الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيم اعتباطية !

أماني أريس

2015 / 11 / 7
المجتمع المدني


حينما نعرّف الأخلاق في مجتمع ما؛ فإننا نعني بها ذلك الحيّز الواسع التي تنضوي تحت لوائه جميع القيم والمبادئ؛ التي تترتب عنها تصنيفات الناس من حيث الصلاح والفساد، غير أنّ مفهوم هذه الأخلاق لا يخضع دائما لمنظار أحادي، فقد تجد هناك فروقات في تعريف هذه الأخلاق ووضعها في سلّمها الإستحقاقي وغالبا ما تعتبر هذه الفروقات نشازا مستهجنا عن التوجه العام.

ولأن مجتمعنا يعيش وفق نظام جماعي لا يعنى بغربلة الموروث الثقافي، ويستهلكه كمقدّس لا يمكن أن يأتيه الباطل متناسيا كل العوارض والتحولات السلسة التي تؤثر فيه فتجعله مسخا، فإن الشرخ في النسيج الإجتماعي في تفاقم مستمر، والتناقضات بين التنظير والممارسة أصبحت السّمة البارزة في حياة الناس.

فقد باتت مفاهيم العيب والخطأ والذنب اِعتباطية في الكثير من الأحيان، وبعضها يتم التعامل معها بازدواجية واِنتقائية تعلّيها في موضع، وتتجاهلها في آخر، حيث تجد الناس تعطي اهتماما للأخلاق المظهرية التي تمنح الفرد صكّ الغفران العام، بينما تهمل أخلاق الجوهر التي تشمل الإخلاص لله في جميع الأفعال، فتتولد ظاهرة التنمّط على المعصية، واِرتكاب أخطاء ذات تأثير سلبي كبير على الحياة الإجتماعية لكنّها تسقط من قائمة الممنوعات بحكم التقادم وتستباح بشكل عفوي قلّما يتم استنكاره، فيما تجد أخطاء أخرى أقل سلبية من سابقتها، لكنها تدرج في خانة العظائم التي تثير الضجة الجماعية، وتُؤخذ كمعايير لوصم من وقع فيها، والنّظر إليه بعين الصّغار، ولا تشفع له جميع فضائله الأخرى.

إذ لم يعد من العجب رؤية الظلم، والفتنة، وتلويث المحيط، وتخريب الممتلكات العامة، والغشّ، فقد أصبحت ممارسات نمطية تكتسح جميع مناحي الحياة، فلا تكاد تجد لها حنجرة ناهرة ولا يدا مسيطرة. وحتى الحياء الذي يتعفف به الإنسان عن السقطات، وتعرض للتشويه فأصبح الكثير يستحون بما لا حياء فيه، فيما تجدهم يجاهرون بما هو أحق أن يستحى به.

وهنا اِستحضر حادثة حصلت قبل أيام قليلة أودت بحياة عروس في مقتبل العمر قبل وصولها إلى بيت زوجها، حيث اِستحت هذه الأخيرة من طلب الذهاب لقضاء حاجتها، وهي بفستانها الأبيض وكامل زينتها، في موكب انطلق من العاصمة متّجها نحو إحدى مدن الشّرق، فانفجرت مثانتها وتسمم بدنها، وفارقت الحياة بسبب امتثالها لبروتوكولات تملي عليها أن تمثل دور الملاك المنزه عن كل ما يجرح الذّوق العام، حتى الحاجة البيولوجية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين