الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الوطني الديمقراطي ، غير الشمولي في العراق ، هو الحل .

حامد حمودي عباس

2015 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لقد جرب شعبنا في العراق ، حضه مع تجارب حكم مختلفة الاصول والسمات ، منذ نشوء الدولة العراقية عام 1921 ولحد لان ، حيث مرت به ملكية وعدة انظمة جمهورية ، صاغت جميعها دساتيرها وفق مقاسات لم تكتمل ابعادها ، بفعل التخلي عن مراعاة المصلحة العامة لجماهير الشعب من الفقراء والمعوزين ، عدا فترة الحكم التي اعقبت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ، حين انتقل العراق بموجبها من حكم ملكي الى اول جمهورية قدمت حلولاً مجزية للمحتاجين ، وصدرت خلالها قوانين راعت فيها حقوق المرأة ، وتبنت برامج للاصلاح الزراعي ، ومكنت الطبقة العاملة من السير باتجاه الانعتاق من قوانين رأس المال المجحفة .. وما ان بلغت الثورة السنتين من عمرها ، حتى استشعرت الرجعية العربية الخطر ، وبدأت بالتآمر ، ومحاولات ازاحة معالم الحكم الوطني الجديد ، فكانت الردة بالمرصاد ، لتضرب جميع الاهداف التي حققتها الثورة ورموزها ، مستعينة بالاحزاب الاكثر تطلعاً للتعاون مع معاقل الشوفينية القومية في العراق والمنطقة لمحيطة .. وقد افلحت القوى المضادة للثورة بالسطو على الحكم عام 1963 محدثة اهوال كبيرة في صفوف ابناء الشعب ، لا زالت مسجلة وبحروف سوداء على صفحات التاريخ .
ولابد من الذكر هنا ، بان مسؤولية اليسار العراقي ، كانت كبيرة جداً ، حين عجزت يومذاك عن تقدير الامور بمقاديرها المكافئة لوزن ما جرى من تآمر فضيع لإجهاض الثورة ، فراحت جهودها موزعة بين البقاء في حيز الشعور بالامان المطلق ، وبين الانشغال بانشقاقات تنظيمية بائسة ، لم تجلب على حياتها ومستقبلها غير الدمار والتشتت .
وهناك حقيقة مرة ، يحاول الغلواء في السياسة العراقية ، ان يضعوها خلف ظهورهم وهم يمارسون دعاباتهم السمجة ، ليضعوا تحليلاتهم المنافقة في جل مواضعها ، ويقومون بوصف ما يحلو لهم من اوصاف لمراحل الحكم التي تعاقبت على العراق ، ويكون مجال المدح والذم لتلك المراحل على اساس لا تحكمه الموضوعية ولا يميل الى الحياد .. غير ان التاريخ يمكنه عندما يغيب عنه الاقوياء ممن كتبوا صفحاته باقلامهم وبحبر مزيف ، ان يغير سطوره عامداً اظهار الحقيقة ، وهي أنه ليس من حل لمعضلة الشعب العراقي مع انظمته المتسلطة وعلى مر العهود ، سوى ايجاد سبل لمجيء انظمة بديلة تتبنى مشروع بناء الفرد ، قبل أية مشاريع تنموية اخرى .. انظمة بديلة ، تحمل سياسة الانفتاح على الجميع ، فكراً ، ومعتقداً دينياً ومذهبياً ، من خلال الخضوع لسلطة دستور تعده فرق متخصصة كفوءة ، لا تضع امامها سوى مصلحة الوطن والشعب ، كل الشعب ، دون تمييز .
ليس من حل .. سوى الاعتراف بفشل جميع الانظمة الشمولية المبنية على اساس الفكر الواحد ، والحزب الواحد ، والدين الواحد ، والمنطقة الجغرافية الواحدة .. فاحترام الفرد ، من خلال منحه حريته المطلقة ، في ممارسته لحياته الخاصة والعامة ، ما دام ذلك لا يخل ويتعارض مع حقوق الغير، ولا يتقاطع مع مباديء القانون المدني السائد لرعاية شؤون الدولة والمجتمع ، هو السبيل الوحيد لتخطي ما نحن فيه من أزمات متفاقمة ومدمرة .
من هنا ، وبدون الايغال في عمق الاحداث ومحاكاة الماضي البعيد ، فان ثمة واقع يفرض قوانينه ليس على العراق وحده ، وانما في بقية الدول العربية التي اصبحت ضحية هي الاخرى لتسلط الانظمة الشمولية مهما كان نوعها ومرجعياتها السياسية والفكرية ، واقع يذهب الى ضرورة الابتعاد عن الانتماء الى ما يفرض جموداً فكرياً ستكون نتائجه الحتمية هي التطرف ، والانحسار الى فضاءات يغيب عنها الضوء ، فتغيب معه امكانيات التخلي عن مباديء التعصب الاعمى ، والتشدد العقائدي البغيض ، والذي لم يجلب على الجميع سوى معالم الحروب والقتل والدماء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سقطنا .. وليس هناك بارقة أمل في إسترجاع عافيتنا
الحكيم البابلي ( 2015 / 12 / 11 - 06:36 )
عزيزي الصديق الطيب حامد حمودي عباس .. تحية
القضية برمتها ليست بالبساطة والسهولة التي في المقال
نحنُ نِتاج مُجتمع قمعي إرهابي متخلف يزحف في نهاية سباق الماراثون الحضاري الدولي، وليس من السهولة بمكان أن نعيد ترتيب البيت من الداخل، الفوضى في العراق ومجتمعاته ونفوس كل أفراده عمرها الآن أكثر من ستين سنة، معناها أن كل من عمره ستين اليوم فما دون قد عاش في مجتعمات عراقية لها صفات سلبية كثيرة في مقدمتها إنها مجتعمات مريضة ولن تبرأ خلال حفنة سنين حتى لو سارت على السراط المستقيم
لا تنسى أن الكثير من الدول والقوى الخارجية وبعضها من الذي يُحيط بالعراق إحاطة السوار بالمعصم لن يُعطوا العراق أية فرصة في أن يبرأ من أمراضه ويسترجع عافيته وأنفاسه ويقف على قدميه ليواصل النضال والقتال، لا … لن يسمحوا لنا بذلك حتى لو طار الفيل
لِذا فالمستقبل مُظلم وحالك وضبابي في أحسن الأحوال، وليس هناك خلاص حتى بمعجزة، فقد إنتهى زمن المعجزات المزعومة منذ بدأت العلوم تظهر لتخدم الإنسان، أنا متشائم جداً وكما نقول في عراقيتنا العامية: غاسل إيدي، الله يجازي اللي كان السبب
تحياتي لك ولما تبقى من العراق
طلعت ميشو


2 - قول في الصميم
حامد حمودي عباس ( 2015 / 12 / 11 - 10:58 )
اخي العزيز طلعت .. سلام عليكم
لقد اعلنت تشاؤمي وفي اكثر من مناسبة كما هو الحال عندك .. بل ان من لم يشعر بذات الشعور لكلينا ، فهو حتماً اما لازال يلحس قصاع النفاق ، فيحمل املاً بان الفيل ( سيطير ) يوما ما ، واما انه على غفلة من امره ، ولا يعلم اصلا بانه لا يعلم .. ما اعيشه يوميا في بلدي ، ومن خلال مخالطتي لشرائح واسعة من المجتمع ، توحي لي وبشكل قاطع ، بان كل شيء محسوم لصالح الردة والتطرف وتوسع امكانية خلق ارهاب متجدد كلما دعت الحاجة لذلك .. ما ذهبت اليه في مقالي هو مجرد تشخيص لحالة تمنيتها ان تكون مع علمي بانها ستبقى بعيدة المنال .. لقد اصبحت الان اكره وبشكل شديد كل السياسيين وبمختلف الوانهم ، اولئك الذين اوهمونا ردحا من الزمن ضاع هباء من اعمارنا ، بان ترديد الشعارات والهرج الاحتفالي الفارغ كفيل بحل ازمة شعبنا والانتقال به الى بر الامان .. انها الحقيقة اخي طلعت ، ليس من حل لنا الا بالديمقراطية الوطنية البحتة ، وما عداها فعلينا ان نبقى مع الحان فاتنة بغداد عفيفة اسكندر ، فذلك افضل .. تسلم اخي طلعت وتحياتي لزهور حديقتك .

اخر الافلام

.. احتجاجات متواصلة في جامعات أوروبية للمطالبة بوقف إطلاق النار


.. هجوم رفح.. شحنة قنابل أميركية معلّقة | #الظهيرة




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الغربي شمالي إسرائي


.. فصائل فلسطينية تؤكد أنها لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي وصاية




.. المواطن الفلسطيني ممدوح يعيد ترميم منزله المدمر في الشجاعية