الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب.

محمد عزيز

2015 / 11 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تتميز مرحلة الشباب بكونها مرحلة انتقالية تقع بين الطفولة والنضج وقد استعصى على الباحثين ضبطها وإعطاء تعريف محدد لها. فيعتبر "بورديو" الحدود بين الأعمار حدودا اعتباطية حيث لا يمكننا أن نعرف أين يبدأ/ ينتهي الشباب أو الشيخوخة كما لا يمكننا ضبط الثراء والفقر وحدودهما.
الا أن هذه المرحلة تتميز بخطورتها لأن الأمر يتعلق بجيل من المفروض أن تعطى له أهمية كبيرة من ناحية تكوينه واعداده للمستقبل تكوينا يرفع من مستوى وعيه وتقديره للمسؤولية. فهي فترة تدريب واعداد للحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ومحاولة للتأقلم معها قصد تحقيق الاندماج في المجتمع.
والمطلع اليوم على سلوكات الشباب يقف على نوع من التطلعات التي تتسم بالآنية والاستعجال والمحدودية والتذمر مما يولد لديهم الانطباع بالهامشية وعدم الاندماج في الحياة الاجتماعية.
في إطار تناوله للمسألة الشبابية يؤكد المرحوم محمد جسوس على أهمية دراسة الأوضاع المحيطة بالشباب، اذ لا يمكننا فهم المشكلات التي يعيشها أو يواجهها من دون أن نضعها في سياق عام يتسم بتحولات وطفرات عميقة مست البنيات الاجتماعية التي تسود مجتمعنا. فغياب مشروع مجتمعي لهذه الفئة يؤهلها الى استيعاب الحياة الاجتماعية والثقافية ومحاولة التأقلم معها قصد تحقيق الاندماج الاجتماعي. هذا المشروع مرتبط أساسا بالتنشئة والاعداد والتكوين.
فتقلص دور الأسرة وأصبح همها وتركيزها الوحيد هو التأهيل المهني للفرد وتراجع أدوار المؤسسة التعليمية وبالخصوص الجامعات في خدمة وتأهيل الشباب القادر على اتخاذ قرارات عقلانية محصن بمهارات علمية تؤهله لاقتحام دواليب الإدارة والاقتصاد في الدولة وبكفاءة عالية.
كما أن المؤسسات الأخرى (أحزاب، دور الشباب، جمعيات، مالكو وسائل الإنتاج....) أضحت لا تلبي رغبات الشباب وحاجاته النفسية والاجتماعية واستغلته كورقة ضغط وصراع سياسي في الاحتجاجات والمحطات الانتخابية باعتباره شريحة قابلة للأدلجة وبسهولة، فأهملته وهمشت طموحاته مما جعله عرضة للوقوف "براس الدرب" والمقاهي لمتابعة المباريات الرياضية والأحداث الإعلامية التي أصبح يجد فيها هامشا من الحرية بطرق المواضيع التي تستفزه ويرغب في الحديث عنها...
ان هذا الكبت الناتج عن ضيق الأجواء الاجتماعية والمعوقات العرفية إزاء الهوايات والميول الفنية قد يؤدي بالشباب الى الارتماء في أحضان التطرف ومسالك المخدرات وثقافة الاغتراب واللهث وراء الموضة والأزياء. لذلك وجب التدخل سريعا للإجابة عن تساؤلات هذه الفئة ومشاغلها وتوفير حاجياتها وتوجيهها لتجنب مخاطر الانزلاقات والتطرف وذلك من خلال تفعيل مضامين الدستور الجديد بإحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بموجب الفصل 33 من دستور 2011 الذي منح هذه الفئة الدور الأساس في أي تنمية مرجوة باعتبارها الأداة الأنجع لتحقيق الإقلاع الاقتصادي.
دستور 2011 ومضامين الخطاب الملكي 9 مارس 2011 كانت خارطة طريق للنهوض بفئة الشباب وتحقيق مطامحها في وعي تام بخصوصية هذه المرحلة في الحراك الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لكن ما يلاحظ الآن هو اهمال للمسألة الشبابية من طرف النخب السياسية وتناولها لقضايا الشباب تناولا سطحيا، فلا يتجاوز حصر مشاغلها واهتماماتها ومتطلباتها في مستوى الترفيه فقط.
ان حساسية هذه المرحلة تستدعي التدخل السريع لمعالجة قضاياها وتأهيل الشباب للقيام بدوره كاملا في الإقلاع بالمجتمع المغربي الذي يعتبر الآن أمام فرصة تاريخية تتجلى في هرمه الديمغرافي الشاب، ولن يتأتى هذا الا بالتخلي عن تلك الجدية المنحرفة التي تسم مؤسسات التنشئة واضطلاعها بمهامها كاملة في تكوين وتأهيل فرد قادر على استيعاب الحياة والاندماج فيها مع ضمان كل الشروط الاجتماعية والسياسية لإدماج الشباب واشراكهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى