الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف ضد الاخر

صبيحة شبر

2005 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العنف يعني استعمال القوة مثل الضرب او الكلام الجارح او يكون معنويا مثل الإبعاد والتجاهل والإهمال ،في محاولة التأثير على الأخر وإرغامه على تغيير قناعا ته ، او على الأقل تغيير أقواله ، فيبدو مؤيدا للرأي السائد ، المرغوب به ، ويعني أيضا التقليل من شان الآخرين وعدم احترامهم او تقديرهم بما يستحقون ، سواء كان هذا الاحتقار عن طريق الأفعال او الأقوال ، وتقليد الحركات ، وجعلها مضحكة ، فمن هم أولئك الأشخاص الذين يتعرضون الى العنف في مجتمعاتنا العربية ؟ إنهم كثر .... تأتي المراة في طليعة هؤلاء المظلومين لما تتميز به من رقة او عاطفية او أنها يجب ان تتبع الرجال المسيطرين على مقاليد الأمور ،وتنفذ لهم مشيئتهم سواء كانوا أزواجا او أخوة او آباء او أبناء عم ، وأحيانا حتى الأبناء يساهمون في تعنيف أمهاتهم او تقريعهن لسبب من الأسباب ، والأب يساهم أحيانا في إشعال الرغبة في السخرية من ألام والاستهانة بمواقفها وقد لاتكون هناك اسباب ، فالنظرة السائدة ، والتي تخلو من الصواب ان المراة يجب ان تكون ضعيفة وتابعة كي تتمتع باحترام الرجل وحبه ، وأنها تحكم على نفسها بالعزلة والعنوسة اذا اتصفت بقوة الشخصية والإرادة وحسن تقدير الأمور ، ومن الفئات التي تتعرض للعنف في مجتمعاتنا هي فئة الأطفال ، حيث يتعرضون الى العنف الجسدي او الكلامي من الأساتذة والآباء او الإخوة الكبار ، كما يتعرض الى العنف يوميا أولئك الناس الطيبين الذين يمتازون بكثرة مداراتهم للآخرين واحترامهم لهم ، فهم يحترمون من لا يستحق الاحترام ، ويخشون من الاساءة الى الاخر ، ولا تفهم دوافعهم الحقيقية ، من المبالغة في التغاضي عن الاساءات ومسامحتها ، فيكون جزاؤهم التنديد بموقفهم اللين المتساهل حتى من القريبين منهم ، ويتعرض للعنف الكلامي او الاحتقار والتقليل من الشان من قبل الاخرين الأشخاص الفقراء الذين يكسبون الضئيل من الرواتب فلا يستطيعون إيفاء حاجات عوائلهم من الطعام والشراب واللباس او التطبيب او السكن اللائق المتوفر على المستلزمات الضرورية التي يجب ان تتوفر عليها المساكن الصحية المحترمة من قبل الناس ، ويتعرض للعنف أيضا أولئك المبدعون الذين يأتون بأفكار ومفاهيم تتعارض مع العرف السائد في البيئة المعينة والنساء اللواتي يحملن أفكارا تحررية ، يتعرضن للعنف والمواقف التعنيفية من أفراد العائلة ومن الأقرباء والأصدقاء، بحجة إنهم يبحثون عن مصلحة المراة ولا يرغبون ان يهاجمها احد ، ولأننا مجتمع لا يحترم الاختلاف ولا يوقر وجهات النظر التي تتعارض مع النظرة السائدة ، فأننا نهاجم بالفعل او القول من لا يتفق مع طروحاتنا الفكرية معتبرين تصرفنا ذاك وكأنه بطولة ، والأدب العربي زاخر بمئات القصائد التي تهاجم الآخر وتنال من كرامته وتطلق عليه النعوت المثيرة للاستهزاء والضحك لا لشيء إلا لأنه يعبر عن أمور لا تتفق مع ما نؤمن به المجتمع حينذاك من أفكار وكثيرا ما نسمع احدهم يتفاخر انه عنف الآخر و ارغمه على الصمت وانه صرخ في وجهه وجعله أضحوكة ودرسا للعزيز واللئيم من الناس ، والبعض الآخر يفتخر انه أهان مخلوقا ضعيفا ووجه له صفعة سوف لن ينساها ما دام على قيد الحياة ، والعجيب ان المعتدي يحظى بالاحترام والتقدير ما دام بعيدا عنا
إننا كمسلمين يظن بعضنا انه يحمل الحقيقة لوحده ، وان الأديان الأخرى بعيدة عن الحقيقة التي تفردنا بها ، ويتناسى أولئك الناس ان الدين الإسلامي الصحيح نادي باحترام حرية الأديان الأخرى وان المسلم الحقيقي يجب ان يعترف بالأديان التي سبقت الإسلام ، ولا يقتصر التعصب على حملة الأديان فقط وإنما يشمل حتى أولئك الأشخاص الذين يؤمنون بإحدى الايدولوجيات ، ويرون انهم بهذا الانتماء قد اكتسبوا المعرفة كلها وان على الآخرين ان يتبعوهم ويحاولوا الاستفادة من علومهم التي أكسبتهم إياها أحزابهم المختلفة ، لقد حاول النظام الدكتاتوري المقبور ان يفرض سياسة التبعيث على الناس وخاصة على من لا يؤمن بحزب البعث وسياساته التخريبية وإنما يتخذ لنفسه انتماء أخر يتلاءم مع أفكاره ووجهات نظره
العراق يتوفر على نسيج متجانس من الأقوام ومنذ آلاف السنين عاشت مع بعضها في هذه التربة الغنية وبنت الحضارات العديدة التي شهدتها بلاد الرافدين ، وإذا أردنا ان نعيش في وئام واتفاق وان نفوت على الأعداء المتربصين بنا ما يريدونه من تراجع الى الوراء ، علينا ان نحترم التباين الموجود بيننا ، لأنه في ذلك الاحترام تكمن قوتنا ، ونستطيع ان نتدارك ما فاتنا من تقدم وما أصابنا من هزائم كثيرة ، وان ننطلق من جديد لبناء الإنسان ، وجعله يساهم مع الملايين في احترام الآخر وتقديره ومنحه حقه ، في التعبير عن نفسه بحرية وعدالة ، وان ننبذ تلك النظرة الضيقة ان أحدا من الناس يمتلك الحقيقة ، كلنا نحن العراقيين نملكها مع بعضنا البعض ، باتحادنا وتعاوننا واد راكنا أننا مختلفون في الأفكار والمذاهب والأديان والجنس والقوميات ، لكننا متفقون على اننا يجب ان نبني وطننا العراق وان نعيد له وجهه الحقيقي الذي يحترم الاختلاف ويبتعد عن سياسة العنف ضد الآخرين في أي من مجالات الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي


.. 164-An-Nisa




.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ


.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ




.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا