الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين و العلم .. صراع مفتعَل

مصطفى المغراوي

2015 / 11 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد توجد حرب باردة في الأقطار العربية المختلفة على مستويات شتى، حيث يكون الصراع بين العلم والجهل وليس بين العلم والدين، وفي هذه الحالة يلبس الجهل رداء الدين ويصبح أكثر تعصبا وعميا، ولم يظهر الصراع بين الدين والعلم إلا في فترات تاريخية معينة، ترتبط بسوء فهم السلطات الدينية للدين أو لخوفهم على مصالحهم .
إن العلاقة بين الأديان والعلوم متماثلة عبر مختلف الأمكنة والأزمنة، والأمر الذي لا يختلف حوله اثنان هو أن أنه ليس هناك كتاب من الكتب المقدسة يدين العلم والعلماء على الإطلاق. لكن عمليا يجب علينا الاعتراف بأن العلماء قد لاقوا جملة من المصاعب لا يمكن تجاهلها، ففي المسيحية بادرت سلطات مسؤولة عبر قرون عديدة ودون الاعتماد على أية نصوص حقيقية من كتب مقدسة بمعارضة تقدم العلوم، ووقفت ضد العلماء الذين كانوا يحاولون تطويرها، الأمر الذي دفعهم دفعا إلى المنفى تجنبا للموت أو تلافيا للحرق، أو باللجوء إلى أساليب أخرى كطلب المغفرة بتعديل مواقفهم تارة أو بالتماس العفو تارة أخرى، ولا يفوتنا هذا الأمر دون التذكير بقضية جاليليو الذي حُوكِم بسبب استئنافه لمكتشفات (كوبر نيك ) الخاصة بدوران الأرض .
أما الدين الإسلامي فلا يزعم أنه قادر على الكشف عن الحقيقة بغير أداة العلم، لأنه يدعو إلى المعرفة بالبحث، ولا يطلب الإيمان بدون إقناع كما لا يفترض الإقناع بدون برهان. فهو يرى في روح البحث الحر جوهر الحياة ونسغها، ولا يعترف بقيود أية سلطة غير سلطة الحقيقة نفسها، ونحن نجد في القرآن الكريم دعوة لا نجد ما يعادلها في التوراة أو الإنجيل، والتي تقول بالمواظبة على الاشتغال بالعلم، لأنه يحتوي تأملات عديدة خاصة بالظواهر الطبيعية وبتفاصيل دقيقة تتفق تماما ومعطيات العلم الحديث.
فالجمع بين الانتفاع بمزايا العلم والقيم الروحية، لم ينفرط عقده في أي عصر من عصور الإسلام، حيث لم تنشأ لدى المسلمين أية معضلة ذهنية عصفت بالعلم والعلماء، باستثناء محاولات جد محتشمة كمحنة ابن رشد.
ففي الوقت الذي فيه فُرِضت قيود على التطور العلمي في البلاد المسيحية، كانت تُنجَز كميات هائلة من الأبحاث والمكتشفات في البلاد العربية، وعلى سبيل التمثيل لا الحصر نذكر أن مكتبة الخليفة في قرطبة كانت تضم أربعمائة ألف مجلد، وبها كذلك كان يتم تناقل العلوم اليونانية والفارسية والهندية..، ولهذا السبب كان الكثيرون يسافرون إليها من مختلف المناطق الأوربية طلبا للعلم. ولعل كمية المخطوطات التي وصلت إلينا بواسطة الأدباء العرب حاملة بذلك ثقافات متنوعة إلى البلاد المفتوحة، خير دليل على هذا التكامل الاندماج، حتى أصبح العلم الأخ التوأم للدين.
إن كثيرا من المؤرخين والباحثين المنصفين، يعترفون اعترافا جازما بأن الأوروبيين أخذوا عن الحضارة الإسلامية مجموعة من المناهج والعلوم، وتتلمذوا على يد علماء مسلمين واقتبسوا منهم ونقلوا عنهم، والأمثلة على ذلك عديدة في الطب والتشريح والفلسفة والكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك والجغرافيا والرحلات وغيرها كثير.ومن هنا ندرك أن أسباب النزاع بين الدين والعلم لا وجود لها في الإسلام، فهما يتعانقان ولا يتصارعان، يتفقان ولا يختلفان.
فالدين عندنا علم والعلم عندنا دين، ومهما لُفِقَتْ لتاريخنا من تهم تبقى واهية أمام النصوص الشرعية، التي طالبت منذ وجدت ولا زالت تطالب بالحث على العلم وتكريم العلماء، وإعطائهم المكانة المرموقة التي يستحقونها، وإلا سيصبحون فريسة سهلة أمام ما توفره الدول الغربية من عروض وإغراءات يصعب تجاهلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah