الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم مع رجال الدين

خالد حسن يوسف

2015 / 11 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السابع والعشرون من نوفمبر 2015 والموافق يوم الجمعة كان بالنسبة لي حافلاً مع رجال الدين المسيحيين ودون موعد مسبق, وذلك بعد يوم الخميس والموافق عيد الشكر الأمريكي والمصحوب بهطول التلج والبرودة ناهيك عن كونه يوم عطلة رسمية, وصادف أنني كنت طريح الفراش في غالب هذا اليوم بفعل تعرضي للبرد منذ يوم الأربعاء.

في صبيحة يوم الجمعة خرجت إلى وسط مدينة منيابوليس لقضاء حاجة وفي ركن شارع وجدت خمسة من رجال الدين الشباب ومن ضمنهم مراهق وجميعهم من ذوي البشرة البيضاء كما هو معروف إصطلاحاً, وفهمت أنهم من أنصار الكنيسة الكاتوليكية وكانوا يدعون الناس للعودة إلى الرب أو المسيح, وتلك ظاهرة معروفة أن ترى رجال دين مسيحيين في وسط المدينة وهم يدعون الناس إلى العودة أو إتباع المسيح


من أقوال هؤلاء التقات "أمريكا أصبحت فرصة للعداء" والمقصود بذلك خطر خارجي محدق بالولايات المتحدة الأمريكية والاشارة إلى ما سينتج من استيعاب الاجئين القادمين .

"أمريكا ضد الرب" وأن الناس أبتعدوا عنه,أن هناك 50 مليون حالة إجهاض!,الإعتراف بالمثلية الجنسية,توحش اقتصاد الربا", هذه أبرز الأمور التي تحدثوا عنها والعالقة في ذهني.

وقد تبادلت المجموعة الخطابة في ظل حالة الطقس البارد, إلى أن الملفت بالنسبة لي كان أن الجمهور الذي مر بتقاطع الشارع الذي أنتصبوا عليه, قد عمل على تفاديهم أو إظهار الإمتعاض من خطابهم, إما بتجنبهم والمرور في الجهة المقابلة لهم أو باظهار الضحك والسخرية منهم, ناهيك عن إظهار البعض إشارات التخوف من أقوالهم.

في نهاية الأمر غادرت المكان وبعد ساعتين كنت دخلت إلى أحد المطاعم الصومالية لتناول الغذاء ووجدت أحد رجال الدين الصوماليين يلوح لي بيده تحيتاً, في البداية لم أستطيع التعرف على ملامحه بشكل واضح وأكتفيت بتحيته من مسافة وبعد مزيد من التدقيق في ملامحه أكتشفت أنني أعرفه, ومن ثم أتجهت إلى طاولته وهو بمرافقة أحد أبنائه.

وبعد السلام والسؤال عن الحال سألني عن رغبة شخصية له ووعدته بأن أجيبه واحققها خلال الأيام القريبة مباشرتاً, مجدداً ألقى علي الشيخ التحية وغادر المطعم قبلي.تجربتي مع الشيخ كانت جيدة فيما مضى إلى أنه كان مرتبطاً بجماعة دينية صومالية مليئة بالتناقضات, وأستطاعوا بدورهم التأثير على شخصيته وقراره, في حين كان هؤلاء في حاجة ماسة لمعرفته وبدوري كنت مرحب بخطابه الديني إلى حداً ما, بينما رأيت أن أكون على مسافة بعيدة عن الجماعة والتي رأيتها أنها لا زالت تعيش خارج سياق التاريخ والإنغماس في التفتيش عن عقيدة الآخرين والسعي المستمر للاستقطاب.

وفي مساء اليوم ذاته وعلى مسافة قريبة من الشارع الذي ضم دعاة الكنيسة الكاتوليكية, فجاتاً قابلت رجلان من ذوي البشرة البيضاء, وبدأ محاوري السؤال هل يمكن أن أسألك شيئاً؟ أخبرته نعم, فقال هي خمسة أسئلة, وشككت في الجهة التي يمثلها وذلك نظراً لتذبذب إنطباعات وجهه خلال الحديث! وخاصة وأنه لم يكن مريحاً للإنطباع, مبدئياً أجبته نعم يمكنك السؤال.

- السؤال الأول هل أنت مؤمن؟

نعم أنا علماني

- السؤال الثاني هل هناك جنة ونار؟

لا أستطيع أن أثبت ذلك

- السؤال الثالث هل تؤمن بالمسيح؟

هذا سؤال يتطلب فلسفة

- السؤال الرابع هل تشك بأن المسيح كان موجداً في يوماً ما؟

لا أستطيع أن أؤكد ذلك

- السؤال الخامس تحول إلى هيئة نقاش....

وكانت إجابتي أن هناك الكثير من التعاليم في المسيحية والجديرة بالتقدير , وصاحب ذلك قول السائل وهذا ما يميز المسيحية عن كل الأديان الأخرى, ضحكت وأنا أقول بدأ الرجل الصراع الديني حاولت تفاديه منذ البداية, وجاء قولي ما تقوله على غرار أهل الأديان ورؤيتهم الخاصة في الخلاص الأبدي, وبتالي سعدت بنقاشك وليس هناك ما تضيفه لي طالما لديك قناعتك المسبقة, وبدوره حاول الاستمرار في تأكيد ما أراد ومن ثم حجمته بالقول كفى لست في صدد إلقى محاضرة معي, أحترج أو أفحمه القول, مد يده إلي وسألني ما هي جنسيتك الأصلية؟ أخبرته أنني صومالي, فادخل يده في حقيبته وأخرج شريط DVD باللغة الصومالية وكتب على غلافه Jesus.

أخبرته بأن تراث المسيح ليس بجديد علي ويكفيني إنطباعي الشخصي عنه, إلى أنه أصر على منحي الشريط كفرصة كما قال وهكذا غاذرني ومباشرتاً وقفت إلى جواري حسناء صغيرة السن من ذوي البشرة ذاتها, وكانت تتابع مجرى الحديث, فبدأت بالقول كيف حالك؟ مجيباً جيد, ثم بادرت بالقول أنه مزعج, فلقت لها لا أرى ذلك.

وسألتني لماذا يسألك كل تلك الأسئلة؟ أخبرتها هو رجل دين ويفتش عن اعتقادي ويسعى لكسبي إلى عقيدته وهذا محرك كل المؤمنيين بفكرة معينة ومنها الأديان.

قالت يبدو أنك صاحب راحبة صدر وإلى كنت نهرته منذ البداية كما عملنا ألم تلاحظ؟ قلت الرحابة مطلوبة طالما أنه لم يقم بشيئ غير طبيعي تجاهي, أما ما مر بينكم فلم ألحظه اطلاقاً.

المفارقة أن الشابة أخذت وجهة الداعية الكاتوليكي وقالت سمعتك تقول له أنك علماني أو ليبرالي, إجابتي نعم هذا ما قلته للرجل, وعلى خطى الداعية سلك الشابة الحسناء وطرحت أسئلة استدراجية لمعرفة موقفي تجاه عامة وحاضرة في الأوساط الإنسانية, ولكوني لم استسيغ لفها ودورانها أخبرتها أنتي تتحدثين عن قضايا فلسفية لا يستعوبها عقلي وهي تحتاج إلى الدراسة, وقابلت الإجابة بابتسامة صفراء وهز رأسها ورافق ذلك عبارة أستذنك بالمغادرة.

والجدير بالاشارة أن هذه الوقائع جاءت في ظل فترة يعيش في العالم بحالة توثر سياسي وأمني وقائم في الولايات المتحدة أيضا, حيت هناك كم من المضايقات للأجانب والمسلمين تحديدا, وظهور دعوات سياسية لتعامل معهم بصورة مميزة وعنصرية وبمعزل عن الدستور الأمريكي الراهن.وفي هذا الشأن هناك تلاقي ما بين بعض رجال الدين وغيرهم من العاملين في الشأن المدني.

إلى أن ما له صلة باهتمامي أنصب في كيفية تجنب أناس مؤدلجين مسبقاً وبعيداً عن المحاولات الفردية والجماعية لدفع الآخرين إلى قيم اليديولوجية معينة, وفي بلد تعارف الناس فيه على أن لا يسئلوا بعضهم عن إنتماءاتهم الدينية إلى في ظل وقائع شاذة, والمفارقة أن الكثير من المؤشرات تؤكد على أن هناك من يرغب في إخراج قمقم التعصب الديني من صومعته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم