الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بنت الأرملة ....

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 11 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بنت الأرملة ..
تنويه : العنوان "بنت الأرملة " هو في سياق المديح ..

-لا أستطيع أن أدفع لك ديني الآن ..أرجوك أن تصبر عليّ قليلا .. قالت إيناس لمُحادثها عبر سمّاعة الهاتف.
- مش مشكلة ..!! أتاها الجواب الذي طمأنها قليلا ..
- عمّا قريب سيتزوج أخي ، وسأدفع لك من "نقوط العريس "* !! قالت بكل عفوية وبساطة ...
- مبروووك ، ولا تُشغلي بالك ..!!
وبالفعل ما أن حصلت على النقود ، حتى قامت بسداد الدين كاملاً ومع كلمات الشكر والثناء ..
والأرامل أو المُعيلات الوحيدات ، هنّ نساء مناضلات ومكافحات من الطراز الأول ، ويقفن على "خط الجبهة" الأمامي ، دون سلاح سوى سلاح الإرادة ، والرغبة في تنشئة الأولاد ، صبيانا وبنات وضمان مستقبل أقل صعوبةَ وقتامة من حياتهن ..
والمُعيلات الوحيدات في عالمنا العربي كثيرات ، بل وتشير بعض التقديرات بأن نسبة النساء الوحيدات المُعيلات في مصر تصل الى ال 30% ، بينما تشير تقارير أُخرى إلى أنّ النساء السوريات تحولن الى معيلات وحيدات جراء "حُمّى" القتل التي دبّت في "عروق" سوريا .. وكذا هو الحال في العراق وبلدان أُخَر.. من بلدان عالمنا العربي المنكوب بعقليته وطُغاته ..!!
نعم ، الحروب ، الفساد والظلم الإجتماعي في العالم العربي ، حوّل النساء ، رغماً عنهن، إلى مُعيلات للأسرة بعد أن فقدن المعيل الرئيسي للعائلة ، والأسباب كثيرة ولا مجال لتعدادها ..
هاته النساء المكافحات اللواتي يرفضن الذل والمسكنة ،ويبحثن عن عمل شريف يقيهن شر العوز والمسألة ، لا تكفيهن مصيبتهن ، بل يتعرضنّ الى أسوأ أشكال الإستغلال والمهانة ، ناهيك عن الألسن الطويلة التي لا تنفك تنهش بهن وبسيرتهن ..!!
ما علينا من ذلك ، فالمجتمع المُستعبد من ثقافة ذكورية والمدعوم بقراءة دينية قروسطية ، لا يهتم بتنشئة البنت مسبقاً لتكون مستقلة وصاحبة مهنة تقيها شر الأيام ، بل "يهيئها" لتكون زوجة وربة بيت فقط ، ويداعب غرورها بأنها ستكون "ملكة" في "مملكتها"، يعني في المطبخ والحمّام ...أجلّكم الله ... لذا نجد بأن أغلب المعيلات الوحيدات ، بدون مهنة ..
لكن هؤلاء المكافحات ، يتحدين قدرهن ، ويقمن خير قيام بدور المعيل للأُسرة وتربية أبناء وبنات مستقلات، يحترمن العمل ، يُخططن لمستقبلهن بوضوح ورؤية ثاقبة ، يتعاملن بإحترام مع الوعود ولا يُخلفنها ...
ظاهرة المعيلات الوحيدات ليست مقصورة على العالم الثالث ، بل تعاني منها نساءٌ في العالم الأول ، فإعالة عائلة بأجر واحد ، وخاصة في ظل المصاعب الإقتصادية ، وزيادة متطلبات الحياة تُثقل كاهل المعيلة الوحيدة ، مع وجود نظام ضمان إجتماعي ، فما بالكم في حالات عدم وجود نظام ضمان اجتماعي أو مخصصات تأمين الدخل ؟؟!!
وبالمقارنة مع الذكور "الذكوريين" ، الذين إذا وعدوا أخلفوا، وإذا أُؤتمنوا خانوا ، واذا حدثوا كذبوا ، فإن المعيلات وأبناهن وبناتهن ،أشرف من هؤلاء جميعا ، بل لا تجوز مقارنتهن بهم !!
* نقوط العريس : في بلادنا يقوم المدعوون الى حفلة العرس بتقديم هدية نقدية للعريس .. وفي قاعات الأعراس هناك صندوق خاص لوضع النقوط فيه ، مع كتابة اسم صاحب النقوط ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أبرز رهانات الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسي


.. كلمة رئيس حزب -فرنسا الأبية- جان لوك ميلنشون عقب صدور نتائج




.. بسبب التنقيب عن الآثار.. مقتل طفل بجريمة مروعة في مصر


.. بالمسيرات الانقضاضية.. حزب الله يستهدف إسرائيل.. والغرب يحذر




.. حزب الله.. القدرات العسكرية | #التاسعة