الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة العقل للفكر التطوري الدارويني..

محمد البورقادي

2015 / 12 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد جاء داروين بنظرية النشوء والإرتقاء في القرن الثامن عشر والتي تقول بأن أصل الكائنات واحد ..وأنها عرفت ارتقاء ا وتطورا على مر الأزمان ..هذا التطور هو الذي سمح للأصناف الحية بأن تتخذ شكلا بيولوجيا جديدا له وضائف أكثر تطورا من الشكل الذي عرفه سابقا ..وهذا الإرتقاء يتم عبر ما يسمى بالإنتخاب الطبيعي حيث إن الكائنات الحية الأقوى هي التي تصعد في سلم الإرتقاء أما الضعيفة منها فتنفق ..ومسألة النشوء تلك تتم عبر حلقات انتقالية تربط بين خلق وخلق آخر ..
ويقول أيضا بأن الأصل جاء من خلية واحدة وأن هاته الخلية التي نشأت منها جميع المخلوقات أتت صدفة بخبطة عشواء ..
إن نظرية داروين مجدت في الغرب في القرن التاسع عشر حتى أصبحت حقيقة يعترف بها كل أتباع هذا المنهج ..لقد صارت اعتقادا راسخا تنبني عليه حياة الأفراد في هذا العالم ومن تم لا يساؤلها أحد ولا يشك في مدى صحتها ..فمن يسأل عنها من أتباعها يجيب بأنه مؤمن بها من حيث أنه واثق من جهد العالم وبحثه الذي قام به ومن تم لا ينكرها ولا يحاول حتى أن ينكرها ..لقد صارت مرادفا للإيمان الأعمى الذي لا يستند على منطق ولا دليل ..وإذا كان الإيمان بالغيب غير وارد في ظل العلم فضحده قد تم ويتم على يد هؤلاء الملحدين الذين يعتمدون أنفسهم على الغيبيات في نشر دينهم ..كيف ذلك !!
إذا كان جنس الإنسان قد كان من قبل ينتمي إلى فصيلة القرود فأين هي الحلقات الرابطة والمحطات الخلقية الوسطى التي تفصل بين مراحل هذا التطور !! لم يجد لها العلم حقيقة في أرض الواقع ولم يتبث أن ثم العثور على مستحاثة واحدة تشتمل على فصل واحد من فصول هذا التطور في علم البيولوجيا منذ نشأته إلى الآن ..والإدعاء بأن الإرتقاء ينشأ عبر ملايين من السنين ليس إلا هروبا من المواجهة العلمية وتبرير زائف من تبريرات هاته النظرية.. إذ كيف تتم ملاحظة تطور الأجناس في تلك السنين المديدة فضلا عن دراستها ! وإذا كانت العلوم التجريبية تعتمد على التجربة والبرهان المادي فإنها لم تأت بأي من ذلك في مجال الإرتقاء لبناء نظريتها ..إنما هي فرظية محضة لا تصل لمستوى الحقيقة من حيث لا يمكن الإستدلال على صحتها بأبحاث ميدانية تؤكد حقيقة ادعاء اتها ..وإن تم سؤال أي أحد من أنصارها... هل هناك أي دليل ملاحظ عن هذا التطور عن تطور جنس الدببة إلى جنس الأسماك مثلا ؟ لا أحد سوف يجيب بالإيجاب إذ لم يتبث أن شوهد ذلك !
والدعوى بأن هناك حلقة مفقودة بين الجنس المتطوِّر والجنس المتطوَّر إليه هي ادعاء آخر كاذب وهروب فاضح ..بدليل أنه لم يسبق أن وجد في الطبيعة جنس "نصف متطور" يشهد على هذا التطور..
لا شك أن هناك تطور يحدث على مستوى أصغر تعرفه البكتيريات والجراثيم والميكروبات وذلك ما يشهده المختصون في المختبرات العلمية ..لكن لا يمكن أن تتطور الكائنات الحية بحيث ينسخ نوع نوع آخر أو ينشأ نوع جديد من نوع آخر .
كما زعم أيضا بأن هذا الإرتقاء تم تلقائيا عشوائيا ..ذلك أن هاته الخلية الأولى التي انبثق منها هذا الكم الهائل من المخلوقات على اختلاف أشكالها وأحجامها قد خلقت من نفسها وليس بفعل فاعل ..كما أنها مزودة بمقومات وآليات هذا التطور داخليا ! وأن هاته الخلية الحية هي التي أدت لوحدها لهذا التطور من الميكروب إلى الحيوان إلى الإنسان العاقل بدون تدخل يد !
والزعم بذلك قد يلغي قانون السببية الذي يستند عليه العلم ويفنذه ..فلكل حدث سبب يدعو لحدوثه ..والتوفيق والإبداع الحاصل في نواميس الخلق لا يمكن أن يتأتى عبثا ..فالريح قد تذرو الرمال من مكان إلى آخر لكن لا يمكن أن يتشكل بتذريتها منزلا بديعا من الرمال وقس على ذلك ما تحب من بديهيات العقل ..إذ كيف يقدر أن تُصنع ساعة لوحدها أو سيارة أو آلة حاسبة ! فوجودها يقتضي إتباث وجود أعلى منها يشرف على صنعها وهو الإنسان المهندس. والقول بأنها صنعت لوحدها إلغاء للعقل وتوقيف لمنطلقاته ..وكذلك القول بأن المادة الأولى التي خلق منها الكون هي مادة مؤسسة لنفسها بدون إشراف أعلى هو مناف للصواب ولا يقر به ذو عقل فضلا عن القول بأنها تطورت بذاتها لتصل إلى هذا الإعجاز الخارق الذي يشهده العالم ..
والقول بأن الطبيعة خلقت نفسها بنفسها هو كذلك مناف للحقيقة ..لأن دليل تغايرها الذي تشهده من تعرية وزلازل وبراكين وما إلى ذلك هو دليل خَلْقها أي إيجادها لأن تَغَاير المخلوق هو دليل حدوثه والحدوث يقتضي أن يسبق وجوده عدم.. ومَن الذي أخرجها من الوجود إلى العدم ..وبالتالي فخلقها يقتضي وجود خالق يسبقها ولا يعرف التغيير الذي تعرفه المادة بحيث يكون متعال عليها لا يطرأ عليه أي حادث ولا يتأثر بالزمان ولا يتحيز بالمكان وهذا لا يتوفر في المادة المشهودة !
والفرق الأهم بيننا وبين التطوريون في أمر جوهري يتمثل في أصل الإنسان الذي يُرجعونه إلى الشمبانزي ..فرغم أن الجينوم الوراثي للشمبانزي والإنساني متشابه لحد كبير جدا إلا أن الجنسان مختلفان وليس لهما جد أو أصل واحد لقول الخالق المتفرد لوحده بالخلق " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " و " إني خالق بشرا من طين" ..
إن أساس الخلق هو تطويري وارتقائي وليس تطوري حيث الخالق هو من يرقِّي وليس القوة العمياء للإنتخاب الطبيعي " يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث " ...وقد لا يُنكَر خَلْق جنس من جنس آخر أو ارتقاءه إن كان ذلك نموذج وأسلوب في الخلق تشهده الأبصار. ولكن المنكر هو في نفي يد الصانع المبدع والإيمان بالعشوائية العمياء التي تجعل من المادة الجامدة أنموذجا حيا يقوم بكل هذه الأدوار والوضائف المعقدة المعجزة بخبطة عشواء وبتصميم داخلي في هاته المادة بدون قوة عليا وعقل مدبر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو