الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في عالم الحياة ...

محمد البورقادي

2015 / 11 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تأملات في عالم الحياة ...
هل هي آلات فارغة من المحركات ...أم محركاتها صدأت وطال عليها الأمد فقست حتى لم تعد تعقل أو تهتدي ..
ومن يرشدك سوى عقلك ومن يهديك سوى قلبك ومن يردعك سوى ضميرك ومن يوقضك سوى بصيرتك ..
وأنت مار في وسط الطريق ..تجد بقايا خبز تطأها الأقدام قد ألقيت هناك بقصد أو بدونه ..والغالب يمر بجانبها أو قد يدهسها بدون شعور أو تيقظ ..وأنى له اليقضة وهو المفتون بدنيا التسارع والتهافت ..وكيف له أن يتبصر خطاه وعقله شاغر ..
وقد تبصر أيضا قشر موز أو تفاح تتخطاه المارة في غفلة ولا مبالاة كأنما أغشيت أعينهم قطعا من الليل مظلما ..الكل هائم وسارح لا يأبه لم يطأ ..وقد تنزلق إحدى قدماه وهو يجري في مرمى القشر فينقلب على وجهه لاعنا حضه الذي ساق إليه تلك السقطة الغير المحسوبة ...
فالملعون ليس الحض وإنما الغفلة وانعدام التفكير وعدم شغل العقل بما ينفع حتى صار للبله قريبا وللعدم مؤنسا ..فالكل مسؤول ..من ألقى بالقشر وسط الطريق والمنزلق بسببه ..الأول لتهوره وعدم نضجه والآخر لعدم أخذ الحيطة والحذر ..
الناس في تكالب وفي سباق ..الكل ناشب مخالبه متأجج عضبه متأهب للصراع ولخلق الصراع ..خلل نفسي يعتري هذا الكائن ..ما هو مكبوت في داخله ولا يستطيع البوح به لضعف حيلته ولعدم إيجاد المنفذ له ..ينفسه على الآخر ..نار تحتدم داخله لهبها لا يكاد ينفلت من قبضته أحد بل حتى هو لا يسلم من قيضه ...ما إن تطالعه عيناك بالخطأ وأنت راكب في الحافلة حتى يشتد غضبه للإنتقام منك وكأنك دهسته بعربتك وأنت لا تشعر ..طول التمني وعدم الإيجاد للمناجي وللتحقيق... يجعل من إنسان اليوم قنبلة موقوتة ولغما يترصد أي حركة عابثة للإنفجار ..والويل لمن ألقت به الصدف أو الحضوض في وجه بركان متقد..
أصبهنا نعيش في زمن انتصر فيه العبث والعدم والغيب على الحاضر وعلى الواقع ..ولكل متنفسه ولكل مرتعه الذي ينسيه مرارة الألم الذي أصبح لا يطاق عند بعض الأناسي ..صنف يجد الراحة في الإستماع للموسيقى فقد تسجي به في عالم الوهم والخيال وتطلقه للهيام في الصخب والهرج كالمخدر الذي يفقده كمد الواقع ..وصنف اتخذ من السجارة صديقا حميميا لا يكاد يفارقها بضع دقائق حتى يناديها بكل قواه لتسكت آلته الباطنة وتعتق أنفاسه من الإحتراق كمدا وغما .. وصنف عكف على الرياضة بكل أنواعها ..وهي السبيل الأمثل والبديل عن ممارسة العنف ..والحل لتنفيس الكرب وتفجير علب النفس التي يزداد احتقانها يوما بعد يوم ..وهناك المسالم منا من يأخذ نزهة في الطبيعة فيتلمح أثر الجمال وحلاوة المنظر وعبق الحياة وهدوء الجنة وسكينة البال في أسرار خلق الله ..فبذلك تأنس النفس الزكية وتطيب نسائمها ..وتفرغ شحناتها السالبة لتتغذى من الطاهر العذب النقي البكر المنبع الصافي والأصل الشريف ..
على أن هذا الكائن إن لم يشغل باله بما يصلحها ولم يلجم نوازعها ويرشد موجاتها ..قد لا يهدأ له بال ، ولا يستقر إلا ليضطرب من جديد ..ولا يسكن عذابه إلا ليصيح بعدا أشد وأقوى.. واللبيب من يربي نفسه على الصبر ويقنعها بما جاء في حقها ويرضيها بما ينفعها ..ويأتيها أكلها الصافي من حين لآخر لتقوى به على المضي في الشدائد بلا منازعة ولا قنط ولا يأس ..والمعتوه الأبله هو الذي يمني نفسه في الحلم حتى إذا استيقض غالبه الحنق لعدم إدراك التمني ..فالبدار البدار بالتلطف والتقلل حتى وإن جاد الزمان ..فذلك مما يعرف النفس حدودها..والحذر الحذر من الإفراط والإطلاق حين يعطف الزمان ويُكرم الحظ .. ..فذلك يورث في النفس لهفة ونهما لا يكاد يخبو إلا ليسعر من جديد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران