الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائرات المسيرة : لا تُعيد التفكير في النمل على الشاشة

فضيلة يوسف

2015 / 11 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


في غرفة منعزلة في قاعدة جوية في ولاية نيفادا، لدى الشباب القوة لمنح الناس الحياة أو الموت على بعد آلاف الأميال.
عندما تأمل ، Michael Haas وهو فني سابق رفيع المستوى في سلاح الجو الأمريكي، الأهداف التي ضربتها الطائرات العسكرية المسيرة ، تذكر بوضوح اللغة الغريبة التي استخدمها الطيارون لوصف أهدافهم. يجلس فريق من ثلاثة ، في محطة المراقبة الأرضية في قاعدة جوية خارج لاس فيغاس، يحدقون في شاشات الكمبيوتر إلى الصور التي سوف تبثها أجهزة الاستشعار التي تعمل بالطاقة العالية في الطائرات المسيرة على بعد آلاف الأميال.
وكان الهدف من المهمات تعقب المشبوهين، وعندما تكون الظروف ملائمة، قتلهم. لم يتحدث العاملون بهذه الطريقة وإنما تحدثوا عن " جزّ العشب قبل أن ينمو خارج نطاق السيطرة"، أو "سحب الأعشاب الضارة قبل أن تتجاوز الحديقة".
ثم كان هناك الأطفال. عندما يشغل الفنيون الطائرات المسيرة فوق قرية في المناطق القبلية في باكستان، مثلاً، وعندما تظهر سلسلة من الظلال السوداء الصغيرة عبر شاشاتهم – دلالة على وجود أطفال في مكان الحادث.
إنهم إرهابيون صغار ، هكذا يتم وصفهم
سجّل Haas وثلاثة من الطيارين السابقين مشغلي الطائرات المسيرة والفنيين اعتراضهم في صحيفة الغارديان على اعتماد الجيش الأمريكي المستمر على التكنولوجيا كخيار معاصر ، للرجال الأربعة ما يزيد على 20 عاماً من الخبرة المباشرة في العمل ضمن برامج الطائرات المسيرة الفتاكة وساعدوا في عمليات القتل التي استهدفت المئات من الناس في مناطق النزاع - وكثير منهم من المدنيين.
باعتباره أحد الفنيين الكبار في سرب الاستطلاع ال15 و سرب العمليات الخاصة الثالث في الأعوام 2005-2011 - وهي فترة تمتد في رئاسات جورج بوش وباراك أوباما - شارك Haas في عمليات القتل المستهدف من جهاز الكمبيوتر الخاص به في القاعدة الجوية في نيفادا والتي أنهت حياة المتمردين في أفغانستان على بعد 8000 ميل تقريباً. وعمل مشغلاً لأجهزة الاستشعار، والسيطرة على الكاميرات وأشعة الليزر وغيرها من المعدات لجمع المعلومات في الطائرات المسيرة من نوع Predator ( وتعني الحيوان المفترس ) فضلاً عن كونه مسؤولاً عن توجيه صواريخ Hellfire ( نار الجحيم ) إلى أهدافها عندما يسحب الطيار الجالس بجانبه الزناد.
يبلغ Haas من العمر 29 عاماً، ويرتدي قبعة بيسبول لفريق نوتردام وقميصاً لفريق شيكاغو للهوكي ، ويبدو الشاب مثقلاً من مثل هذه القضايا الشنيعة. ترك الإحساس الوجودي بقتل أشخاص عن طريق التلاعب في الكمبيوتر انطباعاً عميقاً ودائماً عليه. " تقدم دائماً صوب النمل وأبداً لا تعطيه فرصة أخرى؟ عليكم التفكير في الأهداف فقط - كما النقط السوداء على الشاشة. تبدأ في القيام بهذا الجمباز النفسي لتسهل ما عليك القيام به - إنهم يستحقون ذلك، هم اختاروا ذلك كان عليك أن تقتل جزءاً من ضميرك كي تواصل القيام بعملك كل يوم - وتجاهل تلك الأصوات التي تقول لك هذا لم يكن صحيحاً ".
كان Haas محظوظاً نسبياً، لأن فريقه شارك في اثنتين من الضربات الصاروخية فقط خلال تسييره لتحليق الطائرات المسيرة 5000 ساعة. وأول تلك الحوادث في كانون ثاني 2011، وضربت مجموعة من المتمردين في ولاية هلمند، أفغانستان، كانت تتبادل إطلاق النار مع القوات الأمريكية على الأرض وكانت ضربة حسب الأصول، "لا يوجد فيها شك"، كانت تسمى هكذا في المفردات الباردة المستخدمة ، وتشير إلى اليقين بشأن العدو. قال Haas "هذا اليقين نادراً ما كان موجوداً .
"لم يرغب Haas في معرفة العدد الإجمالي لعمليات القتل التي شارك بها ،عندما غادر سلاح الجو، أُعطي تقريراً بذلك ، لكنه اختار أن يتجاهله.
قال "لقد سلموني مغلفاً مغلقاً عن عدد القتلى ، ولكني لم فتحه. ماذا أفعل به"؟
أما Brandon Bryant ، وهو رقيب عمل مع القوات الجوية بين عامي 2005 و 2011 كمشغل لأجهزة الاستشعار ومحلل للصور في الطائرات المسيرة ،فلم يتهرب من ذلك ، لأنه يعلم بشكل حقيقي - وقد رأى ذلك على شاشته - بأنه متورط بشكل مباشر في وفاة 13 شخصاً في خمس ضربات Hellfire منفصلة، إحداها في العراق والباقي في أفغانستان.
Bryant ، (30 عام)، حليق الرأس ويغطي الوشم ظهر يديه، يحمّل نفسه المسؤولية الشخصية لحملة الطائرات المسيرة التي تورط فيها مدة خمس سنوات وخمسة أيام.
كانت أول shot"لقطة"، كما يطلق عليها مشغلو الطائرات المسيرة، في أفغانستان، حيث ساعد Bryant في إرشاد الطائرات المقاتلة F-16 لقتل ثلاثة أشخاص قيل له أنهم من التعزيزات القادمة لقوات طالبان. ولكن عندما "حدّقت فيهم " اتضح لي من حركات أجسامهم - التمترس، التلفت يميناً ويساراً - الخوف العظيم، مما يوحي أنهم ليسوا من المقاتلين المدربين.
وبعد الانتهاء من الضربة، وعندما عاد Bryant مرة أخرى لسربه، "احتفلنا بالضربة القاتلة الأولى لي" .
في الضربة الرابعة من ضربات هيلفاير التي شارك فيها Bryant بشكل مباشر، ضرب فريقه مجموعة من خمسة من أفراد القبائل على الجمال كانوا يسافرون عن طريق ممر من باكستان إلى أفغانستان. وقيل إنهم يحملون متفجرات لاستخدامها في هجمات على القوات الامريكية.
تعقب Bryant مع عضوين من فريقه المجموعة لعدة ساعات عبر أجهزة الكمبيوتر خارج لاس فيغاس. حلقت الطائرة المسيرة بعيداً عن الأنظار على ارتفاع حوالي 20000 قدم وعلى بعد حوالي أربعة أميال بحرية من المجموعة على أرض الواقع التي لم تتمكن من سماعها.
"استغربت خلال ذلك الوقت، لأنه لا توجد أي علامة على وجود أسلحة مع الرجال أو في الأمتعة التي يحملها الجمل. انتظر فريق الطائرات المسيرة الرجال بصبر حتى نزلوا إلى الوادي وناموا في الليل ، قبل أن يمزقهم الصاروخ . لم تحدث انفجارات ثانوية، عرف Bryant أن حدسه كان على حق – تم قتل خمسة رجال و جمل دون سبب واضح.
قال Bryant :"قتلناهم وهم نائمون ، هذا هو القتل الجبان ".
هذه الحوادث المباشرة كانت مروعة بما يكفي. ولكن بعد ذلك، عندما تم تسريحه من سلاح الجو في عام 2011، ارتكب خطأ لم يفعله Haas: فتح المغلف وفيه تقرير عدد عمليات القتل التي شارك فيها .
كان العدد: 1626.
شكلت هذه المعرفة، وضغوط أخرى لا تعد ولا تحصى من الجلوس في الصندوق في ولاية نيفادا وتتبع الأفراد لاغتيالهم على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، عبئاً ثقيلًا على Bryant وعلى غيره من مشغلي الطائرات المسيرة . وقد وجدت الدراسات أن مستويات مماثلة من الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة تصيب طياري الطائرات المسيرة الذين يعملون من وراء أجهزة الكمبيوتر فيما ينتشر العسكريون في أرض المعركة.
يعاني Westmoreland من الاضطراب والكوابيس المتكررة ، ابتداء من عام 2009 حتى يومنا هذا. "أنا أعمل في وحدة الراديو ، يصرخ المسؤول في وجهي لتشغيلها. ثم تبدأ بالعمل، وأنا أدرك هول ما قمت به. هربت من محطة التحكم وأنا الآن في قرية في أفغانستان تم إحراقها وهناك امرأة محترقة على الأرض وطفل يبكي عليها. أذهب لمساعدة الطفل، ولكن نصف وجهها مهشم ولا يمكنني عمل شيء. "
تحدث مشغلو الطائرات المسيرة الأربعة لصحيفة الغارديان ووصفوا الطرق المختلفة التي يعملون بها أثناء نوبات لمدة تصل إلى 12 ساعة ، بعضهم ينام أثناء العمل وبعضهم يقرأ الكتب المصورة أو يلعبون ألعاب الفيديو على أجهزتهم الآمنة.
وعلى الرغم من الحمل الذي كانوا يحملونه، كان يتم الاستخفاف بهم داخل سلاح الجو على نطاق أوسع. "كانوا ينظرون إلينا بازدراء ، لأننا لا نرتدي سترات الطيران ولا نجلس في قمرة قيادة الطائرة الفعلية. "الطائرات المسيرة نكتة في الجيش ".
في نهاية خدمته، تحول Haas لتدريب المجندين الجدد على تكنولوجيا الطائرات المسيرة . وقد هزّه من جديد، أن العديد من الشباب تحمسوا للسلطة التي أصبحت بين أيديهم. وأضاف "انهم يريدون القتل فقط .
ويتذكر أثناء دورة تدريبية لأحد الطلاب في سماء أفغانستان ، قال الطالب إن مجموعة من الناس على الأرض مشبوهة.
سألته لماذا ؟. فأجاب لأنها تبدو غير جيدة .
هل ستتصرف على هذا الأساس ؟
قال الطالب :بالتأكيد.
سحبته على الفور من مقعده، وتوليت المهمة بنفسي، وعلى الفور رسب الطالب. "حاولت إفهام الطلاب أن الحفاظ على أرواح الأبرياء له أولوية".
تم توبيخ Haas من كبار الضباط لأن الطالب رسب، وأخبروه أنه لا يوجد عدد كاف من الطلاب للتدريب على تسيير الطائرات المسيرة وأمروه بإنجاح الطلاب في المستقبل لتوفير العدد اللازم لتشغيل هذه الطائرات .
مترجم
Ed Pilkington








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست