الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على شفا الانفجار الثوري !!! كما تراءى ذات يوم لجون واتربوري

الهيموت عبدالسلام

2015 / 11 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا العنوان الملتبس والملتهب والأحمر وربما المغري للقراءة لقارئ لم يعد يقرأ بل فقط يشاهد و يتفرج على ثورات الربيع العربي وقد ُسرقت وتحولت إلى مسلسل طويل من التوحش البشري لم يسبق أن عرفته الإنسانية من قبل ،وهذا الإمعان في تغذية هذا التوحش وإطالة عمره حتى يقنعنا المستبدون وحركات الإرهاب المتذرعة بالدين ومن يقف خلفهما أنه لا خيار أمام الشعوب في منطقتنا فإما الخضوع للاستبداد وإما لوحشية داعش والقاعدة ، ولذلك استبطنت العديد من الأوساط التي شاركت بكثافة وحماسة في حراك 20 فبراير (استبطنت) إجابة جاهزة ومسكوكة وهي أنه كلما طالبتَ بمطلب بسيط ولو كانت فاتورة كهرباء أو بالوعة مختنقة أو سرير بالمستشفى إلا وأشهرت هذه الأوساط قبل الاستبداد في وجهك ورقة سوريا أتريدنا أن نتحول إلى سوريا ؟؟
العنوان أعلاه لن تجده في المقالات الصحافية وبيانات الأحزاب والنقابات والتيارات الراديكالية كما هو الحال في ستينيات وسبعينيات القرن إلا فيما نذر،ربما لتغير المعطيات السياسية العالمية من سقوط جدار برلين ،وسياسة البريسترويكا ،وانتفاء القطبية ،وطغيان النمط الاستهلاكي الرأسمالي،ونشوء أرستقراطية لقيادة الأحزاب والنقابات ،وثورة التكنولوجيا التي تضخ المعلومات بالملايير في الدقيقة الواحدة، وغيرها من العوامل التي عملت على فتور الفكر الماركسي واليساري والاشتراكي وحلول موجة من الإسلام السياسي ،والخلاصة فإن الشعوب كالرجل المريض حين ُيتعبه التنقل بين الأطباء يلجأ للفقيه أملا في العلاج.

للعنوان حكاية طريفة تعود لمنتصف الستينات في المغرب ،هي طريفة سياسية ذات دلالات عميقة تفسر المشهد السياسي المغربي وتوتراته ونخبه وأحزابه ومخزنه وشعبه المغربي ،الطريفة هي لأحد الباحثين الكبار في مجال العلوم السياسية "جون واتربوري" صاحب كتاب "أمير المؤمنين الملكية والنخبة السياسية المغربية " الكتاب هو أطروحة للباحث الأمريكي والتي شكلت مرجعا أساسيا لكل الباحثين في مجال العلوم السياسية والسوسيولوجيا المغربية ،والقيمة العلمية والمنهجية لهذا الكتاب هي أنه استلهم نظرية الانشطارية أو الانقسامية لقراءة المجتمع المغربي في خمسة عشرة سنة الأولى من تاريخ المغرب "المستقل" والتي أخذها أي الانقسامية بدوره من "إميل دوركايم" الذي قارب بها المجتمعات القبلية التي عرفتها أوربا سابقا،النظرية الانقسامية يمكن اختزالها وتبسيطها في مقولة "أنا وأخي ضد ِابن عمي وأنا وِابن عمي ضد عدوي" أي أن المجتمع المغربي يقوم في صراعه على القبلية والعشائرية ووحدة الدم بشكل يتقاطع مع نظرية ابن خلدون حول النسب والعصبية والشوكة والمال ،هذه النظرية لا يستسيغها طبعا الماركسيون الذين يرون أن الصراع الوحيد التي عرفته وتعرفه البشرية هو الصراع الطبقي حول من يمتلك وسائل الإنتاج وهو محرك التاريخ في عملية التحقيب الكلاسيكية المعروفة التي تبتدئ بنمط إنتاج المشاعية البدائية ثم العبودية ثم الإقطاعية ثم الرأسمالية وأخيرا الاشتراكية كمقدمة للمجتمع الشيوعي ،إيرادنا لمسألة التحليل الطبقي هذه ليس عبثا بل لأن الباحث سيتلمس لاحقا-في صيغة الترجمة الفرنسية للكتاب َتَشكّل صيرورة طبقية داخل المجتمع المغربي،وسيستفاد من قبل الباحثين أن الشكل الانقسامي الذي يطبع بنية المجتمع في شخص نخبه الحزبية ،وفي شخص المخزن والأحزاب ،وفي شخص أرض المخزن وأرض السيبة، ومسألة التحالفات كلها عوامل وغيرها ٱ-;---;--عتملت فيها صراع المصالح الاقتصادية والسياسية بأبعاد طبقية لم يستطع الباحث الذهاب بعيدا في هذا التحليل لأنه رسم أهدافا بحثية مسبقة تتحدد في موقع النخبة وتركيبها ومواقفها وسلوكها والمخزن وأدوت تقسيم المجتمع وتكتيكات بلقنة المشهد السياسي وخلق المنافسة والتقريب والإغراء ونبذ بعض الأحزاب إلى غيرها من الأساليب التي اعتمدها المخزن في علاقته بالأحزاب السياسية والنخب إجمالا.

واقترابا من الطريفة يخلص الكتاب/المرجع أن المشهد السياسي المغربي يمكن أن ترى البرامج واللجن والإجراءات والتدابير والمخططات والسياسات ولن تجد شيئا على أرض الواقع كما يمكن أن تتوتّر الأوضاع وتحتدّ إلى نقطة اللاعودة ، فسرعان ما تعود
الأمور إلى نقطة الانطلاق وبدايتها الأولى كأن شيئا لم يحصل،المشهد السياسي المغربي كل شيء فيه يتحرك حتى لا يتحرك أي شيء،في هذا المشهد دائما الكل يطالب بتغيير للأوضاع والكل يريد في تواطؤ غريب وغير معلن الحفاظ على هذه الأوضاع ، العديد من القضايا ُتقتل نقاشا ولاشيء ُُُُيحسم ،الغموض وعدم الحسم هو السمة العامة للمشهد السياسي كما يقول شارل أندري جوليان في قراءته للكتاب...

الطريفة بالحرف كما أوردها الباحث الأمريكي تقول:
"عندما وصلت إلى المغرب خلال صيف سنة 1965 ،حيث مازالت أحداث الدار البيضاء الدامية حاضرة في الأذهان،وقد تم تعليق البرلمان،وإعلان حالة الاستثناء،وفي أكتوبر تم اختطاف المهدي بن بركة وسارع الفرنسيون إلى تحميل الجنرال أوفقير مسؤولية القضية، وكنت أترقب ردود فعل جماهيرية داخل المغرب،ألم يكن بن بركة أحد الزعماء السياسيين الأكثر شعبية ؟ وقد ظهرت على جدران مدينة الرباط بعض الشعارات المكتوبة على عجل "أوفقير السفاح"،وألقي القبض على عدد من الطلبة خلال مواجهات مع الشرطة.وبعد الظهر ذات يوم ،سمعت من شقتي صخبا وأناشيد جماهيرية قادمة من الجامعة القريبة من مسكني،فقلت في نفسي إن الانفجار قريب ولا شك ،فودعت زوجتي القلقة ،وطلبت منها أن تنبه السفارة الأمريكية إذا لم أعد بعد أكثر من ساعتين،وكلما اقتربت بحذر من مصدر الصخب،زادت حدته،وعندما وصلت لم تكن هناك لا شرطة ولا طلبة ،لكن وجدت في الميدان الرياضي المقابل لمحمد الخامس مباراة رياضية حامية لكرة القدم بين فرقة رباطية في مواجهة مع فرقة من الدار البيضاء،إن لهذه القصة مغزى وحيدا مفادها أن ما يحدث بالمغرب في مستوى الواقع لا علاقة له مع ما ينتظر وفق أي منطق".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت