الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوادر الإنتقال الديموقراطي في المغرب ..وأفق التحديات الجديدة

محمد البورقادي

2015 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المغرب الآن في اتجاه انتقال ديموقراطي جديد ..أو تمرين على دمقرطة الحكم بالمعنى الصحيح ..لايهم من صعد إلى رئاسة جهة بعينها أو جماعة.. فالناخبون هم أطر مرشحة وهم ممثلو الأحزاب المنتخبة في الجماعات والجهات فقط ..ودور الأحزاب التي تنتمي إليها هاته النخبة هي المتابعة والتقييم والإشراف بجانب الناخبين على نجاعة التدبير وحسن التسيير لهاته الجماعات والجهات ..وكذلك الإشراف المشترك والمتواصل على مختلف مشاريع التنمية التي تقع في تلك الجماعة أو الإقليم أو الجهة ومراقبة سير العمليات والميكانيزمات القانونية المواكبة لتلك المشاريع طبقا لما جاء في دستور 2011 ..
لكن هذا ليس هو الإشكال وإنما يجب توعية الناخب بمهامه المنوطة به ومن ضمنها معرفة ما له وما عليه ..معرفته للمساطر القانونية التي تنص على كيفية تدخله ومدى تدخله في سير المخططات وماهية اطلاعه عليها لكونه فاعلا ومسؤولا بدوره على ضمان سيرها حيث أنها مخصصة له وتعنيه في الأول والأخير ..
فالمسؤولية غدت اليوم مشتركة بين الناخب والمنتخب ..دور الناخب الإطلاع والتتبع ودور المنتخب حسن التسيير وحكامة التدبير ..دور الناخب يتجلى في طرح المشاكل ودور الناخب الإجابة عليها في إطار مفاوضات عقلانية لتدبير الشأن المحلي وفق سياسة محكمة تروم تحقيق المطالب المشروعة والمستحقة في ظل المواطنة الحقة التي يجب على كل فرد التمتع بها ..وهذا لا يتسنى للعوام تحقيقه بل لا بد من توفير لجنة متمرسة قائمة بذاتها تسهر على تعريف الناخب بدوره ومساعدته في تتبع شأنه المحلي في نظام سليم ..ولا بد من توفرها على رأس كل مجلس جماعي وإقليمي للعمل على تحقيق مقاربة تشاركية ولو جزئية بين الرئيس ومرؤسه ..فذلك يهدف من جهة إلى تحفيز الرئيس على العمل المثقن والمركز ..ومن جهة أخرى تروم إلى إشراك كافة الناخبين المعنيين بمختلف الفاعلين في مراكز القرار وخلق مناخ لتقريب كلا الطرفين من الآخر قصد تحقيق التكامل والإنسجام ..وتلك هي أسس الحكم الديمقراطي ومبادئ الديمقراطية ..
فرهانات الجهوية المتقدمة الآن ليست مقتصرة فقط على التمكين السلطوي وتوزيع الموارد بل رهينة أيضا بكيفية تحقيق النجاح والإستمرار في التقدم وذلك مشروط بقدرة المنتخبين وكفاءة الأطر المنتخبة وبعد الرؤيا المستقبلية لهاته الأطر ..وذلك أمر ليس بالهين فهو السهل الممتنع ..ينبغي تخصيص دراسات جادة وإعداد فرق تقنية خبيرة بشتى المجالات والعمل على خلق استراتيجيات فعالة لتدبير المجال الترابي وإعماره وتنميته وتوسيع أفق الإشتغال بين مختلف الفاعلين ومشاركة الأطر المتخصصة في الميدان المعني قصد إحقاق الجهوية المنشودة ...وينبغي لذلك حشد كل الهمم وتأهيل كل الطاقات الفعالة والسهر على تكوين الأطر وخلق الوعي المواطناتي الحقيقي الذي افتقده المواطن المغربي من زمن بعيد ..
على أن مشروع الجهوية هو مشروع تنموي يروم إدماج الجهات في سيرورة النمو المستدام والفعال عن طريق خلق بيئة متكاملة وغنية تتخذ جميع مكوناتها وضع المسؤولية في اتخاذ قراراتها ووضع برامجها الذاتية وفق رؤيا مشتركة وواضحة تهدف إلى تهيئة المجال الجغرافي وإصلاح السكن الإجتماعي وإنعاش الإستثمار وتنمية الوسط القروي وخلق فرص للشغل ..وتلك صلاحيات تستنزف موارد الدولة ومطالب تتطلب ميزانية ضخمة وتكاليف هامة !!
فكيف ستواجه الدولة هاته التدابير الجديدة والموارد المستجدة ؟ وكيف ستصبح نسبة عجز الميزانية ؟ وكذا نسبة المديونية الخارجية للدولة ؟ وكما قلت سابقا ..هل تتوفر الدولة على مصادر اقتصادية غير ريعية وما نسبة توفرها على تلك المصادر علما بأن الدخل الوطني يشمل عائدات الضرائب والموارد الفلاحية في أحسن الأحوال ..فما حجم نفقات الدولة على هاته الأوراش الجهوية الكبرى وما نصيب كل جهة من ذلك ..هل سيرقى ذلك لمستوى تطلع الكفاء ات المنتخبة والناخبة على السواء ..هل سيخدم ذلك مسيرة التنمية المندمجة المعهودة ...
وهل ستغنم الدولة بهذا التملص الجديد من المسؤولية التي وكلتها إلى الجهات أم ستزيد الهوة ويتسع الشرخ ..وهل سيتم إرساء التوازن المناسب على المستوى الجهوي بين ممثلي السلطة المركزية والمنتخبين..
لكن ودون تفاؤل كبير أظن أن هاته المبادرة ستمهد إلى حد ما انتقال المغرب إلى نظام جديد مبني على التفاعل والمشاركة وستنقل المواطن من مركز المشاهد إلى مركز القرار.. وهي خطوة أولى للإنطلاق ليس نحو التنمية المعهودة ولكن نحو أخذ المسؤولية والأمانة بأمانة والوقوف على تقرير المصير الذاتي بحكم ذاتي ..لبث روح المواطنة الحقة وخلق روح المساواة بين جميع المواطنين ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران