الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيال الزيف

أماني أريس

2015 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعيش الكثير من الناس في رهاب من التفكير، ويفضلون العيش في قوقعة المألوف فتبقى ذهنياتهم مقيدة في حيز مفاهيم صاغها غيرهم ، والأغرب في هذه الفئة انهم يعيشون في عداء مستمر مع من يخالفهم وفي خوف لا مبرر له سوى إداركهم المنادي في غياهب ضمائرهم بخطإ ما هم عليه ، وبالتالي تأكيدهم على أن انفعالاتهم ورغبتهم في استمرار شمولية الولاء لما داخل القوقعة لا تمثل استماتة دفاعية في سبيل مبدإ ما بقدر ما هي هجوم غريزي من أجل البقاء يشبه ما تشي به كامرات المغامرين عن حياة البراري.
فهؤلاء وخلافا لمن أحدث كوة في القوقعة الكبيرة ورأى منها النور على هدى العقل والفطرة والبصيرة ليمثل بذلك الجزء الحي من عناصر الحياة هم يمثلون الجماد الفاعل بلا مبرر وحدها قواعد الفيزياء تفسر تاثره وتاثيره فيما تعجز كل علوم الانسان عن تفسيرها.
في كتابه السابع من سلسلة " الجمهورية " تحدث افلاطون عن هذه الحالة باسطورته كهف الظلام التي وثقت لاستاذية معلمه سقراط وهو يعالج الموضوع بطريقة بسيطة ومعبرة تجعل كل عاقل يقراها يشعر بضيق قوقعته، وان ما يظنه الحقيقة يبقى مجرد زيف مادام لم يجتهد في محاولة فهمها والوصول الى حقيقتها بل يراها بمنظار متوراث لا ينتبه حتى لآثار الزمن عليه.

وملخص الاسطورة جاء على شكل حوار بين سقراط واحد تلاميذه يحيل خياله الى مجموعة من الناس يعيشون في كهف مظلم له ممر طويل باتجاه النور ، قبع هؤلاء الناس هناك منذ نعومة أظافرهم، وقيدت أرجلهم و أعناقهم بأغلال، بحيث لا يستطيعون التحرك من اماكنهم او رؤية اى شيء سوى ما يقع أمام أنظارهم لأن السلاسل منعتهم من إدارة رؤوسهم. و خلفهم نار متأججة من مسافة ، و بين النار و السجناء طريق مرتفع. و لتتخيل على طوال هذا الطريق حائطا منخفضا، مشابها لتلك الحواجز التي يضعها أمامهم لاعبوا الدمى المتحركة. فتمر خلف ظهورهم الأشكال أمام هذه النار فيعرض ظلها على الجدار الذي يتأمله اولئك الناس، ولكن تم إطلاق سراح أحد الأسرى والتفت أخيرا ليرى النار ويُصاب بالذهول ولكن سرعان ما اندثر ذهوله من النار عندما خرج من الكهف وأبصر العالم الحقيقي، العالم كما يفترض أن يكون، تضيئه الشمس ويمتد للأبد، وتأمل هذا الأسير تلك الأشكال التي تبدو ثابتة وملونة وجميلة ومحايدة، وتذكر عندما مرت تلك الأشكال أمام النار وعُرِض ظلها على الجدار، كيف كانت تتبدل، فمرة تظهر طويلة ومرة قصيرة ومرة داكنة ومرة فاتحة، أدرك ذلك الأسير الحر، أن ما يعرض على جدار الكهف ليست حقائق انما هي زيف متحرك! فالحقائق ثابتة، لا تتبدل ولا تتغير ولا تنحاز ولا تشوبها أية شائبة. لذلك أخذ على عاتقه العودة للكهف وتحرير المساجين، وعندما أخبرهم عن العالم بالخارج وعن الحقائق الجميلة والتي تنيرها الشمس، تضايقوا منه واعتبروه موسوسا وأمروه أن يصمت وإلا فسيقتلوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي