الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناصفة الإرث جرأة في الطرح أم هروب إلى الأمام

رشيد برقان

2015 / 11 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


وأخيرا بدأ المجلس الوطني يغوص في الأراضي الملغومة، فتقديمه لتوصية حول ضرورة تحقيق المناصفة في الإرث يدخله في مواجهة مباشرة مع المحافظين، ويدعو المتنورين المتحررين إلى الاصطفاف وراءه. بل نكاد نزعم أنه يتوغل في تعميق تحرّر البلاد من المرجعية المحافظة ومعانقتها للبعد التحرري المتمثل في الحرية والمساواة، والمتجسد في الاحتكام للإعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الحقوقية الدولية.
والظرفية التي تطرح فيها هذه التوصية حساسة جدا نظرا لهيمنة القوى المحافظة على مفاصل التفكير المغربي، واعتبارا لسيطرة حكومة العدالة والتنمية المحافظة على دواليب التشريع المغربي.
ومفاد كل هذا دخول المجلس إلى مرحلة متطورة من العمل لا يراعي فيها الظروف المحيطة بعمل المجلس، ودرجة ملائمتها للدفع بمطلب معين إلى أتون الصراع المجتمعي، ولكنه أصبح ينظر إلى حقوق الانسان في شموليتها وعدم قابليتها للتجزيء.
كدت أصدق كل هذه الدفوعات التي أملاها علي ضميري المتفائل، ولكن لسوء الحظ تناوش هذا الضمير الجميل المطمئن نية خبيثة تصر على البحث في التفاصيل، وتقول لي:
فعلا هو مطلب جرئ وسيقطع شوطا عظيما في درب تحرّر المجتمع، وسيشحذ همم المتنورين لتقديم تأويلات أكثر جرأة وملائمة للواقع الموضوعي، بدل التأويلات المسكوكة المكرورة، والتي لا تفعل سوى إعادة إنتاج فكر ماضوي تقليدي ضد منطق التطور التاريخي. ولكن ألا تبدو حقوق العمال خصوصا إلزامية الضمان الاجتماعي أكثر ملحاحية وأقل اصطداما مع المجتمع. والمنطق الجيد يقول إن تراكم الحقوق التي يستفيد منها الناس مباشرة، أكثر تشجيعا على بلورة عقلية جديدة تؤمن بالمزيد من الحقوق من الدخول في المواجهة والصدام بدون ضمان الحصول على نتائج فعلية.
هذا أولا، وثانيا هل هذه الضجة فعلا تعبر عن إشكال حقيقي في المجتمع؟ كم هم عدد الذين يملكون ثروة سيرثها أبناؤهم؟ وكم هم عدد الذين يرثون فعلا في أولادهم، ويكلفون أبنائهم مصاريفهم ومصاريف إعالتهم، لأنه لا يتوفرون على ضمان اجتماعي، أو يتقاضون معاشا لا يتجاوز 100 درهم شهريا.
ثالثا، ألا تعد هذه العملية بمثابة تغطية الشمس بالغربال أو تغطية الغابة بالأصبع، فالبلد تعيش تحت وطأة الغلاء وتخلي الدولة على الدعم الذي كان يخفف الأزمات على المواطنين، والفئات المتعلمة والموظّفة عند الدولة أصبحت تشدّ أنفاسها خوفا من السيناريو الكارثي الذي ترسمه الحكومة لهم في ملف التقاعد، ووسط هذه الدوامة يدلي المجلس بدلوه، ويضرب صفحا عن كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ولا يوصي إلا بالمناصفة في الإرث. ألا يعد هذا ضحكا على ذقون المغاربة.
أعتقد أن ضميري القلق يجرني بعيدأ عن ضميري المطمئن ويهمس في أذني اليسرى أن هذه الحركة ليست إلا حركة جميلة غايتها الظهور بمظهر الفاعل في المجتمع بشكل فاقع، ولكن أيضا ابتعاد محسوب الخطى عن خط المواجهة مع السلطات العليا والرأسمال المتحكم في مفاصل البلاد، والذي لم يستطيع العيش إلا على الريع والتهرب الضريبي.
إن المجلس الوطني لحقوق لا يحتاج إلى فقاعات يسبح فيها، ولكنه، ليستحق وطنيته، يجب أن يعمل فعليا على إنزال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة إلى حيز الواقع، يجب أن ينخرط فعليا في إجراءات قانونية من شأنها وقف أنهار الريع، يجب أن ينخراط عمليا في رسم طريق تضمن عدم الإفلات من العقاب، والأكثر من هذا يجب عليه الإلحاح على إنزال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل قانوني دقيق، كل هذا بشكل يمكن البلاد من الدخول إلى دولة الحق والقانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القصة الكاملة لضبط عصابة تغتصب الاطفال في لبنان عن طريق «تيك


.. من بقايا جاءت من العراق.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمر




.. العربية ويكند | معايير السعادة لدى الشباب.. و تأثير وسائل ال


.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز




.. الصحفية غدير بدر