الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلية والضرورة والمصادفة

محمد دوير

2015 / 11 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الإنسان بطبعه أكثر ميلاً في البحث عن علل الأشياء، وعلاقاتها وأسبابها، وهذا البحث هو سر من أسرار التقدم، وقد يظهر في صورة اجتماعية عامة أو فردية، حيث وجد أنه عندما بدأ اليونانيون ملاحظاتهم المنهجية للطبيعة، ولاحظوا انتظامات مختلفة للسبب، شعروا أن هناك ضرورة معينة تكمن وراء الظواهر، ولقد نظروا إليها بوصفها ضرورة أخلاقية تتماثل مع الضرورة الأخلاقية في العلاقات بين الأشخاص، فمثلما يتطلب فعل الشر العقاب، وفعل الخير الثواب. كذلك يتطلب حدث معين في الطبيعة " أ" النتيجة " ب " للاحتفاظ بحالة الانسجام بين الأشياء للحفاظ علي العدالة.
1- ماهية العلية:
مبدأ العلية من أهم المبادئ التي استندت عليها فلسفات الطبيعيين اليونان الذين انشغلوا كثيرا بالبحث في علل الوجود والأشياء، والتغير والحركة والسكون وما الي ذلك، بالإضافة الي أن البحث في علل الأشياء ثم محاولة الكشف عن تلك العلل كان سؤال العلم عبر تاريخه. وفي العصور الوسطي تم التعبير أيضا عن مبدأ السببية هذا في صياغة دينية حيث نظر فلاسفة العصور الوسطي أن هناك ضرورة لتساوي النتيجة مع السبب" العين بالعين والنفس بالنفس". أما ديكارت في العصر الحديث فقد رأي أن مبدأ العلية فكرة فطرية موجودة فينا منذ نشأنا بل إنه أساس كل الأفكار النظرية. ومع نيوتن تحققت طفرة نوعية في علاقة السبب بالنتيجة حيث جعلهما متساويان من باب التناظر في معادلة أو قانون علمي، فالقانون الثاني يشير الي أن لكل فعل رد فعل، ومن ثم صار مبدأ العلية هو المسلمة الأساسية القائلة أن أي شئ لا يمكن أن يحدث دون علة أو أن أي حادث في الكون تحكمه علاقة العلة والمعلول . بينما قصد " مل" من العلة، العلة الفيزيائية Physical Cause التي تسبب أو ينتج بناء عليها معلولاً آخر، بحيث يمكن وصف الأولي بالأخيرة أو تفسير أحدهما بالأخرى فالظاهرة إذا ارتبطت بظاهرة طبيعية أخري ارتباطا دائما بحيث تحدثان معا وتغيبان معا ،وتزيدان معا وتنقصان معا، فأولاهما في الحدوث في الزمان سبب في أخراهما، بشرط ألا يدخل في هذا التتابع ظواهر خرافية أو أسطورية ولا ظواهر تأملية ميتافيزيقية. وعند جون ديوي، العلة أمر عملي وغائي من أولها لأخرها، وهي وسيلة منطقية وظيفية أو أدائية تكتسب قيمتها من حيث هي أداة أو وظيفة نستعين بها في السير الذي يؤدي الي نتيجة هي الهدف والغاية .وبناء عليه تصبح العلية بهذه المعاني هي الشرط المبدئي الذي يحقق الوظيفة المنطقية والعملية للاستقراء.
2- العلية والضرورة
العلية يتضمن في ثناياه الحديث عن الضرورة Necessary، حيث القول بأحدهما يستلزم الثانية، إذ رأي العقليون أن العلية تتضمن فكرة الضرورة، وكانوا يقصدون أنه إذا حدثت العلة يجب أن يتبعها حدوث المعلول، وكأن الوجوب عندهم وجوب منطقي أي ما لا يمكن إنكاره، لأنها ضرورة آتية من العقل بطريق فطري أو قبلي.بمعني أن الارتباط العلائقي بين حادثة " أ " وحادثة " ب " هو ارتباط ضروري ناتج عن استمرار تكرار الحادثتين، مما يعني أننا ينبغي أن نتوقع هذه الحادثة بناء علي وجود حادثة أخري، وفكرة التكرار هنا هي العنصر الحاسم في سياق حديثنا عن الضرورة.
وفي اللغة تعني الضرورة درجة من القهر والإلزام علي حدوث شيء، والضروري في قاموس بلودوين هو ذلك الشيء الذي لا يعد حقا وحسب، ولكنه سيظل حقا في كل الظروف، وبهذا تصوره شيئا أكبر من الإرغام الهمجي، هناك قانون عام يحدث هذا الشيء في ظله.أما إذا نظرنا إليها كصفة وجدنا أنها تطلق علي الشيء الذي يتميز بأنه واجب الحدوث أو ممتنع الحدوث، تحدث أو لا تحدث، طبقا لشروط معينة تحتم حدوثه، كما أن الضرورة نابعة من داخل الظواهر نفسها، لتضفي عليها نوعا من الانتظام والترتيب والاتساق في البناء ، وكثيراً ما تستخدم الضرورة في حياتنا اليومية ، ذلك عندما نشير أو نؤكد علي حدوث شيء محدد بالذات دون حدوث غيره من أشياء أو مشابهته ، وذلك لأسباب متعلقة بخبرتنا الشخصية ، لدرجة أننا حين نؤكد علي ذلك الحدوث لا نعدم الدهشة حال مخالفتها لاعتقاداتنا.
وأنواع الضرورة ثلاثة، فهناك الضرورة المنطقية وصورتها عدم التناقض ومثالها إذا افترضنا أن أ = ب ، جـ = ب ، لزم أن يكون أ = جـ . وذلك لصدق المقدمتين السابقتين, ويري بيرس أن القضية الضرورية تبقي صادقة في كل عالم ممكن ، وذلك لأن صدقها لا يعتمد علي أمر واقع يمكن أن يتحقق ، ولكن علي العكس من ذلك ، فقط لتفسير الإشارات التي نعبر بها. بينما يذهب كارناب أن الضرورة المنطقية إنما تعني الصلاحية المنطقية، فالقضية تكون صحيحة منطقيا فقط إذا لم تقرر أي شيء عن العالم، أنها صادقة فقط عن طريق قيمة المعاني التي تنظمها الحدود. أما قوانين الطبيعة فهي عارضة ، ذلك أنه بالنسبة لأي قانون من السهل أن نصف تتابع العمليات التي تخالفه Violate it دون وقوع في تناقض ذاتي
أما النوع الثاني فهو " الضرورة الطبيعية أو الفيزيائية " ونجد صورتها في الأمر الواقع، وهذا النوع يقرر حقائق الطبيعة مثل غليان الماء عند درجة حرارة معينة وتحت ظروف معينة، وتحدث بناء علي أسبقية جملة من العلل التي تسببها، كأن نقول أن تسخين الماء لدرجة معينة هو علة حدوث البخار، وهو ما يعني بصورة أخري أن الضرورة الفيزيائية ناتجة عن الاستقراء وظهور حساب المصادفة Calculus of Chance، الذي نشأ في منتصف القرن السابع عشر علي أيدي باسكال Pascal
بينما نجد أن النوع الثالث والأخير فهو " الضرورة المعنوية " وصورتها في النظام المثالي أو الأمثل، حيث تعبر عن شيء يلزم عن شيء آخر ونقيضه ليس ممتنعاً، مثال أن نقول أن الاصالة العلمية شرط لنيل الدرجة العلمية، وأن ممارسة الرياضة شرط لسلامة البدن، ولكن قد يحصل شخص علي درجة علمية في غياب الاصالة العلمية، أو قد تصح الأبدان دون ممارسة الرياضة.
والضرورة فكرة ذات صلة مباشرة بالحتمية حيث نظر البعض الي التوحيد بينهما، وبالتالي تكون العلية أحد أركان الحتمية التي سادت المعرفة العلمية في العصر الحديث، وبذلك فإننا عدنا مرة أخري من وراء حجاب لفظ جديد الي الاستناد الي العلية: ذلك لأن القول بأن الطبيعة خاضعة لحتمية إنما هو قول مقنع بلفظ جديد للقول بأن الطبيعة خاضعة للقوانين أي للعلاقات العلية الثابتة أي للعلل الميكانيكية وحدها، وهكذا عدنا الي حيث بدأنا أي الي العلية
3- الضرورة والمصادفة
وإذا تناولنا العلاقة بين العلية والضرورة والحتمية، فإننا ننظر الآن في العلاقة بين الضرورة والمصادفة، كمفهوم مخالف أو مضاد للضرورة. المصادفة Chance في اللغة كل ما يخرج عن النظام أو القانون المدون، ولا يبدو له سبب ولا غاية واضحة، وهو أشبه ما يكون بالاتفاق. وفي المنطق هي اتفاق مجهول العلة، أو تزامن لسلسلتين عليتين مستقلتين، أو هي سلب الضرورة. ويقول أصحاب الحتمية: أن القول بالصدفة إفلاس عن معرفة الأسباب، أو جهل بها، وسيأتي اليوم الذي يكون بالإمكان إماطة اللثام عنها: وقال أصحاب مبدأ الريبة: أن بعض الحوادث، مما يطلق عليه دون الذرية، لا يمكن التنبؤ بها، وأن مبدأ الحتمية لذلك لا يصلح للتطبيق علي هذا المستوي دون الذري، وأنها حوادث صُدفية فعلا.وقد جرت العادة الي النظر الي أن ألعاب الحظ هي المجال الغني لدراسة الصدفة، فعن طريقها نقدر الموقف بين حالتين متعارضتين في إطار من القواعد المؤكدة Definite Rules ، ولا تزال حتي الآن تنمو باطراد نظرا لقدرتها علي حل المشكلات التي تنشأ في العديد من المواقف الهامة
وقد اشتقت الكلمة Chance من اللفظ اللاتيني Cadentia والتي اشتقت بدورها من الكلمة Cadere. ولهذا المصطلح المصادفة معان متعددة: 1- قولنا أن الشيء " أ " يتضمن كونه " ب" يعبر عن علاقة ضرورية. 2- إذا قلنا أن بعض الأشياء التي هي " أ " هي أيضا " ب " في حين أن بعضها الآخر ليس كذلك، فان هذا يعني أن " أ " لا تفترض وجود " ب " أو تستبعدها، فالعلاقة بينهما علاقة مصادفة.3- إذا قلنا أن زهر النرد حين إلقائه يسقط علي الوجه الذي يحمل الرقم 6 ، فإن هذه النتيجة ممكنة ولكنها ليست ضرورية لكونها واحدة من بين نتائج متعددة قد تحدث
وهو ما يعني إذن أن فكرة المصادفة تشير الي أن ثمة شيئا يحدث ولا ضرورة في ذلك الحدوث وكان من الممكن ألا يحدث، فحدوثه وعدم حدوثه محتملان، ومن ثم فإننا نلاحظ أن تصور المصادفة تصور علاقي ، بمعني أنه لا يفهم لها معني إلا بالإضافة الي سواها؛ فلا معني لقولنا أن " ب" من فعل المصادفة، إلا إذا نسبناها الي " أ". ومن ثم فإن ما يحدث مصادفة بالنسبة لفرد ما يعني من جهة أخري انه لا يعلم عن حدوث هذا الشيء مع ذاك أنه من الضرورة. فاصطدام المذنب " هال" بالأرض قد يراه شخص عادي أنه مصادفة، في حين ينظر إليه عالم فلك أنه ضرورة نتيجة قياسات معينة أجراها، بينما اصطدام لاعب كرة القدم بقائم المرمي يكون مصادفة لأنه ليس من شروط اللعبة، فالمصادفة إذن ذات معني نسبي ولكنها في ذات الوقت ليست مضادة لفكرة الحتمية لأن نسبيتها مرتبطة بدرجة المعرفة للفرد موضع الحكم علي الظاهرة. ولذلك وجدنا أن هيوم يعني بها الأحداث التي ليست لها علة معلومة، أو بدائل الاحتمالات التي لا نجد أساساً للتفضيل بينها. ولم تكن حتي مجرد اسم لعلة مضمرة لأن العلاقة العلية في حد ذاتها غير قابلة للتغيير. ولكن لعض العلل تختفي عنا نظرا لتعقد الطبيعة .وهذا المعني يشير الي عدم اعتقاد هيوم في موضوعية المصادفة، وهو ما سيؤثر علي موقفة من لا موضوعية الاحتمال بالتالي.
4- صور المصادفة
هذه المناقشة تحيلنا الي تناول صور المصادفة، فلها صورتان، الأولي: إما أن تكون "أ" صدفة بالنسبة الي "ب" والعكس ليس صحيحاً، والثانية:إما أن تكون " أ" صدفة الي " ب" والعكس صحيح. فمشكلة المصادفة في حالة " أ" لا تستلزم " ب" أمرها بسيط حيث نستطيع أن نصدر حكماً موجباً أو سالباً علي وجه اليقين، ولكن الإشكال يبدأ حين تكون "أ" موصوفة بصفة " ب" أحيانا، وغير موصوفة بها أحيانا أخري، أعني حين يكون اقتران " أ"، " ب" مصادفة، فعندئذ يستحيل علينا – حين تصادفنا " أ" – أن نحكم حكما قاطعا بأنها " ب" كذلك، وكل ما نستطيعه في هذه الحالة هو أن نقول أن " أ " هذه أيضا ربما تكون " ب " " وربما " هذه كلمة عامة ليس بها أي درجة تحديد ،حينئذ فنحن في حاجة الي الاحتمال لقياس درجته ونسبة رجحانه من زاوية الزيادة والنقصان.
خلاصة القول: تناولنا العلية بين الضرورة والمصادفة وتوصلنا الي انه في حالة تناول المصادفة بالمعني الموضوعي فإننا يمكن القول بأن العلية والضرورة والمصادفة كلها تصورات ارتبطت بالحتمية العلمية.وسنطرح الآن ما تم من نقد لمفهوم العلية.
5- نقد العلية
تكشف لهيوم أن مبدأ العلية لا يتضمن أي نوع من الضرورة أو الحتمية – كما يعتقد العقليون – إذ هو ليس سوي عادة ذهنية ترسخ عن طريق التكرار، فمشاهدتنا لظاهرة تتلو ظاهرة أخري، وتكرار هذه المشاهدة يجعلنا نتذكر الظاهرة الثانية حين حضور الأولي فنسمي الظاهرة التي تذكرناها علة وتلك الحاضرة أمامنا معلولاً. ويصبح تكرار هذا التلازم بين العلة والمعلول هو مصدر الإيمان بفكرة الضرورة ومبدأ العلية ، وقد اتخذ الفلاسفة العقليون من هذا المبدأ منطلقا لهم معتقدين أن العلية مبدأ قبلي A priori مستقل عن الخبرة وأنه ضروري . من هنا تساءل هيوم عن أصل هذا المبدأ، وحقيقة الصفة القبلية الضرورية التي لصقت به... وتكشف له أن استدلالات الفلاسفة المتعلقة بالواقع تقوم في أساسها علي علاقة العلة بالمعلول Cause and effect فالمفهوم الشائع يؤكد أننا حين نواجه واقعة جديدة لا نعرفها، نقوم بتبريرها علي ما سبق ملاحظته.
إذن تتوقف العلية هنا علي قاعدتين هما العادة السيكلوجية والتكرار المتصل للحوادث، وهما قاعدتان لا يجب أن يقيما علماً موثوقاً فيه. وبناء عليه فقد ناقش هيوم تصور العلية كتصور ابستمولوجي، أنكر أن هذا التصور فطري وان له الضرورة المنطقية التي لا يتصور نقيضها، وأنه تصور قبلي ،وأثبت أن الخبرة الإنسانية والتجربة مصدر ذاك التصور ، وأن ليس لتصور العلية صفة الكلية واليقين.وبالتالي ليست الضرورة أمراً قبليا أو ملزماً لأفكارنا، بل تلازم بين انطباعين.
نعم تصور العلية تصور ضروري ولكن ليست ضرورته منطقية ولا قبلية بل سيكلوجية أساسها إدراك تلازم زوج من الحوادث وارتباط ذلك التلازم في الذهن وتكوين عادة من توقع ذلك التلازم في المستقبل، تلك الضرورة بالتوقع وتكوين العادة يؤديان الي الاعتقاد بتصور العلية، فالضرورة في حقيقة الأمر ليست موجودة في الواقع – هكذا يقول أنصارها – إنها شيء غير مادي، غير تجريبي، غير قابل للقياس العملي المعملي، لا قبل للعين بأن تراها، ولا للأذن بأن تسمعها، ولا للحواس بان تحسها كيفما كان الإحساس.وهكذا نجده قد حول السببية الموضوعية الي سببية ذاتية تقوم علي توقع ما سيحدث في المستقبل علي أساس ما جري في الماضي
ولم ينكر الاستقرائيون هذا القول، ولكنهم أكدوا علي أن الضرورة لا تدرك فعلا بل أن ما يدرك فيها هو الارتباط العلي ذاته, وهو ما يجعلنا نشير الي عناصر العلية التي استند إليها هيوم في تفسيره لها. فقد اعتقد أن تصور العلية ليس تصوراً بسيطا – كما يري العقليون - وإنما هو تصور يكشف لنا عن ثلاث أفكار أساسية يتضمنها وهي السبق والجوار المكاني والضرورة، وفكرة الضرورة تلك أهم هذه الأفكار جميعا، لأنها صفة أساسية ضمنها العقليون فهمهم الأساسي للعلية .بالإضافة الي أهميتها في دراستنا للاحتمال، فالعلية قائمة عن تكرار التلازم، والتلازم مستند علي الضرورة. ويعتقد هيوم أن هذا التكرار هو المسئول عن ظهور تلك الرابطة العلائقية أو الضرورة في الذهن. وحقيقة الأمر أنه لا يمكن الجزم بوجود الضرورة في الانطباعات الحسية أو في العالم الخارجي، الضرورة موجودة فقط في الذهن، وهي بذلك لا تصلح دليلاً قائماً علي اختبار الواقع الخارجي أو الحكم عليه حيث أكد علي أنه ليس ثمة أساس لافتراض أن الضرورة في حد ذاتها متضمنة في أي تتابع ملاحظ للسبب والنتيجة: إنك تلاحظ الحادث "أ" ثم تلاحظ الحداثة " ب "، ما لاحظته ليس أكثر من تعاقب زمني للحادثتين، الواحد بعد الآخر، وليس ثمة "ضرورة" قد تم ملاحظتها .ونظراً لأننا لم نعثر علي تلك الضرورة في مكونات النتيجة وبالتالي فلا يمكن أن نثبتها.
ويتوصل هيوم من ذلك الي ضرورة فصل العلة عن المعلول، وهو فصل يترتب عليه التمييز بينهما وعدم تضمن أحداهما للأخرى، وهذا التمييز يلغي ما تبناه العقليون من الادعاء بالتناقض المنطقي بين حادثتين، وبالتالي ففكرة الضرورة هنا لا تعبر عن العلاقة العلية. هذا بالإضافة الي أن علاقة العلية هذه ليست ضرورية وعلي هذا ليست قبلية، ومن ثم فإنها تصور بعدي،أي مكتسب من الخبرة نتيجة العادة العقلية التي تؤدي الي الاعتقاد بضرورة هذا التصور.ومن جهة أخري فقد انتقد كثير من العلماء والفلاسفة علاقة العلية هذه أو السببية فهذا ارنست ماخ Ernest Mach " 1838- 1916" نجده ينكر الوجود الموضوعي للسببية، فالترابط بين السبب والنتيجة غير موجود في الطبيعة. بل يقوم، فقط، بين الصور الذهنية التي يختزنها الفكر.
وهذه النتيجة سوف تدفعنا الي السؤال التالي: اذن علي أي أساس نتوقع حدوث المستقبل بناء علي معطيات الحاضر أو الماضي؟.هنا ضربت فكرة الضرورة في التصور العلي ، وأصبحت العلائقية العقلانية موضوع نظر أو شك ونقد بعد هيوم في الفلسفة المعاصرة.
المراجع:
- AyerA,J.,: The Origins of Pragmatism,Macmillan,1968, p 75
2- Rastrigin,L.,: This Chancy,Chancy,Chancy Worled,Translated From The Russian by : R.H.M.Woodhouse,Mir Publichers,Moscow,1984,
3- احمد إبراهيم الشريف: الحتم والحرية في القانون العلمي
4- حسين علي: فلسفة العلم المعاصر ومفهوم الاحتمال
5- رودلف كارناب: الأسس الفلسفية للفيزياء، ترجمة: السيد نفادي
6- زكي نجيب محمود: المنطق الوضعي
7- السيد نفادي: الضرورة والاحتمال بين الفلسفة والعلم
8- صلاح قنصوة: فلسفة العلم
9- عبد المنعم الحفني:المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة
10- ماهر عبد القادر محمد: المنطق الاستقرائي
11 - محمد ثابت الفندي: مع الفيلسوف، القسم الثاني
12- محمد عابد الجابري: المناهج التجريبي وتطور الفكر العلمي
13- محمد علي أبو ريان: الفلسفة ومباحثها
14- محمود فهمي زيدان: الاستقراء والمنهج العلمي
15 - هنتر ميد: الفلسفة، أنواعها ومشكلاتها
16- يمني طريف الخولي: العلم والاغتراب والحرية
17- المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، القاهرة،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو