الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المجتمع العالمي في تحديد أهداف التنمية المستدامة لما بعد عام 2015

خالد السيد حسن

2015 / 12 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ليس هناك شك في أنه قد تم إحراز تقدم ملحوظ نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. معدلات الفقر العالمي تواصل إنخفاضها، معدلات التحاق الاطفال بالمدارس أكثر من أي وقت مضى، وفيات الأطفال قد انخفضت بشكل كبير، والحصول على مياه الشرب المأمونة زادت إلى حد كبير، كما أن الاستثمارات في مكافحة الملاريا والإيدز والسل قد حفظت أرواح الملايين (الأمم المتحدة، 2013).

ومما لا شك فيه أن هذه الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية سوف تستمر لما بعد عام 2015، وسوف تتواصل جهود الأمم المتحدة في العمل مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الآخرين للبناء على الزخم الذي ولدته الأهداف الإنمائية للألفية والمضي قدما في جدول أعمال التنمية الطموح لما بعد عام 2015.

قامت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة وبدأ من قمة الأهداف الإنمائية للألفية في سبتمبر 2010 خطواتها الأولى نحو المضي قدما في جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015، وفي سبيل وصولها لمجموعة الأهداف التنموية المستقبلية قادت عملية مفتوحة ومشاورات فعالة مع منظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمؤسسات البحثية الأخرى، بما في ذلك مؤسسات الفكر والرأي في جميع ارجاء العالم للمشاركة في تحديد وصياغة تلك الهداف الإنمائية لمرحلة ما بعد 2015. وفي سبيل تحقيق ذلك قامت مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية بعقد إحدى عشرة أجتماعاً تشاورياً ضم أكثر من 60 دولة.

في يوليو 2012، أعلن بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن تشكيل الفريق الرفيع المستوى لتقديم المشورة بشأن إطار التنمية العالمية لما بعد عام 2015، والذي يتكون من 27 عضواً. ويهدف عمل الفريق إلى تحديد التحديات الإنمائية الجديدةعلى أن يقوم الفريق بتقديم تقريره إلى الأمين العام في مايو 2013.

وفي سبيل تحقيق ذلك فقد قامت بإعداد وتنفيذ دراسة استقصائية عالمية تسمى " MY World survey" من أجل عالم أفضل. يتكون الاستطلاع من 16 خياراُ للقضايا التنموية الملحة وقد طلب من المواطنين اختيار ستة منها والتي يرون أنها تمثل أهمية قصوى بالنسبة لهم والتي من الممكن ان تصنع فارقاً في حياتهم، وبحيث يتاح للمواطنين من شتى أرجاء العالم الفرصة للانخراط في مختلف المشاورات التي تجري على جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015.

ولاستكمال المسح فقد أنشأ فريق العمل بالأمانة العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر 2011، منظومة الأمم المتحدة لدعم الاستعدادات لجدول الأعمال الإنمائي للأمم المتحدة لما بعد عام 2015، بالتشاور مع جميع أصحاب المصلحة. وترأست إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالبرنامج ألإنمائي للأمم المتحدة فريق العمل والذي جمع كبار الخبراء من أكثر من 50 هيئة ومنظمة أممية دولية لتقديم الدعم أثناء وبعد عملية التشاور، بما في ذلك تحليل المدخلات والتوعية.

نحو صياغة أجندة التنمية لما بعد عام 2015:

أضافت نتائج بحث " MY World survey" بعداً آخر إلى جدول الأعمال المقترح لأجندة التنمية لما بعد عام 2015.، حيث شارك في البحث أكثر من 8.5 مليون نسمة، أكثر من ثلثيهم من الدول ذات التصنيف المنخفض والمتوسط على مؤشر التنمية البشرية (67.5%)، والثلث المتبقي من الدول ذات التصنيف العالي والعالي جداً على مؤشر التنمية البشرية (32.5%)، 51% من الذكور و 49% من الإناث، 57% منهم في سن الشباب (في الفئة العمرية 15-29)، وثلثيهم من الحاصلين على مؤهلات علمية ثانوية فأعلا (66.6%).

وقد تم اختيار التعليم الجيد والرعاية الصحية الأفضل كأهم الأولويات التنموية على التوالي. وقد أتي اختيار التعليم الجيد من قبل كل الاشخاص المشاركين في الاستقصاء وبدون إختلافات جوهرية حسب النوع أو السن أو المستوى التعليمي. تم اختيار الرعاية الصحية كثاني أهم الأولويات التنموية من قبل الأناث، والاشخاص الأكبر من 15 سنة، وذوى المؤهلات العلمية الأعلى من المتوسطة، ومن قبل الأفراد اللذين ينتمون لدول مصنفة على مؤشر التنمية البشرية كمنخفض أومتوسط، بينما تم اختيار "فرص أفضل للعمل" كثاني أهم الاولويات التنموية من قبل الذكور، والاشخاص أقل من 15 سنة، وذوى المستوى التعليمي المنخفض والثانوي والاشخاص الذين ينتمون لمجتمعات ذات تصنيف "عالي" على مؤشر التنمية البشرية.

تم اختيار "حكومة نزيهة وسريعة الإستجابة" كأولوية رابعة بين الأشخاص المشاركين في الإستقصاء بدون إختلافات من حيث النوع أو المستوى التعليمي ومن قبل الأفراد أكبر من 15 سنة و بين الأفراد الذين ينتمون لمجتمعات مصنفة "منخفض" أو "عالي" على مؤشر التنمية البشرية. ومن الجدير بالذكر أن "حكومة نزيهة وسريعة الإستجابة" قد أرتفع ترتيبها إلى المستوى الثاني بين أهم الأولويات التنموية للاشخاص الذين يعيشون في مجتمعات مصنفة "عالي جداً" على مؤشر التنمية البشرية.

وقد تم إختيار "إتاحة الطعام المغذي للجميع" كأولوية تنموية خامسة من قبل الافراد المشاركين في الإستقصاء وبدون إختلافات حسب النوع، ومن قبل الأفراد أكبر من 15سنة، والأفراد الحاصلين على بعض من التعليم الابتدائي وذوى المؤهلات العلمية الثانوية، والأفراد الذين ينتمون لمجتمعات ذات تصنيف "ضغيف" أو "عالى جداً" على مؤشرالتنمية البشرية. وتنخفض أولوية هذا الهدف التنموى إلى المرتبة السادسة بين الاشخاص اللذين أكملوا تعليمهم الابتدائي والحاصلين على مؤهلات فوق الثانوى، وكذا بين الاشخاص المنتمين لمجتمعات ذات تصنيف "عالي" على مؤشر التنمية البشرية، وتنخفض أهمية "إتاحة الطعام المغذي للجميع" إلى المرتبة السابعة بين الشخاص أقل من 15 سنة وبين الاشخاص المنتمين لمجتمعات ذات تصنيف "متوسط" على مؤشر التنمية البشرية.

وقد أتت "الحماية ضد الجريمة والعنف" كسادس الإختيارات للأولويات التنموية لما بعد 2015، وذلك من قبل كل المشاركين في الأستقصاء على مستوى العالم وبدون اختلافات حسب النوع, وبين الأفراد في سن العمل (16-60)، والافراد ذوى المؤهلات العلمية الثانوية وكذا المنتمين لمجتمعات ذات تصنيف "متوسط" على مؤشر التنمية البشرية. ومن الملاحظ تنامي أهمية هذا الهدف ضمن أولويات التنمية لما بعد 2015 مع تنامي ترتيب المجتمعات على مؤشر التنمية البشرية وبين الاجيال الجديدة، والعكس صحيح أيضاً فقد لوحظ أرتفاع ترتيب "الحماية ضد الجريمة والعنف" إلى المرتبة الرابعة بين الأفراد أقل من 15 سنة وكذا المنتمين لمجتمعات ذات تصنيف "عالي جداً" على مؤشر التنمية البشرية، وإلى المرتبة الخامسة بين الأفراد المنتمين لمجتمعات تصنيفها "عالي" على مؤشر التنمية البشرية. كما لوحظ إنخفاض أهمية "الحماية ضد الجريمة والعنف" إلى المرتبة السابعة بين الأفراد كبار السن (اكثر من 60 سنة) وإلى المرتبة الثامنة بين الأفراد المنتمين لدول ذات تصنيف "منخفض" على مؤشر التنمية البشرية.

"الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي" قد سجل كأولوية تنموية سابعة بين جموع الأفراد المشاركين في الإستقصاء بدون أختلافات من حيث النوع وبين الأفراد في سن العمل (16-60) ، بينما تزداد أهميتة إلى المرتبة السادسة بين صغار وكبار السن على السواء (الافراد أقل من 15 سنة والأكبر من 60 سنة)، وتقل أهميته كأولوية تنموية إلى المرتبة الثامنة بين الأفراد المنتمين لمجتمعات ذات تصنيف "عالي" على مؤشر التنمية البشرية.

ومن الملاحظات الهامة على نتائج الاستقصاء أن الناس لا يكترثون كثيرا للتغيرات المناخية حيث أنها استبعدت من معظم أعلى 10 أولويات وأتت في ذيل الأهتمامات التنموية للأفراد المشاركين في الإستقصاء، وان حماية الغابات والأنهار والمحيطات هي أكثر أهمية وقد جائت في مرتبة متقدمة نسبيا عن التغيرات المناخية من قبل الأفراد المنتمين لدول ذات تصنيف "عالي" أو "عالي جداً" على مؤشر التنمية البشرية. الأمر الذي يمكن تفسيرة بأن الجهود والبرامج والإجراءات العالمية التي أتخذت في سبيل الحد من أو إبطاء الأثر السلبي المتوقع للتغيرات المناخية المستقبلية غير كافية أو أن معظم الناس في جميع أنحاء العالم لما ترى أثرها حتى الآن.

على الرغم من أن الهدف من هذا الإستقصاء كان للوقوف على أهم المحاور والأولويات التنموية لما بعد 2015 إلا أن النتائج التي تم تجميعها وتحليلها تشير إلى أن العديد من الأهداف الإنمائية للألفية والتي كان من المخطط تحقيقها بنهاية 2015 سوف تستمر ضمن الأجندة التنموية العالمية لما بعد 2015 أيضاً. ومما لاشك فيه أن الإختلافات والفجوات الإقليمية والقطرية فيما تحقق من الأهداف التنموية للألفية مع نتائج مسح “My World survey” قد لعبت دوراً هاماً ورئيسيا في بلورة الأهداف الإنمائية لما بعد 2015 والتي سميت بالأهداف التنموية المستدامة Sustainable Developmental Goals (SDGs). والتي تبلورت في سبعة عشر هدفاً عاماً و 169 هدفاً فرعياً، وقد حدد مدى زمنى لتحقيقها بنهاية 2030 وتتمثل الأهداف العامة في:
• الهدف 1 – القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان
• الهدف 2 – القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة
• الهدف 3 – ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار
• الهدف 4 – ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع
• الهدف 5 – تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات
• الهدف 6 – ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإداراتها إدارة مستدامة
• الهدف 7 – ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة
• الهدف 8 – تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع
• الهدف 9 - إقامة بُنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار
• الهدف 10- الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها
• الهدف 11- جعْل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة
• الهدف 12- ضمان وجود أنماط استهلاك، وإنتاج مستدامة
• الهدف 13- اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره*
• الهدف 14- حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة
• الهدف 15- حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر ، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي
• الهدف 16- التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات
• الهدف 17- تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش