الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(السُنة) مصطلح وضعه عمر بن الخطاب

ماجد عبد الحميد الكعبي

2015 / 11 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تجمع المعاجم وكتب اللغة على ان معنى مفردة (سُنة) لغويا هو الطريق او الدرب او المسلك الذي يتخذه البشر او الحيوان سبيلا لهم فيعتادوا على ارتياده. ومع الزمن توسع هذا المعنى ليشمل الاعراف والعادات والقيم التي توارثها الناس عن اسلافهم فعرفت بسنن الاولين. ولم يكتسب اللفظ دلالته الدينية الا في مرحلة متقدمة من القرن الاول الهجري ليصبح مصطلحا معروفا يراد به ( كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو سيرة أو صفة خلقية أو خلُقية سواء أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها). وقد تتبع احد المستشرقين كثيرا من المفردات الدينية التي عرفت في العصر الجاهلي وكيف تم تحويلها مع الزمن الى مصطلحات دينية والتي منها ( الاجماع ) ، (الجماعة ) ، (القياس ) ، (سيرة) ، (سُنة جامعة) ، (سُنة ماضية ) حيث توصل الى نتيجة مفادها ان كل تلك المصطلحات ولا سيما مصطلح ( السُنة) كان متداولا بين الناس في الجاهلية في سياق لم يختلف ثقافيا عن السياق الذي احتفظ به بعدما اكتسب بعدا دينيا . من هنا يمكن ان نفهم قول ابن فارس في كتابه ( في فقه اللغة العربية ) : (وكره العلماء قول من قال : سنة أبي بكر وعمر وإنما يقال : سنة الله وسنة رسوله). وهذا دليل يسند رأي المستشرق الذي اكد ان المصطلح بالمعنى الديني لم يكن معروفا في زمن الرسول(ص) بل عرف في زمن عمر. وبناء على ذلك فان كل الاحاديث التي تم ذكرها مقترنة بمصطلح (سنة) الذي يحمل بعدا دينيا انما هي احاديث موضوعة في وقت لاحق ولاسيما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين عضوا عليها بالنواجذ).
السُنة مصطلح جاهلي كانت الأعراب تستعمله بوصفه قانونا وتشريعا دنيويا ولم تكن له اية صلة بالاسلام فقد تواضعوا عليه واشتهر بينهم وان من يخرج عنه فانما يخرج عن اجماعهم وجماعتهم. وقد تبناه عمر واتخذه شريعة له فتداخلت الاعراف القبلية مع المبادئ والشريعة الاسلامية منذ تلك الحقبة، فلم يعد يفرق الناس بين ما هو أعرابي جاهلي وما هو اسلامي انساني محض ، فظهرت العصبية القبلية وبزغ نجم الأعراب وعاداتهم وتقاليدهم التي طغت على كل سماحة للاسلام لا سيما اذا ما علمنا ان الخليفة عمر نفسه قد أوصى بالأعراب خيرا لانهم اصل العرب ومادتهم حسب ما روي عنه قبل وفاته، على الرغم من ان القران الكريم قد هاجمهم واقذع في هجائهم . ومما يؤكد ان العرف القبائلي الأعرابي يختلف عن الشريعة الاسلامية وقوانينها ان مصطلح (الُسُنة) لازال مستعملا بين العشائر والقبائل في العراق وفي مناطق اخرى بالمعنى الجاهلي نفسه غير انهم يصغرونه فيقولون: (سنينة). فمثلا يقول احدهم : هذا الامر ليس من (سنينة العشاير) وهذا الفعل خارج عن السنينة وهم يقصدون العرف الذي اعتادوا عليه في عشائرهم وقبائلهم وليس الذي جاء به الاسلام فالشرع له رجاله والاعراف القبلية لها شيوخها . وحتى مصطلح ( الشيخ) نفسه قد جلب من سياق ثقافي قبلي و الذي يقصد به زعيم القوم او رئيس القبيلة ليدخل معجم المصطلحات الدينية فيطلق على رجل الدين الذي لا ينحدر من اصول هاشمية . وهكذا فقد تغلبت الأعراف الجاهلية وقيمها فتسللت الى معجمنا اليومي واصبحنا نرددها وكأنها جزء من الدين في حين هي عرف اجتماعي وسلوك قبلي. فالأعراب لهم سنتهم وللعرب سننها في الكلام كما يقول احمد بن فارس في كتابه : (الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسُنن العرب في كلامها).










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاقتراب من الخطوط الحمراء
حيدرمحمود ( 2015 / 11 / 6 - 13:34 )
قرات بلهفة مقالك استاذ ماجد لان الموضوع شائك ولم يتطرق الى هذه النقطه احد ( ربمايكون الشيعه الطرف الوحيد الذي وقف معارضا لمفهوم السنه كما تبناها الخلفاء )...
وبغض النظر عمن هو الصحيح في موقفه ، فمايهم هو البحث عن الحق والتنقيب عن اصول المعارف والافكار والعقائد السائده في مجتمعاتنا وماتسببه من كوارث ودمار للاسف ، ومن ثم اماطة اللثام عن اللبس الفظيع الحاصل في فهم المسألة الاسلاميه برمتها ..
لو يتحقق هذاالحلم ، لانبلج فجر جديد في افقنا المظلم ...
وشكرا لجهودك


2 - الاخ حيدر
ماجد ( 2015 / 11 / 6 - 14:55 )
شكرا لك على التعليق والاطراء
ان هذه المعلومات هي مجرد مفاتيح للبحث يمكن ان يستفاد منها القارئ لكن المصادر والأصول والبحث العميق في هذه المسائل لها مكان اخر ان شاء الله
تحياتي لك

اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها