الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلافات وأزمات علاقة الحب

صاحب الربيعي

2005 / 11 / 2
العلاقات الجنسية والاسرية


تتحكم منظومة القلب في الأحاسيس والمشاعر في بداية العلاقة بين الطرفين لمعادلة الحب وبعد أن يتم المصادقة عليها تنحو تجاه الاستقرار لتبدأ منظومة العقل في التحكم فيها، فتظهر النوازع والسلوكيات لتأكيد الذات من خلال ممارسة حالة السيطرة أو فرض التوجهات لإخضاع الآخر بعد أن كانت في مرحلتها الأولى سعي كل كيان للتوحد مع الآخر.
وتتخذ مساعي تأكيد الذات من الخلافات التافهة ذريعة، لفرض التوجهات والتنافس على انتزاع القيادة في العلاقة. والطرف الأكثر حرصاً على العلاقة يسعى لتقديم التنازل لاستمرارها لكنه بذات الوقت في داخله يرفض هذا المسعى من التنازل للأخر، فهو محكوم بمنظومة العقل التي تسعى لترميم عملية الهدم للعلاقة عبر افتعال المشاكل والخلافات التافهة. وبالمقابل فإن منظومة القلب التي تحتكم إلى المشاعر والأحاسيس تتعارض ومسارات منظومة العقل الساعية، لفرض التوجهات على الآخر.
تعبر ((زينات نصار)) عن حالة المنافسة بينها وبين حبيبها قائلةً:"يحزنني وضع المنافسة الذي أوقعتنا فيه لعبة الحرية، تؤلمني لحظات السباق الدائمة بينا كأن كل منا يريد إثبات قوته وشخصيته. وتثيرني هذه اللعبة، تمزقني، أرفضها في داخلي وأخشى البوح بخوفي كأنني بذلك أخسر المعركة".
تستعر حدة المنافسة بين طرفي علاقة الحب لاحتكار أدوار القيادة فيها (خاصة في الشرق) حيث تفرض السطوة الذكورية هيمنتها في المجتمع. وتكبر الخلافات التافهة لتصبح معارك لاحتلال الأدوار، وما لم يقدم أحد طرفي العلاقة تنازلاً عن دور مفترض لن يهدأ سعير المعركة!. لأنها تنهل لهيبها من قيم اجتماعية ( الكرامة، عزة النفس...) لإشعال المزيد من الحرائق في غابات العشق.
إن محاولة المرأة للعب دور الأم الحنونة والناصحة والمربية لحبيبها، يُشعر الرجل بحالة من الدونية في اللاوعي، لشعوره أن حبيبته تسعى لتجعل منه أبناً مطيعاً ينفذ أوامرها دون اعتراض! وغالباً ما يرفض طرفي العلاقة مصارحة بعضهما بما يحتقن داخلهما من حالة الرفض لهذا المساعى ويعبر عنه بطريقة مخالفة من خلال افتعال الخلافات والمعارك على جبهات ثانوية لتقليل الضغط على الجبهة الرئيسية من المعركة الحقيقية المستعرة في اللاوعي بين الجانين. وحالما يكسب (الرجل تحديداً!) معاركه الجانبية المفتعلة، يشعر في اللاوعي بأنه حقق انتصاراً على الجبهة الرئيسية أو حيديها لأجل غير مسمى!.
تتحدث ((زينات نصار)) عن تلك المعارك المفتعلة مع حبيبها قائلةً:"اعرف أن الحب ليس معركة وأن نجاحه بانتصارنا معاً، لكنك ترفض المساواة والمناقشة. وأنا قبلت منذ اليوم كل شروطك بعد أن عجزت عن حل كلماتك المتقاطعة، وأعلنت استسلامي لحبك دون قيد ولا شرط".
إن عدم المصارحة عن الأسباب الحقيقية للخلافات والمعارك الناشبة في علاقة الحب، واقتصار المصارحة على الخلافات المفتعلة (الظهرية!) وغير الأساسية يؤدي مع الزمن لنوع من الجفاء بين الطرفين لشعور أحد طرفي العلاقة بالخسارة الكلية وتقديم التنازلات بشكل مستمر دون جدوى من أجل الحفاظ على العلاقة التي يسعى كل جانب لتحميل الجانب الأخر مسؤولية فشلها.
وحين تعجز منظومة العقل في الحفاظ على علاقة الحب ليحل مكانها الجفاء وخفوت المشاعر والأحاسيس، تتحرك منظومة القلب لتأخذ زمام المبادرة وتأجج العواطف والمشاعر بين الطرفين فيسعى كل طرف لتقديم تنازل للطرف الآخر لترميم العلاقة والحفاظ على ما تبقى من المشاعر والأحاسيس.
وغالباً ما يشعر الرجل أكثر من المرأة بالحاجة إلى العاطفة للخروج من حالة اليأس والملل ويلعب الدور الذي تريده المرأة، فيصبح طفلاً يستجدي الحنان من الأم وسرعان ما تستجيب المرأة لهذا التنازل لتلعب دور الأم المتسامحة والحنونة والمحتضنة لطفلها المستجدي للمسة حنان وعاطفة وحب من أمه. لكن بعد أن ينهل الطفل ما يحتاجه من عاطفة وحب في لحظة من لحظات ضعفه يستعيد وعيه وثقته بنفسه، يصبح مشاكساً ويرفض مرة أخرى أن يكون طفلاً ويمارس دور الرجل الذي يحاول أن يفرض توجهاته وأدواره على المرأة (الحبيبة) ويرفض بشدة مسعاها في اللاوعي للتعامل معه على أنه أبناً لها!.
تقول ((زينات نصار))"كم مرة هددتنا الخلافات الصغيرة التي لانعرف حجمها الحقيقي إلا بعد انطفاء جذوتها. وكم مرة تمنينا أن نتحدى الزمن الذي يجمعنا لسنوات، فتختلق الأعذار لوضع النهاية لكنك أبداً تعود لأنك لاتجد المرأة التي تصطاد الملل في حياتك وتتغير مع اللحظات من حبيبه مراهقة يدهشك طيشها إلى امرأة عاقلة تسحرك باتزانها. ولأني المرأة التي تحبك أستطيع أن أكون امرأة، تتفجر بكل الفصول".
افتقاد شجاعة التصريح عن الأسباب الحقيقية الكامنة في اللاوعي بين الحبيبين يزيد من حدة الخلافات والأزمات، فتنشب المعارك على أسباب ثانوية وتافهة تحجب بظلالها الأسباب الحقيقية للمعارك التي يمارسها الطرفان أحدهما ضد الأخر دون وعي لكنهما ليس لديهما الشجاعة للبحث فيها خشيةً من الفشل في التوصل لتسوية تعيد المشاعر والأحاسيس لمجرى علاقة الحب المتكافئة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امرا?ة ثمانينية كورية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون الكوري


.. عازفة على أوتار الأمل




.. دراسة مغربية حديثة ترصد أثار زلزال الحوز على الحقوق الاقتصاد


.. الناشطة الحقوقية عضو فيدرالية رابط حقوق النساء بجهة درعة تاف




.. المحامية وعضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء فتيحة اشتاتو