الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكاليات فى الفكر الدينى

هشام حتاته

2015 / 12 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لدينا فى الفكر الدينى عدد من الاشكاليات فى تفسير بعض آيات القرآن ، وقد سبق لى ان كتبت ( اشكاليات قرآنية ) ضمن ساسلة نقد الفكر الدينى ، ولكن الاشكاليات هنا تحتلف لانها اشكاليات نقدية موضوعية تطرح العديد من التساؤلات

الاشكالية الاولى :
فى الآية 4 من سورة المزمل (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)
نجد ( ورتل القرآن ترتيلا ) واذا عرفنا ان سورة المزمل هى السورة رقم 3 فى ترتيب النول فهذا يدعو الى التساؤل المشروع
- ماهو القرآن الذى سيقوم النبى بترتيلة وهو لايزيد عن آيتين سابقتين ، خصوصا انه سيقوم الليل الا قليلا ، نصفة أو ينقص منه او يزيد عليه
- فهل سيجلس النبى نصف الليل يرتل سورتين قصيرتين من القرآن كعادة معظم القرآن المكى
فهل يكون الترتيل لصحف ابراهيم وموسى التى ذكرت فى الآيتين 18 ، 19 من سورة الاعلى الذى جاء فيها ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى 15 . بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 16. وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 17ِ ان هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى 18 صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى 19 )
ونطالع تفسير القرطبى للآيتين الآخيرتين :
صحف إبراهيم وموسى يعني الكتب المنزلة عليهما . ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف ، وإنما هو على المعنى أي إن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف . وروى الآجري من حديث أبي ذر قال : قلت يا رسول الله ، فما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : كانت أمثالا كلها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم . فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر . وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، يفكر فيها في صنع الله - عز وجل - إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب . وعلى العاقل ألا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، ومرمة لمعاش ، ولذة في غير محرم . وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه . ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه . قال : قلت يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى ؟ قال : كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ! وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب . وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ! وعجبت لمن أيقن بالحساب [ ص: 23 ] غدا ثم هو لا يعمل ! . قال : قلت يا رسول الله ، فهل في أيدينا شيء مما كان في يدي إبراهيم وموسى ، مما أنزل الله عليك ؟ قال : " نعم اقرأ يا أبا ذر : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى " وذكر الحديث .
وعلينا ان نلاحظ ان هذه السورة هى الثامنه فى تاريخ النزول ، أى فى البدايت الاولى لنزول القرآن ، ولما كان القرآن يفسر بعضه بعضا كما يقول علماء التفسير فعلينا ان نتسائل : لماذا لايكون الترتيل الوارد فى سورة المزمل هو لايات الصحف الاولى لابراهيم وموسى ؟

الاشكالية الثانية : سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
وبغض النظر كما يقولة الامام الشافعى ان البسملة من القرآن زلاتصح الصلاة بدونها ، ومايقوله مالك وابو حنيفة انها ليست من الفاتحة
الا اننا نلاحظ من شبكة الضمائر انها دعاء الى الله تبدا بالحمد والثناء عليه ثم الاقرار بملكوته ثم ( اياك ) و ( اهدنا ) هم ضمير المتحدث وليست ضمير المخاطب ، فالكلام هنا للنبى موجها الى الله
ولهذا نرى ابن ابى داود السجستانى فى كتابه المصاحف قال ان مصحف بن مسعود لم تكن به سورة الفاتحة والمعوزتين ، حيث ان الفاتحه دعاء الى الله والمعوذتين استعاذة بالله ومازال هناك من يؤيد هذا ومن يرفضة ولكن الجمهور على رفضه
سورة الفاتحه هى دعاء من النبى موجها الى الله وكل شبكة الضمائر فيها تدل على هذا ، وهذا مادعا البعض الى القول ان الفاتحه والمعذتين وحى من الله لم يامر النبى بكتابتهما فى المصحف ويكفى الدعاء بالاولى والاستعاذة بالثانيتين
ويبقى السؤال مطروحا

الاشكالية الثالثة : العام والخاص
(العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) هى من علوم القرآن والتى تعنى ان سبب نزول الاية يكون خاصا فى واقعه بعينها ولكنه يسرى على كل الوقائع المتشابهه معها ، فالسبب لايكون قاصرا خاصا فيمن نزلت فيه أو ورد الحديث بسببه انما يكون عاما شاملا لغيره
ولكننا نجد انفسنا امام تناقضين
الاول : الاية 56 من سورة القصص ( انك لن تهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو اعلم بالمهتدين )
وعندما يتسائل الملحد او الكافر او حتى المسيحى او ياليهودى سؤالا مشروعا : اذا كان الهدى من الله ، وهذا قدره علينا فلماذا يحاسبنا ؟
يرد علينا بن كثير ويقول (وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في صفه ويحبه حبا [ شديدا ] طبعيا لا شرعيا ، فلما حضرته الوفاة وحان أجله ، دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، فسبق القدر فيه ، واختطف من يده ، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ، ولله الحكمة التامة ) انتهى
وهنا لاعزاء لقاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)

الثانى : الاية 129 من سورة النساء التى جاء فيها (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ-;- ... )
ونتساءل : اذا كان القرآن يفسر بعضه بعضا كما يقول المفسرون فلماذا لانمد الحبل على استقامته لتكون توضيحا للاية التى تقول ( وان لم تعدلوا فواحدة ) ليصبح العدل غير مستطاع ؟
يقولون لك انها نزلت فى السيدة زمعه زوجة النبى التى اراد طلاقها لانى كبرت فى السن فعرضت عليه ان يبقيها فى عصمته وتتنازل له عن جزء من معاشها وعن ليلتها للسيدة عائشة
وهنا ايضا لاعزاء لقاعدة عموم اللفظ وخصوص السبب

والى اللقاء فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن الأشكالية الأولى
شاكر شكور ( 2015 / 12 / 17 - 00:08 )
تحياتنا استاذ هشام ، عن الأشكالية الأولى للأية 4 من سورة المزمل ، بتقديري ان عبارة (رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) هذه العبارة تكشف في طياتها الأمور المبهمة عن مصادر القرآن ، فكلمة قرآن مأخوذة من الكلمة الآرامية (قريانا) ومعناها القراءة وفي القرآن القديم لا توجد مدّه على اللألف. العبارة حسب مؤلفها الأصلي صحيحة زمنيا ولكنها تتعارض زمنيا مع بدعة تسلسل نزول القرآن ، القرآن المكي كان باللغة الآرامية وكان موجود كتراتيل آرامية قبل ولادة محمد والذي جرى ان الآيات ترجمت الى العربية في عهد محمد ، المؤلف الآرامي يعرف بأن هذه التراتيل كانت كاملة لذلك قال (رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) اما عندما ترجمت هذه الآية الى العربية اصبحت تتعارض زمنيا مع بدعة النزول التسلسلي ، اكرر التحية


2 - لتفك طلاسم القرأن عليك باللغات القديمة
محمد أبو هزاع هواش ( 2015 / 12 / 17 - 04:49 )
من دون معرفة السرياني/ارامي /اكادي/سومري...الخ،،لايمكنك فك طلاسم القرأن من دون شك لأنه كما يبدو أساطير الأولين كما كانو يقولون...


3 - عزيزي هشام
فؤاد النمري ( 2015 / 12 / 17 - 19:11 )
الوصف الحقيقي للمتدين هو الإستلاب أي مستلب من العقل والتفكير
هذا كافٍ لنفي عبارة (الفكر الديني)
كيف يكون هناك فكر ينطلق من كائن غير موجود فعلاً أو غير معروف على الأقل
هذا ليس تفكيراً بل تهويمات
speculations
التي هي أضغاث أحلام ولا تنتمي إلى التفكير بشكل من الأشكال
لئن يدعي المتدينون التفكير فيترتب عليهم أن ينكروا وجود الحياة الأخرى أو الحوريات
للصديق هشام كل الاحترام والتقدير


4 - عزيزى شاكر شكور
هشام حتاته ( 2015 / 12 / 18 - 07:20 )
الاديان الابراهيمية الثلاثة كانت نتاج الثقافة والبيئة التى نشأت فيها ، واللغات كلها تلاقحت ، العربية مزيج من السريانية والنبطية وكان لكل قبيلة فى جزيرة العرب لغتها الخاصة والتى قيل عنها ( الالسن السبعه )
تحياتى لحضورك وارجو ان تعلم اننى اقف على مسافة واحدة من النقد والتحليل المنطقى للافكار الدينية الثلاثة ، وان كنت اركز على الاسلام اكثر لمواجهه الفكر الوهابى المنتشر والمهيمن
تحياتى لك


5 - عزيزى محمد أبو هزاع هواش
هشام حتاته ( 2015 / 12 / 18 - 07:25 )
اقرب النظريات مصداقية عن اللغة العربية هى ماقاله الراحل لويس عوض فى كتابه ( مقدمة فى فقه اللغه ) والذى يقول ان العربية مشتقه من النبطية والتى بالتالى مشتقه من اللغه المصرية الفرعونية
تحياتى لك


6 - عزيزى فؤاد النمرى
هشام حتاته ( 2015 / 12 / 18 - 07:33 )


تحياتى لك وشكرا لحضورك
اذا اخذنا كلمة فكر على معناها الحرفى فليس هناك فعلا فكر دينى للاديان الثلاثة ، ولكنى استعملها بناء على مقولة : خطأ شائع افضل من حقيقة مغمورة
استلاب العقل هو الاساس الذى قامت عليه الاديان كلها حتى لايكون للانسان اى دور فاعل فى حياته وآلهه السماء هى الفاعل الحقيقى لان الإله ( كلى القدرة ، كلى المعرفة ) ولهذا لن نخرج من ازمتنا الفكرية والثقافية الا اذا انتجنا فكرا انسانيا بعيدا عن التراهات التى اشرت اليها ، وهذه ياصديقى العزيز رسالتى التى وهبت نفسى لها
خالص تحياتى لك

اخر الافلام

.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah