الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في سيكولوجيا الجماهير الشرق أوسطية

مهند احمد الشرعة

2015 / 12 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في سيكولوجيا الجماهير الشرق أوسطية:
إن إنشغال الفكر الجماعي الشرق أوسطي بمسائل الماضي وتعلقه بنظريات المؤامرة والهم والنحن على مستوى الحاضر عائد بشكل طبيعي الى ضعف عام في التفكير المنطقي على المستوى الفردي وذلك عائد بشكل كبير لأسباب عديدة سنحاول أن نجملها حسب قراءاتنا المتواضعة وتأملاتنا البسيطة.
نبتديء قولنا بأمر مهم ومن المستغرب عدم التركيز عليه من قبل الكثيرين ألا وهو تلاشي الشخصية الفردية الشرق أوسطية الواعية ضمن مكونات الجمهور الذي يرزح تحت ضغط كبير من التراث والمعتقدات التي أصبحت بالنسبة اليه مقدسات لا يمكن المساس بها ولهذا فإننا نجد الفرد في كينونته الفردية وحياته الخاصة متمرد على هذا التراث عبر ما توفره له الحياة الحديثة من ملذات وبهذا يتجلى لنا معنى الصراع النفسي الذي يعيشه الفرد الشرق أوسطي بين عقليته القروسطية من جهة ومن جهة أخرى استهلاكه واستقباله لثقافة الحداثة ومنتجاتها ولكن هذا الفرد الذي عندما يندمج في مجتمعه نراه ناقدا متحاملا على ما وصل اليه المجتمع من فجور فردي وجماعي وذلك بناءا على عقليته القروسطية .أيضا فإنه ليس من المستغرب قيامه بالدفاع عن تعاليم المنظومة المعرفية الدينية المتجمدة الى اليوم والتي يخالفها هو بشكل كبير وذلك لكون هذه المنظومة هي محل حلم الأغلبية وذلك لما قامت به التربية الأسرية القائمة على التعاليم الدينية التي وللأسف قدمتها المناهج الحكومية في مناطقنا كأنموذج يجب الاقتداء به أو الاقتراب من كماله بقدر الامكان.
إذن فقد أخذنا السبب الأول الى السبب الثاني في السلسلة السببية للثقافة الاجتماعية وهو التعليم.ولكن هذه التعاليم قامت بناءا على فترة معينة من التاريخ استطاعت به الدولة الاسلامية أن تكون دولة عظمى وهنا نجد ارتباطا بين التصور وبين الحالة المرضية إذ أنه وبناءا على النظام التعليمي السردي والتمجيدي تم تصوير العظمة للدولة الاسلامية بسبب ما هي عليه من التزام بمنظومة التعاليم وهذا يصح كسبب بعيد جدا عن الواقع اذ أنه يصح على مرحلة بسيطة جدا وعلى فئة قليلة من فئات المجتمع بسبب ايمانهم العميق وامتلاكهم لأمور تجذب الجمهور فإنهم قد استطاعوا أن يكونوا محرضين وأركيتايب للبقية وبما أن الجمهور أبله في طبيعته فإنه سينساق كقطيع لا واع وراء هؤلاء المحرضين الذين تمكنت من قلوبهم هذه التعاليم وذلك لأن هؤلاء المحرضين لا يقلون سذاجة عن البقية ولكنهم متأثرون بشخصيات أخرى عبر سلسلة تقليد الى أن نصل الى محمد الذي يعتبر المؤثر الأساسي هكذا نجد أن عمل الجمهور العسكري عبر كون هؤلاء زمرة من الأشخاص الدينيين مرتبط بالمحرضين اذ يجعل منهم مثالا يحتذى ومحرضا على فعل وارتكاب جميع الحماقات وذلك لشعور الجمهور القوي في تلك الاونة ولاقترابه من حداثة الاسلام اذ أنه يراه تصورا فائقا وذلك لما للخيال من تأثير عليه وعلى الجمهور.
ويمكننا أن نقارن ذلك الأنموذج بنماذج أخرى من حيث اقبال الدولة على عرق ما وتصوره الخيالي بكونه عرق مميز مختار ولا ننسى ما للتأثير الديني ولكن علينا العودة الى التعاليم لشرح ماهيتها لقد كانت هذه التعاليم انبثاق طبيعي لمجموعة من الأفكار السائدة على أرض الجزيرة العربية وقد انبثقت بناءا على أمرين شديدي الخطورة الأول أنها انبثقت من رحم مجموعة من الافكار السائدة قبل هذه التعاليم ثم جاء الاسلام وقام بعملية توليد نص لبعضها لتتلائم مع الفكر الذي جاء به وذلك ليبقى مرتكزا على قاعدة جماهيرية من دونها لا يمكنه الاستمرار ومن جهة أخرى أنه ظهر بتعاليمه بناءا على ما تتطلبه سياساته ليتمكن من انشاء دولته ولكن ومع الوقت تم الاستمرار بهذه التعاليم وجعلها أنموذج وذلك لكون هذه الفترة هي فترة الولادة ولارتباطها بالمؤسس أو بالمؤسسين بالأحرى ويجب أن ننوه أن قسم كبير من هذه التعاليم يتنافى مع طوبائية العدالة الشمولية التي يهرطق بها بعض الببغاوات من حيث براغمايتها بتلك الفترة من جهة ومن جهة أخرى تنافيها مع قيمة الشمول.
ولكن العقل الشرق أوسطي يتناسى وبكل صفاقة عدم تطبيق هذه القيم والدولة الاسلامية في أوج قوتها خاصة اذا ما أخذنا فترات التوسع والنهوض الحضاري فقد كانت مظاهر البذخ واضحة وسائدة بين الخواص والعوام وبإمكاننا قراءة ذلك عبر التاريخ الاجتماعي الذي تذكر كتب التاريخ شذرات منه ولكن كتب الأدب توسعت فيه وكذلك صاغت كتب التراجم وأفعال الخلفاء هذه الأمور.
ولندلل على انعدام هذه التعاليم فقد كان لانتشار التصوف والزهد خاصة في عصور الأيوبيين والمماليك أثر واضح على ردة الفعل العنيفة على الانحلال الأخلاقي في تلك العصور وذلك لما استشعره الناس من أن الترف والمجون الذي عاشوه في العصر السابقة أدى الى غضب الهي عليهم عبر غزو الصليبيين والمغول ولكن جزء من ذلك صحيح والاخر خاطيء فإن الميل الى اللهو والبذخ والترف يضعف الدولة اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا ويزيد رغبة الفرد في تحقيق مصالحه ليتمكن من اللهو والبذخ مما يؤدي الى انقسام الدولة كا حدث لدولة بنو العباس وذلك عائد لذهاب المثل التي جمعت الدولة ولزيادة العناصر المتصارعة لتحقيق أهدافها الخاصة ومن الطبيعي أن تستغل ذلك الانقسام أطراف خارجية لتحقق مصالحها ولتتمدد خاصة ان كانت بعض هذه الأطراف لا تقل بربرية عن الطرف الأول وأقصد الاسلامي.
ولكن وبما أن السلطة في مناطقنا تجعل من فترات القوة أنموذجا كما تدعي فإنها تصر على إحاطتها بالقدسية وذلك لتخدير الشعب ولإرضاء طبقة كهنوت اللحى الذين يمارسون تأثيرا كبيرا على المجتمع وبهذا ننتقل الى سبب ثالث وهو تأثير الكهنوت الديني المتواطيء مع السلطة أحيانا والذام لها أحيانا أخرى وذلك حسب مصالحه وارتباطاته ويمتلك هذا الكهنوت تأثيرا كبيرا لما يحظى به من تقدير من العوام بناءا على المووث السائد بينهم أن علماء الدين ورثة الأنبياء ولأن من طبيعتهم أي العوام الفضول الى معرفة دينهم وذلك لارتباطهم به بسبب الموروث والتربية والتعليم كما أسلفنا.
ويكمن دور هؤلاء أقصد الكهنوت ببث خطاباتهم التي تعتمد على التأثير على العواطف وذلك بالترغيب والترهيب من جهة ومن جهة أخرى تصويرهم لأشخاص سفاحين على أنهم أركيتايب بطولي وجعلهم لهؤلاء قدوة يجب الاحتذاء بها وهم يستخدمون بخطاباتهم ما يستخدمه أي سافل ساق الجماهير لان ترتكب المجازر او أن يرتكب بحقها المجازر وهنا أقصد أساليب البلاغة والنبرة الصوتية والتأثير الكاذب واستخدام التوكيد والتكرار ومن الطبيعي أن ينساق الجمهور لأنه سيصبح كالمنوم مغناطيسيا ومن الطبيعي أن تتلاشى الشخصية الواعية في هذه الخطابات وذلك لما قامت به المؤثرات من دور أغمض عيونهم وجعلهم يعيشون في الخيال.
وسنسمح لأنفسنا باختصار هذا الموضوع فمن الطبيعي لأي انسان عاقل ألا يصدق هذه الأساطير وهذا الخداع الذي يمارسه الكهنوت والسياسيين وما دمنا وصلنا لمسألة العقلانية والعاطفة فإننا قد وصلنا الى سبب خطير وهو العاطفة الشرق أوسطية التي تنحي العقل بشكل كبير وذلك لما تلاحق على هذه المجتمعات من ديانات وأفكار روحانية من جهة ومن جهة أخرى أفكار قومية تمجد العرق من جهة أخرى هذه الأمور جعلت الفرد متعلق بهذه المسائل منحيا عقله ولا ننسى ما للتركيبة الاجتماعية القائمة وأقصد النظم الأسرية والقبلية المتينة التي تنحي الفكر العقلاني وإننا لا نقول أن هنالك مجتمعات عاطفية وأخرى لا بل إن كل المجتمعات عاطفية ولكنها تتجلى بشكل أكبر لدى بعض الشعوب كشعوبنا مثلا ولا يمكن ايقاف هذه العاطفة الجياشة للموروث وللجماعة الا بالقيام بحركة تنويرية تستطيع أن تخفف هذه المسألة الخطيرة خاصة وأن العاطفة عندما تكون أكبر من العقل المحض فإنها تتربع على كرسي الحكم بعدها لا نستغرب أي فعل اجرامي تنادي به الجماهير أو تقوم به.
وإننا لا نخص بكلامنا فئة دينية ولكننا أخذنا الاسلام كمثال ويمكن لكلامنا أن ينطبق على المسيحيين وعلى أتباع القوميات وكل المذاهب السياسية في منطقتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال