الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا العنف و التطرف بأسم الدين؟

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2015 / 11 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا العنف و التطرف بأسم الدين؟
علىينا ان نفكر بالسبب والمسببات على ضوء ما افرزته النتائج
في البدء نقول ان كل الديانات السماوية جاءت من اجل ارشاد الفرد والمجتمع الى ما هو افضل للعبادة والعيش الكريم و لتنظيم المجتمع ، والعيش بحرية وكرامة ، ولا يختلف احد على ان الرسالات السماوية كلها تدعو لفعل الخير ، فلماذا التطرف والعنف؟
اذا جمعنا واستحضرنا ما جاءت به الانبياء والرسل والتعاليم السماوية سنجدها كلها متقاربة ومتشابه في فحواها وجوهرها وهو ارشاد الفرد والمجتمع الى طريق الصواب .. وبمرور الزمن تحولت هذه الرسالة والتعاليم السماوية كلها او معظمها الى قوانين تم صياغتها ووضعها من قبل البشر، ومنهلها الدين ... وهذا طبيعي فبعد مرور الاف السنين ظهر خلالها عدد من الرسل والانبياء ... كلهم قاموا بتوصيل ونقل رسالة الله سبحانه وتعالى للبشر .. كتبت هذه الرسائل وجمعت في الكتب السماوية واحتوت ما على البشر اتباعه وسلوكه في العبادة وتنظيم شؤون الحياة والعلاقات الاجتماعية وسن القوانين لضمان حقوق المجتمع والفرد ... لذلك وبمرور عقود وقرون من الحقب الزمنية وتوسع وشمول القوانين لمعظم شؤون الحياة للمجتمع والفرد .. جعل ارتباط الناس برجال الدين يضعف في ما يخص شؤون الحياة وتنظيمها واصبح اعتمادهم على القوانين والمحاكم التي كان منهلها الدين .
لكن .. هذا النضج الفكري الاجتماعي دفع برجال الدين في المجتمع الاسلامي (بعد ان سبقنا لها المجتمع المسيحي) ومنهم على الاخص الممتهنيين لوظيفة الدين ، ان يشعرو ان سلطتهم وهيبتهم ضعفت وبدأت بالزوال وعليهم البحث عن ما يبقي سلطتهم وقوتهم وقدرتهم على التأثير على الناس لأتباعهم .. كقادة ومراجع .. وشعروا ان القيادة والمرجعية ستكون للقوانين والتعليمات بدل عن اشخاصهم ومناصبهم .. لذا بدأت عقولهم البشرية بالتخطيط والبحث عن سبل البقاء والتأثير لجعل البشر والعامة يبقون على اتباعهم والاقتداء بهم بشتى الوسائل وليس بالضرورة ان يكون الهدف هو الحفاظ على الرسائل السماوية.
من هنا ظهر المتشددون الذين اختلفو في التطبيق والاسلوب والمحتوى و الهدف ومن هذا الاختلاف والتعارض ظهر المؤيدون لهذا ... والمعارضون لذاك ... و نتج عنهم و منهم .. المتطرفون والمتعصبون لأفكارهم .. وتشكلو على شكل مجاميع كبرت بمرور الزمن .. وتوارثو وتكاثروا وهم يحافظون على موروثاتهم .. حتى نتج عنهم عامتهم وقادة لعامتهم وهؤلاء القادة هم غالبا منتفعون و سياسيون سلاحهم تمجيد اشخاص (واحيانا الوهية اشخاص) بعضهم مات من مئات والاف السنين وهؤلاء امتهنوا التأثير على البسطاء واللعب بعقولهم ومنهم فئة مختصة يتبعون العنف والقتل لأرهاب الاطراف المعارضة الاخرى وبالتالي غلبت عليهم صفة الارهاب.
ان منهل القوانين في كل المجتمعات هو الدين ... وبمرور الزمن ووفق مبدأ التحضر والتقدم واتباع اساليب البحث العلمي عن الاسباب والمسببات ... وصل البشر الى حدود متقدمة جدا في معالجة مشاكل المجتمع وصياغة القوانين والتشريعات .. ولكي يبقى باب الاجتهاد مفتوحا .. اتبعت المجتمعات افكار وطرق و صيغ تساعد المجتمع على حل الاشكالات المستجدة اوالتي غفلت عنها القوانين وذلك بتشكيل مجالس (مجالس نواب عن الشعب) تمثل المجتمعات لتناقش وتلبي احتياجات المجتمع وتسن و تطور القوانين بهدف الوصول الى العيش المتمدن والرغيد وضمان حق الحياة لكل فرد في المجتمع .
لكن هل سيستسلم ممتهني الدين لهذا الحال ؟
ان من يؤمن بان الانبياء والرسل وما جاءو به هو لأرشاد البشر الى الطريق المستقيم للعبادة والعيش في الحياة بكرامة وعز وعدم الاعتداء على حقوق الاخرين .. هؤلاء لن يتعارضوا مع القوانين الاجتماعية لأنهم وبعد مرور زمن طويل على صراعات المجتمعات وتفسير وفهم الدين والعبادة وحدود القوانين ومصادرها .. عرفوا ان منهل القوانين هي الدين وان تنظيم حقوق المجتمع والفرد واجب وحق .. وعلى المجتمع والفرد اطاعة القوانين وعدم انتهاك حقوق الاخرين وللفرد اتباع طريق العبادة الذي يؤمن به دون تأثير من او على اي احد اخر.
اما معارضوا هذا الفهم فانهم اباحو لأنفسهم كل الطرق والاساليب لتهديم هذا البناء الاجتماعي وايقاف عجلة التطور وعلى رأس هذه الطرق والاساليب هي العنف والقتل بوحشية وعشوائية والتعامل مع المجتمع والافراد على انهم وسيلة ليس للضغط على الحكومات واضعافها واستهلاك قدراتها واشغالها وتعطيلها فحسب ... وانما لأشاعة الفوضى واثارة الفتن داخل المجتمعات لتأكل بعضها البعض وتتأكل من الداخل . هؤلاء الانتحاريون هم ليسو من البشر بقدر ما هم اسلحة بيد من يتخذ الدين حجة لتبرير افعالهم .. وهم الذين فشلوا في مواجهة التطور المدني والمجتمعي في مواطنهم ومجتمعاتهم .
وطبعا هناك في المقابل من ينتهز هذه الفرص في ترويج بضائعه من اسلحة لأغراض الكسب على حساب المجتمعات البريئة .. وهناك ايضا من يستغل هؤلاء المتطرفين لتمرير المصالح والمكاسب السياسية الدولية لدولة على حساب اخرى لأغراض توسعية او عنصرية .. وتجد احيانا كانتونات الجيوش والاستخبارات والمخابرات وحرب الجواسيس وزرع العملاء ... كل ذلك تجده يتصارع مع بعضه من اجل الحصول على موطأ قدم في مواطن النزاع والتعامل مع وباء الارهاب وتشجعه احيانا لتحقيق مأرب دول وسياسات وضرب الاعداء بيد الارهاب .. الذي تحاربه في بلادها وتستعين به في ضرب اعدائها.
لذا اصبح من حقنا ان نقول ان من ينتفظ و يتمرد من اجل الدين ويبرر لنفسه افعاله الدنيئة في القتل والتخريب هو بالحقيقة يتخذ الدين حجة لتبرير سلوكه الشاذ في التعامل بقسوة مع المجتمعات والافراد الابرياء الذين لا صلة لهم بما يؤمن به هؤلاء المتمردون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب