الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل فشلت العربية أن تكون لغة العالم الاسلامي؟.

سليمان الخليلي

2015 / 11 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بموجب أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فإن المسلمين بطبيعتهم الدينية يمارسون عباداتهم من صلاة وحج وقراءة القرآن  باللغة العربية، وبكونها لغة القرآن عززت موقعها بقوة ضمن اللغات الأقوى في العالم وأصبحت ذات تأثير كبير على عدد من اللغات الأخرى، وخاصة بنطاق كبير على لغات الدول الاسلامية غير الناطقة بالعربية إلى جانب الجوار الجغرافي والعلاقات التجارية بين العرب وشعوب هذه الدول، وظهر جلياً تأثير العربية في المفردات اللغوية والكتابات والأرقام على عدد من اللغات كالأوردية والفارسية والتركية والکردية والأمازيغية والسواحيلية وغيرها من اللغات التي يتكلمها المسلمون، ولا ننسى ايضا التأثير الواضح من ناحية تغذية المفردات للغات كبرى حاليا كالانجليزية والألمانية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية.
وباعتبار المسلمين عامةً والعرب خاصةً ينظرون إلى العربية بإنها خالدة وذات قدسية كونها لغة القرآن، إلا أن هذا لم يشفع لها لتجمع العالم الإسلامي تحت مظلة لغوية واحدة بينهم، وهذا أمر طبيبعي بحد ذاته مع إختلاف الشعوب الإسلامية باختلاف أعراقهم وثقافاتهم ولغاتهم، فالمسلمون غير العرب يملكون لغاتهم الأم الخاصة بهم يتقنونها ويمارسونها في مختلف مجالات حياتهم، وحتما لن يرضى أيٌ من هذه الشعوب أن يتخلى عن لغته الاصلية التي تحمل ثقافتهم مهما كانت الظروف، ولذا يتم ممارسة اللغة العربية في نطاق العبادات فقط دون أستخدامها في امور الحياة الاخرى، مما أبعدها أن تكون لغة التواصل والتفاهم بين شعوب العالم الإسلامي كافة، ولم تعزز مكانتها ضمن اللغات الرسمية بهذه الدول، فلا تزال مشكلة التفاهم بين شعوب الدول الإسلامية صعبة للغاية ، فمثلاً المسلم الصيني والمسلم الإفريقي والمسلم من الاوروبي والمسلم التركي و المسلم الهندي أوغيرهم لا يتخاطبون بلغة مشتركة تجمعهم، فهنا حلقة مفقودة بين هولاء المسلمين إلا من تعلم اللغة العربية واتقنها.
البديل الذي سحب البساط من اللغة العربية هي اللغة الانجليزية التي تعتبر بلا منازع لغة التواصل بين الشعوب، والتي استطاعت بجدارة تثبيت موقعها بسبب عوامل عدة كالهيمنة الغربية على مختلف جوانب التطور العلمي والتقني والحضاري والاقتصادي وتعزيز جوانب الاختراعات والابتكارات، وربما أيضا الاستعمار الانجليزي كان له دور في بعض هذه الدول، وحضرت اللغة الانجليزية كوسيلة تواصل بين المسلمين انفسهم، ولم تكن اللغة العربية حاضرة في هذا التواصل، فهي مجرد لغة لقراءة وتلاوة القرآن فقط، بل الامر المرير بأن اللغة الانجليزية حققت التفوق الذي لم تحققه اللغة العربية أن تكون لغة رسمية في بعض البلدان الإسلامية.
لفهم سؤالنا، لماذا لم تنجح العربية أن تكون لغة العالم الاسلامي، فبطبيعة الحال لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار دور اللغة العربية في التأثير على اللغات الأخرى من تغذيتها بالمفردات أو الحروف أو كما استخدمت الأبجدية العربية في الكتابة، لكن علينا أن نتسأل هل هناك خطر يهدد اللغة العربية في هذه الدول، فقد أنحسر أستخداماتها في الحياة العامة لتعود أدراجها في الممارسات الدينية فقط، ولعل ما يؤسف عليه بأن المسلمين يحفظون القرآن عن ظهر قلب دون معرفة اللغة العربية أساساً حيث لا يستطعون فهمها وتكلمها وكتابتها، بجانب أن وجود دول إسلامية تمثل ثقلاً في العالم الاسلامي حققت تطورات هائلة في تنمية مجتمعاتها، كمثل تركيا وماليزيا واندونيسيا هؤلاء كانوا في فترة سابقة تستخدم الابجدية العربية في لغاتها الام، مما استبدلتها بأبجدية لاتينية، وهذا يمثل أنحسارا لدور اللغة العربية، فمثلا اللغة التركية بسبب حركة الانقلاب اللغوي التي أدت إلى أستخدام الأبجدية اللاتينية بديلة عن الحروف العثمانية العربية، كذلك المالاوية التي تسختدم في ماليزيا وسنغافورة وبروناوي وغيرها حيث تحولت إلى الابجدية اللاتينية بدلا من العربية بالرغم من وجود نظام في اللغة المالاوية يسمى جاوي يستخدم الأبجدية العربية في الكتابة لكن ليس بتلك القوة والانتشار، لكن لا تزال بعض اللغات تستخدم الابجدية العربية كاللغة الفارسية والكشميرية والكردية والاوردية والطاجيكية، والخوف مع مرور الوقت تستبدل هذه اللغات إبجدياتها كما فعلت الأخريات.
 اللغة العربية في زمن ما كانت مؤهلة بقوة لتكون لغة المسلمين كافة كلغة مستخدمة في نواحي الحياة، ولغة تفاهم وتواصل بين كل الشعوب الإسلامية، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، ولم تصنع ذلك الجسر المفترض منها صنعه لربط كل المسلمين بلغة مشتركة واحدة بينهم يتواصلون من خلالها، ولا نعلم الاسباب التي أدت إلى هذا الامر، هل الدول الاسلامية غير العربية لم تهتم للعربية بان تكون لغة رسمية إلى جانب لغاتهم الاصلية، أم ان الدول العربية بنفسها لم تهتم لتمكين العربية لكل المسلمين، وحتى لا يفوت القطار حان الوقت لتفعيل دور كل من منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية والاستفادة من العربية لتوحيد العالم الاسلامي في لغة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-