الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إيحاءات سياسية
حامد حمودي عباس
2015 / 11 / 30مواضيع وابحاث سياسية
كثيرة هي المراحل التي مرت بالمنطقة العربية منذ عقد من الزمن ، حيث ترسبت من خلالها حقائق دامغة ، يمكنها ان تدلنا الى نتائج يمكن تصورها مسبقاً لما يحدث حالياً من تغيرات متسارعة .
فالوعي المستند الى الحقائق المجردة ، وليس الى ما يقابله من نفاق يحتمه الانتماء الحزبي المتسم على الاغلب بضيق الافق ، والبقاء رهن حيز واحد من الاعتقاد الفكري ، هذا الوعي ، سوف لن يضنيه بلوغ تفسير منطقي لمجمل التغييرات التي حصلت في منطقة الشرق الاوسط والمغرب العربي .. إذ عندما قررت الولايات المتحدة الامريكية ومعها فرنسا وعدد من دول اوروبا ، وبدعم من قطر على وجه الخصوص ، لإحداث انقلابات حادة في النظام السياسي العربي ، لم يكن ذلك بهدف له صلة بمصلحة الشعوب العربية كما تدعي الدول الفاعلة في احداث تلك الانقلابات ، وانما لترسيخ المصالح الغربية في المنطقة أولاً ، ولإيقاف المد الفلسطيني وتجفيف مصادر دعمه ، لتحقيق أمن اسرائيل ثانياً .
ولتوثيق دعامات هذ الاعتقاد ، فاننا يمكننا الركون الى محاولات البحث عن اجابات مقنعة ، للنتائج التي طفت على سطح الاحداث بعد تغيير الانظمة السياسية في العراق وليبيا ، وكذلك مصر واليمن ، ومن خلال اعلان الحرب على سوريا ضمن ما سمي بالربيع العربي ، هذا اذا استثنينا تونس باعتبار انها قد استطاعت الامساك ببعض خيوط الحكم المدني البعيد عن التطرف الديني ، وابعاد حزب ( النهضة ) عن التفرد بالحكم عن طريق انتخابات سعى الشعب التونسي من خلالها الى العودة الى أصالته في امتثاله لمتطلبات التمدن ، ووفائه لمرحلة حكم ( بو رقيبة ) الاكثر انفتاحاً على المجتمع .. اقول .. اعتماداً على توثيق نتائج ما حدث للبلدان التي شملها ( الربيع العربي ) ، يصبح بالإمكان التساؤل على الدوام .. ترى ما الذي تحقق لشعوب تلك البلدان ، بعد ازاحة أنظمتها السياسية وبولادة قيصرية دموية مفاجئة ، لم يسبقها اي اعداد لمعالجة ردود الافعال المحتملة والحتمية لتلك التغييرات ؟ .. العراق ، لا زال ومنذ عام 2013 ، يعيش في ظل فراغ مؤسساتي تام ، غابت بتأثيره كامل اجهزة الدولة عن اداء مهامها الطبيعية ، واستمرت فيه حروب طائفية قسمته الى اقاليم مذهبية لا يربطها غير الصراع على السلطة ، واكلت داعش ثلث مساحته وبدم بارد .. ليبيا وقعت ولا تزال ، في أتون حرب هدت كل شيء في البلاد ، واعادت الشعب الليبي الى ما وراء خط الفقر ، بعد ان كان هذا الشعب يمتلك ، ولو الى حد ما ، قابلياته على العيش بكرامة وكفاية ابعدته عن الهجرة واللجوء واعلان الحاجة للعون من الغير .. اليمن وسوريا ، هما ضحيتين لأعنف صراع قبلي ومذهبي طائفي مقيت ، اديا الى تعرض شعبيهما الى التشرد والفاقة والموت ، في حين ينتشر اكثر من نصف الشعب السوري حالياً بين المنافي وسط أسوء ظروف حياتية مرت بها شعوب المنطقة .. ويصبح والحال هذه ، من الطبيعي جداً ، ان تظهر العديد من الحالات التي بدأت فيها شرائح واسعة من شعوب تلك البلدان ، تحن الى عهود ( الدكتاتوريات ) السابقة ، باعتبارها مهما كانت ظالمة ، فإنها ترعى دول ذات مؤسسات رصينة .
وبمرور الوقت ، فقد استمرئت الدول الغربية بقيادة امريكا ، ان تحبو باتجاه تأزيم الاوضاع حتى في البلدان التي ساهمت هي بتفاقم الحياة فيها ، لتجعلها طريقاً يسهل لها العبور صوب الضفة الاخرى بسلام ، الضفة التي تجد فيها شعوباً لاهية بمداراة فقرها وتردي الصحة وسوء الخدمات العامة ، وغياب سلطة القانون وتفشي ملامح الجهل بكل صوره .. عندها سوف لن تظهر أية ظاهرة من ظواهر الرفض الشعبي المؤثر ، فتستقيم لمصالحها الامور كما تريد .
ان ما يجري حاليا في سوريا ، حيث اصبحت ساحة صراع مكشوفة بين الدول المتنفذة في المنطقة وعلى اساس مذهبي لا يمت لملامح المعاصرة بأية صلة .. وبذات الشكل ما يحدث في اليمن من حرب ضحيتها الفقراء .. يظهر مدى سوء النوايا المبيتة لشعبي البلدين ، ويجعل من ضرورة ايقاف استهدافهما أمراً ملحاً على المنظمات الدولية الداعية لإشاعة السلام في العالم ان تتخذه وبكل حزم .
من هنا يأتي المعنى الواضح والجريء للتدخل الروسي المشبع بالتوجه الخالص للقضاء على اذرع الارهاب في المنطقة ، لكي تنعدم من امام الغرب مبررات التدخل المباشر والوقح ، للابقاء على ما يسمى بالقاعدة وداعش والنصرة ، كأداتين لاستنزاف الطاقات البشرية والمادية للبلدان العربية ، بهدف اضعافها والسيطرة على منابع الطاقة فيها بيسر ودون مقاومة .
لقد قام النظام الشوفيني المتخلف في تركيا ، بدور قذر للتصدي للقوات الجوية الروسية ، وهي تؤدي دورها في ضرب قوى الارهاب في سوريا ومن بعدها العراق ، وبحجج واهية ، قابلها الاصرار الروسي بتوجيه ضربات قاسية للنظام الاقتصادي التركي ، والتسبب له بخسارة قد تبلغ حسب الخبراء الاقتصاديين العالميين اكثر من 40 مليار دولار ، شملت قطاعات مختلفة منها السياحة وتوريد الغاز والمساهمة بمشاريع مشتركة تدر على البلدين بأرباح كبيرة .. مما حدى بالرئيس التركي ان يكرر ، وبطريقة مذلة ، محاولات الاتصال بالرئيس بوتين ، وتقديم الاعتذار العلني عن اقدام قواته بالتعرض للطائرة الروسية واسقاطها دون ان يقدم حججاً كافية لقواعد الاشتباك تبرر تلك الفعلة الشنيعة .
ويبقى الفرز واضحاً الان بين جبهتي النزاع في المنطقة ، تشكل إحداها الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين وبعض الحكام العرب ، وهي تسعى باتجاه يفضي الى خلق الاجواء السياسية والعسكرية والاقتصادية الداعمة للتنظيمات الارهابية في المنطقة ، بهدف تحقيق مآرب اقتصادية في اغلب انواعها .. وبين جبهة أخرى تتقدمها روسيا ، تسعى الى القضاء على منابع الارهاب واقتلاعه من جذوره .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخاوف من انهيار الهدنة بين حزب الله واسرائيل| الأخبار
.. الطوارئ في كوريا الجنوبية.. هل تقف كوريا الشمالية خلف التصعي
.. ما أثر عمليات المقاومة ضد جنود الجيش الإسرائيلي داخل غزة؟
.. حرائق وقنابل غاز في اشتباكات للمعارضة مع الشرطة في جورجيا
.. مستشفى المعمداني يستقبل مصابين بعد غارة إسرائيلية على محل تج