الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجواء قراقوشية في جامعة القناة

مصطفى مجدي الجمال

2015 / 12 / 14
التربية والتعليم والبحث العلمي


ذهب صحفي شاب إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية ما في جامعة السويس، فاعتذر عن عدم تلبية طلب الصحفي الشاب، وأشار إلى منشور معلق على الحائط..

المنشور موجه إلى الأساتذة والمدرسين والمعيدين .. وهو مصوغ بلغة أوامرية صارمة.. وممهور بتوقيع الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة ممدوح غراب. ولم يفت الصحفي النابه أن يصور المنشور الذي أرسل إليّ نسخة منه.

خلاصة المنشور بتاريخ 17 نوفمبر 2015.. أي منذ ثلاثة أسابيع:
((( يتم التنبيه على السادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة نحو عدم إصدار أو نشر أي مقالات أو موضوعات أو الظهور بأي من وسائل الإعلام إلا بعد الموافقة المسبقة من رئيس الجامعة وسوف يطبق القانون في حالة مخالفة ذلك)))

هذا يجعلنا نستعيد أجواء الفيلم السينمائي الساخر "قراقوش" إنتاج الأربعينيات..

وربما من حقنا أن نتساءل عما إذا كان هذا الحظر يسري على وسائل الاتصال الاجتماعي أيضًا أم لا.. وقد فهم الصحفي الشاب أن التفسير السائد في الجامعة الآن يشمل كل التدوين الإلكتروني.

المهم بحثت في المنشور عن الأساس القانوني لهذا الأمر العجيب المتعسف.. فوجدته يشير إلى قانون تنظيم الجامعات الصادر عام 1972. فرجاء من القانونيين وأعضاء حركة استقلال الجامعات (المعروفة بـ 9 ملرس) إفادتنا بمدى قانونية أمر من هذا النوع.

أتمنى لو يبادر رئيس الجامعة بأن ينفي صحة المنشور، أو يبادر بإلغائه و"يادار ما دخلك شر!!" فالرجوع إلى الحق فضيلة الفضائل..

الأغرب من منشور الدكتور غراب هو سكوت أساتذة الجامعة الموقرين عن أمر أقل ما يقال عنه إنه مهين ويشعرنا بأننا مازلنا في عصر الشمولية والاتحاد القومي في الخمسينيات..

وإذا كان من يجلسون على مقعد السلطة، كبرت أم صغرت مقاعدهم، يستبيحون لأنفسهم أوامر من هذا النوع، المعادي للروح الجامعية في الصميم، ويجب أن يلتزم بها أساتذة كبار حتى لا يتعرضوا لـ "مجالس التأديب".. فما بالنا بموقف الإدارة الجامعية من حقوق التعبير لدى الطلاب..

بالطبع مثل هذه الأوامر ربما تكون مفهومة في المؤسسات الانضباطية مثل القوات المسلحة أو الشرطة أو الاستخبارات أو الخارجية بل حتى التموين.. وأيضًا فيما يتعلق بإفشاء أسرار العمل.. لكننا أمام أعلى مستوى علمي في البلاد.. وأحب أن أذكر الدكتور غراب أننا نعيش عصر المعلومات والاتصال، وأيضًا في أعقاب ثورتين!!

جاء منشور غراب مخالف تمامًا للدستور، ولا يمكن التهاون مع أمر يشبه أوامر السادة الإقطاعيين للأقنان في عهد غابر عرفته مصر.. ناهيك عن كونه يخالف الأعراف في المؤسسات التعليمية العليا، ولن أقول يخالف الذوق السليم أيضًا.

كما أن السيد غراب يرهن التصريح لأي أستاذ بالكتابة أو الظهور في الإعلام بموافقته هو شخصيًا، فجعل من نفسه المرجع الأعلى والوحيد لتقرير من يظهر في الإعلام أو يكتب في أي وسيلة.. وكذلك الموافقة- بالطبع- على ما يمكن أن يقال، وغير المسموح بأن يقال..

فهل يمكن أن نتوقع بحثًا علميًا وإنتاجًا للمعرفة من أساتذة يوافقون أو يرضخون لأوامر قراقوشية كتلك..

إن نظار المدارس الابتدائية لا يستطيعون إصدار قرار كهذا للمعلمين في مدارسهم.

الطريف أنني بحثت في الشبكة الدولية للمعلومات، فوجدت أن اتهامًا سابقًا قد وجهه البعض لرئيس الجامعة بالانتماء لجماعة الإخوان.. فإن صح الاتهام هل يمكن أن نقول إن لديه ميولاً معادية للحريات.. أم أن محاولته نفي الاتهام هي ما تجعله يبالغ في اتخاذ إجراءات يظن أنها تعجب السلطة الحالية..
كما أن احتكار رئيس الجامعة لنفسه حق منح ومنع الظهور في الإعلام، يكاد يختصر المؤسسة الجامعية في شخصه.. وهو استنساخ هزلي للشمولية التي أسماها توفيق الحكيم "أيديولوجية الكل في واحد"!

أما الأمر الأطرف على الإطلاق فهو أن بحثي في الإنترنت قد جعلني أكتشف أن الدكتور المذكور نفسه مدمن على الإعلام ويكثر من الأحاديث والظهور فيه حتى لا يمر يوم دون تواتر خبر عنه !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-