كفة التيار التكفيري. وهذا يأتي من باب الإقرارأن الإسلام نشأ على كذبة تقول أن إختياره المتأخر للعنف جاء كرد فعل بدلا من فعل.
فلو أن روايتهم,عن أن عنف الإسلام جاء كرد فعل ولم يأتي في بدايه كفعل, فإن نصره بعد ذلك على خصومه يوجب عليه العودة إلى ما كان عليه من فعل وترك ما صار عليه من رد فعل.
أي أن دعوتي كانت أن يقوم مبدأ النسخ, عند أولئك الذين يؤمنون به, على تغليب الفعل على رد الفعل وبهذا تتحقق أرجحيةالتقدم الأخلاقي على التقادم الزمني.
التكفيريون لم يأتوا من فراغ, وهم ذوي حجة قوية, وعلينا أن لا نكذب على أنفسنا. إنهم متسلحون حد النخاع بآيات قرآنية تبيح لهم القتل والسبي وقطع الإعناق. والحل أن نواجههم من داخل الثقافة الدينية الإسلامية وليس من خارجها . ذلك لا ينفي أبدا إستغلالهم من قبل دوائر مخابرات أجنبية يتقدمها الموساد, لكن هؤلاء إستندوا على تفعيل فقه وتشريع موجود ولم يخترعوه في مختبراتهم التآمرية. إن الركون إلى نظرية المؤامرة يجعلنا كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال.
إن علينا أن نخرج ذلك الرأس لكي نحدد بالضبط لمن هي عائديته, وهذا يتطلب منا الذهاب إلى الهدف مباشرة متسلحين بالشجاعة والوعي والصدق والصراحة.
لكني مع وجود هذه الدعوة الصريحة وضرورتها لن أجدها كافية أو شافية, بل أجد أن من الضرورة أن يجري حصر المعركة الفكرية بين التيارين لكي يكون مكانها الجوامع لا الشوارع, وإلا لتحولت شوارعنا بالكامل إلى حمامات دم في زمن هو زمن غوغائي بإمتياز.
ومعركة الجوامع لا الشوارع لا يكفلها سوى نظام علماني قادر على حماية الناس من أخطار الغوغاء الديني الذين لم يحسموا بعد لمن هي عائدية دينهم.
لكن تصور إمكانية أن يتم حوار بهذا المعنى نزولا عند دعوة أصحاب النوايا الحسنة هو نوع من التفكير على طريقة الأفلام الهندية. فالأمر لن يتم بهذه الطريقة ابدا وإنما يتطلب مقدما إنتصارا كبيرا للحركة العلمانية. فيوم تكون لها اليد الطولى فإنها ستفلح في فرض حوار من هذا النوع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طرح فاشل مع الاحترام
ملحد ( 2015 / 11 / 5 - 11:49 )
كتبت: ( .... رغم أن الإلتزام بالسنة النبوية يمنح العفو النبوي الذي صدر في أثناء فتح مكة حتى عن المسيئ للإسلام أو الباقي على إلحاده,.....)

رد: 1- لم يكن هناك, على الاقل على حد علمي, ملحدون حقيقيون في ذلك الوقت حتى يعفي عنهم ( الرسول)......
2- احيلك الى الرابط التالي ( مقال يوصل صاحبه الى مقصلة الاعدام..الكاتب الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير) لكي تفهم لماذا ( عفا ) الرسول عن ( الكفار)

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=447867

3- لماذا لم يعفي ( الرسول) عن قبيلة بني قريظة مثلا ?????!!!!!!
طبعا فهم ليسوا اقرباءه ????!!!!!!

4- الخلاصة: محاولة فاشلة للتجديد والتبييض.... اقول ذلك بكل اسف مع احترامنا لشخصكم ونياتكم

5- في اعتقادي ان الاسلام غير صالح للتجديد والعصرنة لاسباب كثيرة ليس لدي وقت, للاسف, لذكرها

تحياتي


2 - تنويه
جعفر المظفر ( 2015 / 11 / 5 - 15:44 )
أنا يا أخي لم أتطلع إلى نجاح العصرنة أو التلطيف لحسم قضية التناقض بين السياقين وإنما دعوت إلى إنتصار العلمانية على صعيد الشارع التي بإمكانها أن تعيد المتصارعين إلى الجوامع للتفاهم على خلافاتهم هناك وتركها قبل الخروج من البوابة
هذا هو المهم وهو المطلوب وهو ما أقدم عليه الغرب الذي عاني من الكهنوتية وقتا طويلا ربما ,
أكثر مما عانى منه الإسلام.
أنا قلت أن هناك مشكلة حقيقية يعاني منها الإسلام, حتى العنوان كان يؤكد على ذلك بصوت عال
.إن لم يحل المسلمون هذه المشكلة سوف يسببون الكوارث لأنفسهم وللآخرين
تحياتي

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال