الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوة - الثقافة

موسى راكان موسى

2015 / 11 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


{ بدت سلمى رائعة . ما السبيل ليحظى المرء على واحدة مثل سلمى ؟ كلاب هذا العالم يستحيل أن تحظى بامرأة كسلمى . الكلاب ينتهي بها الأمر مع الكلبات . قدمت لنا سلمى طعام الفطور . كانت فاتنة و حظي بها رجل هو أستاذ في الكلية . لم يكن هذا عادلا إلى حد ما بتفسير ما . مثقفون بارعون معسولو اللسان . الثقافة كانت الإله الجديد ، و الرجال المثقفون أسياد المستعمرة الجديدة } ؛ ( من رواية "نساء" , تشارلز بوكوفسكي ) [ لم يُعجب بوكوفسكي سارتر عبثا ] .

الثقافة ليست شيئا خاصا [ أي ملكية ] ممكنة التملّك ، هذا إن صح إعتبارها شيء ، لكن رغم ذلك أمكن تملّكها ؛ تماما كالإله ــ فبرزت قوة عن طريق التفاعل بها إجتماعيا .

لا إختلاف مع غرامشي في أنه لا وجود لإنسان ذا ثقافة و آخر دون ثقافة ، فالجميع إذن مثقفون ؛ لكن المثقف هو الذي تكون الثقافة موضوعه الشاغل / أو بعبارة أخرى موضوعه الذي يشتغل به ( إجتماعيا ) ــ أي [ يملك | يتفاعل ] بالثقافة : قوة .

لكن في خضم صراع طبقات و فئات طبقية تنزع كل منها إلى القوة ، بل إلى أكثر من ذلك ؛ إلى أن تكون هي ذاتها القوة ــ إستطاع المثقف أن يجعل ذاته هي هي ذات الثقافة ؛ ذات الإله / على غرار رجال الدين (و كل من الكاهن و الإنتلجنسي ينتميان إلى ذات الطبقة المُشتغلة بالكلام ــ ذات القوة [الوهمية : التجريدية]) .

و على الرغم من أن غرامشي صنف المثقف تمييزيا إلى ( مثقف عضوي) و (مثقف تقليدي) ، إلا أنه قد أكد أنهما يشتغلان على ذات الموضوع ــ أي الثقافة . في حين أننا نجد بين الفينة و الأخرى من يُخرج فلان من دائرة المثقفين أو يجرده من لقب أو صفة ( المثقف ) لأسباب إيديولوجية ؛ على الرغم من بقاء فلان هذا يشتغل في الثقافة . و هذا الإقصاء يعود إلى إعتبار الثقافة إله و المثقفين أشباه آلهة ؛ إن لم يكونوا آلهة ــ إذ يُنظر إلى الثقافة أنها الخير المطلق / و كل ما يُعاديه المثقف يصبح شرا مطلقا [!] ، و من هنا كان سعي الأطراف على إختلافها ، بل و على تناقضها ، إلى كسب المثقف إلى صفها ، فإن لم تكسبه ، قامت بخلق مثقفيها ، و إنكار المثقفين الذين لم تكسبهم ؛ بنفي كونهم مثقفين .

أعتذر منك مهدي عامل ؛ فلا وجود لمثقف مزيف ، فإما أن يكون المرء مثقفا و إما لا يكون ؛ و غرامشيا هذا غير موجود ــ إذا فإما أن تكون الثقافة موضوع المرء الشاغل و إما لا تكون : لكنه حينئذ ٍ يصبح و يمسي مثقفا . بالتالي وصف (مزيف) هو وصف إيديولوجي بإمتياز [ بغض النظر عن جواز ذلك من عدمه في إطار الصراع الطبقي ] .

لكن إن نظرنا إلى الثقافة ذاتها ، من حيث هي (( تملّك | تفاعل )) إجتماعيا ، ستفقد بريقها ؛ إذ تتضح أنها تنتمي للتجريد ــ فتنتهي إلى صنف القوة الوهمية / فيتساوى بذلك المثقف و الطفيلي الحيّان بفضل القوة الحقيقية عند الغير ، إلا أن سمعة المثقف لم تبرز كسمعة الطفيلي ؛ و يعود ذلك للموقع الطبقي الوسطوي للمثقف ــ إضافة إلى كون السُمعة هي نفسها جزء من موضوع شغله ؛ فينتهي إلى مصلحته من حيث بدأ .

المثقف ليس ملاكا ، و كذلك ليس شيطانا ، المثقف يملك القدرة أن يكون كلاهما (هو بمثابة شبه إله ؛ إن لم يكن إله) ــ لكن لسوء حظه أنه لا يملك صناعة الخبز بنفسه لنفسه ، فيموت جوعا ما لم يتطفل ليأكل الخبز الذي صنعه الآخرين بأنفسهم / هذا التطفل يتجسّد في الدخول بالثقافة في ميدان المجتمع ، فمن خلالها [ الثقافة : القوة ] يصرع المثقف الخبّاز ، بل و يسمو عليه ، و يقتنع الأخير بهذا السمو ضمن إطار هذا الصراع ؛ على الرغم من الحاجة الضرورية الجسدية عند الأول للثاني (رغم ألوهيته) [!] .

و في حين يكثر الحديث عن أزمة الثقافة و المثقفين في المنطقة العربية ، لغاية السمو (( بــ )) الثقافة و الإحتفال بالمثقفين ، يجري الحديث في الدول الغربية عن غاية السمو (( على )) الثقافة و المثقفين ، _و قد تناول هربرت ماركيوز هذه النقطة في كذا موقع من كتاباته_ . و بغض النظر عن ميدان هذه الأحاديث ، لنا في الحديث عنها الذي يحوي فهم الواقع الإجتماعي بأجزائه الطبقية و الفئوية ما يبعدنا عن الوقوع في وحل العدمية أو يُحلق بنا إلى وهم المثالية .

و تجنبا لسوء الفهم ؛ الثقافة من حيث تقع ضمن إطار شرطيّ القوة (( التملك | التفاعل )) إجتماعيا ، و هي المقصودة ــ و هي بذلك صنف من القوة الوهمية [ التجريدية ] لا الحقيقية ، ضمن الإطار الكلي المادي الإجتماعي / حيث الصراع الطبقي ؛ إذ تنزع الطبقات و الفئات في صراعها إلى القوة .

و ليس القصد بالمرّة الثقافة من حيث هي لا تقع ضمن إطار شرطيّ القوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الثقافة والمثقفون
فؤاد النمري ( 2015 / 11 / 18 - 16:58 )
جاءني أحد المثقفين اليساريين وعضو الهيئة الادارية لرابطة الكتاب الأردنية يحمل معه طلب انتساب لرابطة الكتاب بقصد ضمي للرابطة فرفضت الطلب وقد فاجأه الأمر وراح يلح علي بقبول الانتساب لكنني رفضت باصرار
وفي النهاية طلب معرفة السبب لهذا الرفض المستغرب
فأجبته وهو الكاتب المثقف دعي الماركسية القومية مؤكداً أن الكتاب المثقفين هم اشريحة ثابتة من طبقة البورجوازية الوضيعة التي أكرهها أشد كرهاً من الطبقة الرأسمالية

تحياتي البلشفية لرفيقنا موسى
بالمناسبة أين رفيقنا هشام؟


2 - الرفيق النمري .. تحية طيبة
موسى راكان موسى ( 2015 / 11 / 18 - 19:37 )


لقد كان في النظر إلى المثقفين كحلفاء طبقيين ضرره على طرفي النقيض ــ بل أعظم الضرر .


أما بخصوص الرفيق هشام ، فليس لي إلا أن أتنبأ بأنه في خضم طرح ضخم كما و كيفا ــ لننتظر .

اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح