الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياةُ في عالَمَيْن ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 12 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحياةُ في عالَمَيْن ..
شاهدتُ على اليوتيوب فيلماً قصيراً عن طائفة "الأميش" ، وللحقيقة فنمط حياتهم يشدُّ إنتباهي ، بل وأحترمهم على تصميمهم وارادتهم الجبارة في تحقيق "ذواتهم" من خلال هذا النمط الذي لا تجذبه مغريات الحياة المُعاصرة بما فيها من وسائل راحة ..
وقد تحدّث "الفيلم" عن الممنوعات لدى أبناء الطائفة ومنها تحريم التماثيل ، عدم حلق اللِحى ، "تحريم" التعليم العصري ، تحريم الموسيقى والمعازف ، ولا يؤمنون بالتأمين فكل شيء قضاءٌ وقدر ،لا يستعملون الهواتف على انواعها ، يُمارسون نظام حرمان ضد من يخرج عن الطائفة وتُحرّمُ عليه زوجته ، لا يحتسون الخمر ، يُحرّمون العلاقات الجنسية خارج الزواج وتُمنعُ النساء من قيادة العربة، كما وأن لديهم مجلس افتاء يُقرر لهم في كل شؤون الحياة .
وجدتُ أوجهَ شبهٍ كبير بين الاميش والسلفية الإسلامية ، كتحريم التماثيل والموسيقى ،إطالة اللحى وتحريم قيادة العربة (السيارة) على النساء وأوجه الشبه الأخرى .. لكنّ الفرق الجوهري بينهم وبين السعودية (على سبيل المثال ) هو إلتزام الأميش بالحياة في عالمٍ خاص بهم ، دون الإلتفات الى المجتمع الذي يُحيط بهم بكل ما فيه من تطور وحداثة ...وإغراء !!
بينما نرى بأن "السعودية " (على سبيل المثال ) ، تُريدُ أن تعيش عالم السلف (خير القرون ) والعالم المعاصر في آنٍ واحد ، كما يعيش الأميش بالضبط وفق الإنجيل الموجود بين أيديهم دون التأثر بالحياة المعاصرة ، بينما السعودية "تُحاول" أن تعيش في عالمين .. رٍجلٌ في الماضي ورٍجل في الحاضر..
لذا ، نرى بأن مجتمع السعودية ، تحول الى مجتمع مستهلك ومستهلك فقط .. فنظام تعليمه مثلاً ، يعتمد على الموروث والموروث فقط ، ويرى في إشغال العقل ترفاً لا حاجة للمجتمع به .... بالضبط كما الأميش الذين يعتمدون في كل شأن حياتي على الموروث ، لكنهم يرفضون الحياة في الحاضر ..ويرفضون التفكير في "قضايا" الحياة المُعاصرة ...
لم اتطرق لقضية التشابه في اللباس ، زيٌّ موحد للرجال وزيٌّ للنساء ...
وتبقى قدرة الأميش على الحياة في الماضي مُثيرة للإعجاب . لكن هل تستطيع الحياة في عالمين مختلفين جذرياُ ؟؟ وما هو الثمن الذي تدفعهُ هذه المجتمعات ؟!
لا بدَّ من وسائل قمعية لتفرض نمط حياة ، لذا فالأميش يعلنون حرماناً على "المرتد" منهم ويطلقونه من زوجته ...لذا ليس بمستغرب أن تكون الشرطة "الدينية " هي الأكثر نشاطاً وعملاً في السعودية ...
فالإنسانُ بطبعه لا يستطيع الحياة في عالمين مختلفين ، ولكي "تكبح" رغبته بالحياة في عالم منسجم مع ذاته ، فعليك استعمال القوة القامعة وفرض نمط الحياة بالقوة ...
الأميش يعيشون في الماضي برغبتهم الحرة الخالصة ، بينما شعب "السعودية " مثلا ، يعيش في عالمين بقوة الأدوات القمعية ..
طبعاً أفلام الخيال العلمي صورّت شكلاً من أشكال الحياة في عالمين متوازيين ، عبر المرور ببوابة الزمن ، لكن ذلك مستحيل عملياً حتى هذه اللحظة . أما الحياة في مجتمعين متوازيين مختلفين جذرياً ، فهذا من "إبداعات " أنظمة القمع ...!!!
فيلم قصير عن الأميش ...
https://www.youtube.com/watch?v=6Py1W196VYs








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أبرز رهانات الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسي


.. كلمة رئيس حزب -فرنسا الأبية- جان لوك ميلنشون عقب صدور نتائج




.. بسبب التنقيب عن الآثار.. مقتل طفل بجريمة مروعة في مصر


.. بالمسيرات الانقضاضية.. حزب الله يستهدف إسرائيل.. والغرب يحذر




.. حزب الله.. القدرات العسكرية | #التاسعة