الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التذويت

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 12 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التذويت
صاحب مطعم فاخر في مدينة يافا، بإسم الشيخ والبحر ، يتعرض في الآونة الأخيرة لهجومٍ مبرر ،(حسب وجهة نظري)، لأنه يتقاضى نسبة 10% كرسوم خدمة ، والتي يتضح بأنه يجبيها من الزبائن العرب فقط . بينما الزبائن اليهود لا يدفعون رسوم الخدمة هذه ..
ولم يتراجع أو يعتذر عن تصرفه هذا ، عندما تحدثّ الى القناة العاشرة العبرية التي كشفت هذه المعاملة المنحازة ضد العرب من قِبل صاحب المطعم الفاخر والذي يتخصص بتقديم وجبات من السمك الطازج لبحر يافا. بل صمّم على موقفه ، ودافع عن خطوته هذه بكل "حماسة" مبرراَ إياها ،بأن العرب لا يدفعون "إكرامية" للنادل ، على عكس الزبائن اليهود ، حسب أقواله طبعاً . وقد يكون صادقاً فيما يقول ، رغم انني عربي و"أعطي إكرامية " للنادل الذي يخدمني في المطعم (بشكل عام ) إذا تناولت وجبة خارج البيت وهذا يحصل نادراً ، وخصوصاً بعد أن عمل إبني كنادل في أحد فنادق تل-ابيب ، وكان يغضب حين يعود من يوم عمل خالٍ من الإكراميات ، خاصةً وأنهُ طالب جامعي ، يبحث عن القرش "في مؤخرة الحمار" كما يقول مثلنا العامي وباللهجة العامية طبعاً.
قد تكونون تسرعتم بالإستنتاج بأن صاحب المطعم هو يهودي "عنصري" ..!! لكن الحقيقة بأنه عربي من سكان يافا ....وكذلك النُدُل في المطعم فهم عرب ايضاً..!!
قال، وقد يكون صادقاً، بأن العرب بُخلاء ..!! لكن ما يهمني في هذه العُجالة ، هو موضوع تذويت مفاهيم ، مواقف وقِيم ، والتعامل معها على أنها حقائق ناجزة وصلبة.
فالتذويت ناتجٌ في الأساس من التعميم . فقد ذوّت العرب (في هذا المنبر وغيره) ، بأن العرب متخلفون ، جهلة ،أميون ولا خير فيهم لأنفسهم ولا للآخرين ..
رغم أن هذه المقولة تعميمية ،إلا إنها غير صحيحة ، فمن بين العرب أو لنقل غالبيتهم هم أُناسٌ بسطاء ، يسعون وراء لقمة عيشهم بشرف ، والكثير من حملة الشهادات الجامعية ، يعملون في أي عمل ليكسبوا خبزهم بكدهم وعرق جبينهم وبشرف، رغم أنهم غير راضين عن عملهم ..
والخِشية كل الخشية أن تُذوّت شعوب العالم مقولة "كل مسلم إرهابي "، فيتحول العالم الى جحيم لكل صاحب أصول اسلامية ..
نعم ، لا يأتي هذا التذويت من فراغ ،فقد يكون بعض زبائن المطعم العرب ، لم يعطوا النادل إكرامية ، لكن قسماً كبيراً من زبائن المطعم أحسوا بالإهانة من المقولة التعميمية ، وذلك لأنهم دفعوا إكرامية ودفعوا فوقها رسوم خدمة ..
وهذا هو الحال ، مع الارهاب الداعشي . فالغالبية العُظمى من المسلمين يستنكرون ، ولو بأضعف الإيمان، (أي بالقلب) ارهاب ووحشية داعش ، لكن ...قد تتذوت في النفوس مقولة "كل مسلم هو داعشي "..!!
وإذا نظرنا الى واقع الاقلية العربية في اسرائيل ، فقد ذوّت أبناؤها وعن أنفسهم "مقولات " ليست صحيحة . فالعربي يجب أن يُفتش أمنياً ،في المطار قبل صعوده الطائرة ، ويتقبل ذلك "بصبر وإبتسامة" رغم أن زملاءه اليهود ،يمرون من التفتيش مرور الكرام دون سؤال أو جواب ...
وذوت العربي كذلك ، بأن بعض اماكن العمل هي لليهود فقط (نتيجة الخدمة العسكرية ) ، وأن بعض المواضيع الجامعية لا يتعلمها العربي ، لأنه لا يستطيع العمل بها ، وقضايا أُخرى كثيرة ، فيها من الإهانة الكثير ، كوصف العمل الرديء في البناء بالعمل العربي مثلاً، وعلى لسان العرب ... رغم ان غالبية عمال البناء هم من العرب ..
وهكذا ذوت صاحب المطعم موقفاً سلبياً تجاه نفسه هو ، فهو عربي قح ..!!
النقد الذاتي مطلوب، ضروري وهام في حالتنا نحن العرب خاصة ، لكن تذويت قيم سلبية تجاه انفسنا وتجاه الآخرين ،فتلك مصيبة ٌ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بين الصورة النمطية و الإعلام
نضال الربضي ( 2015 / 12 / 17 - 23:36 )
أطيب التحيات أيها العزيز قاسم!

هذه الصور النمطية نتيجة ٌ مباشرة للإعلام المُتفرِّد الذي لا يقوم ُ مقابلَـه ُ إعلام ٌ مُضاد.

العربي يُرسم في هوليود على أنه همجي و تبقى الصورة ُ هكذا طالما لا يستثمر ُ عرب ٌ رجال ُ أعمال ٍ في أفلام ٍ تُعطي صورة نمطية جديدة.

المُسلم يُسوَّق ُ على أنه إرهابي، مع أن معظم ضحايا الإرهاب مسلمين، و تبقى الصورة ُ هكذا طالما لا يوجد ُ إعلام ٌ عربي يصل للمشاهد الغربي بشكل فاعل و مُؤثِّر، على الرغم من وجود رجال أعمال مليارديرين.

إذا ً نحن ُ أمام الإعلام أوَّلا ً و الإعلام أخيرا ً.

دعني أستشهد بأحد مقاطع الكوميديا التي يقوم بها على المسرح أحد المكسيكيين و اسمه كارلوس منسيا. يقول ُ كارلوس ما معناه أن الإعلام يرسم ُ أمامك الصورة بدون كلمات، فمثلا ً يتعمَّد ُ أن يعرض َ أمامك َ شخصا ً أسيويا ً عند كل مشهد حادث ِ سيارة، ليمرِّر َ فكرة أن الأسيويين بشكل ٍ عام لا يتقنون فن القيادة. تكرار ُ صورة الأسيوي في كل مشهد يقول ُ ذلك، الدماغ يلتقط ُ الفكرة و يعقِلُها.

نحن نعيش في عالم تتحكَّم فيه الميديا، هذه هي الحقيقة.

دمت َ بودٍّ و تمنياتي بالتوفيق لولدك َ المُثابر النبيل!


2 - لماذا يسخر الإعلام الغربي من العرب والمسلمين ؟ # 1
الحكيم البابلي ( 2015 / 12 / 18 - 02:57 )
الأعزاء قاسم محاجنة ونضال الربضي .. تحية
الحق هذا موضوع كبير جداً برأيي، وكنتُ أتمنى لو اعطاه الأخ محاجنة مساحة أكبر ، وتعجبتُ جداً حين لم أجد غيرتعليق واحد، ربما البعض لا يود أن يتكلم بصراحة خوفاً أو تستراً
في أميركا نواجه نفس المشكلة حتى مع الأميركان، والتعميم مرفوض لإنه لا يُثبت وجوده في هذه القضية، بعض العرب أو الشرقيين أو الأميركان يعطون بغشيش كبير، والبعض يعطون مبالغ مُخجلة حقاً، ولهذا فأغلب المطاعم تحتسب بغشيش مع الفاتورة بنسبة 16% ومع هذا يبقى الكريم يُعطي البغشيش والبخيل يمتنع
المهم .. الأمر لا يقتصر على العربي أو الغربي، فالهنود مثلاً أشد خلق الله بخلاً، كذلك هم العرب من كبار العمر الذين لم يتعودوا ويفهموا العادات والتقاليد هنا
أما الكلام عن الإعلام (الميديا) فبرأيي أن الإعلام لا يجافي العرب لأنهم عرب أو مسلمين، بل لكون أغلبهم لا يُحسنون التصرف في الأماكن العامة، ويخجل حتى الخجل من تصرفات غالبيتهم
أما عن مقولة أن كل مسلم هو إرهابي أو داعشي، فهذا تعميم لئيم ولا يستند إلى الواقع والنزاهة، ولكن .. مُلاحظاتي تقول بأنه حتى المسلم المُلحد يلتزم الصمت هنا بيننا حين يكون الحوار
يتبع


3 - لماذا يسخر الإعلام الغربي من العرب والمسلمين ?.# 2
الحكيم البابلي ( 2015 / 12 / 18 - 03:24 )
عن الإسلام أو الإرهاب أو داعش!!، فما معنى صمتهم إن لم يكن تستراً
هكذا يُثبت العربي أو المسلم أنه يتعاطف حتى ولو بأضعف الإيمان مع كل ما يقترفه أبناء جلدته من إرهاب أو سوء تصرفات أو عدم إمتزاج مع المجتمع الغربي الجديد الذي وفدوا عليه وإستفادوا من معوناته وكرمه وحسن ضيافته ولكن لم يعاملوه من خلال أخلاقيات رد الجميل
نتحدث عن الجيدين مِنا، الذين يعملون ويدرسون ويتصرفون بشرف، كالذين تكلم عنهم العزيز قاسم محاجنة، ولكن … كم هي نسبتهم قياساً إلى نسبة السيئين من أقوامنا الشرقية التي تعيث فساداً وتخريباً أينما حَلَت ؟، في حين لم يكن يتجرأ أخشنهم أو أكثرهم شراً على أن يتحدى شرطي في بلده الأم !؟
أتكلم هنا من خلال النسب المئوية، ولهذا لا أكون قد ذودتُ قيماً سلبية تجاه نفسي أو قومي كما يقول الأخ محاجنة في نهاية مقاله، فقد آن لنا أن ننظر في المرآة لنعرف من نحنُ بالضبط، وهذا ما لا يفعله قومنا مع أنفسهم، لإنهم لم يتربوا على مثل هذه القيم والأخلاقيات التي تجعل الإنسان يخجل من عيوبه، وحين يخجل الناس بعد المراجعة الحقة مع ذواتهم .. فهذه هي قمة الأخلاق التي لا يملكها من يتستر على عيب أو خطأ
طلعت ميشو


4 - صباح الخير عزيزي نضال
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 12 / 18 - 07:03 )
مودتي ومحبتي
لا شك بأن الاعلام له دور بالغ في التذويت
لكن لا تنسَ دور السياسة والاقتصاد والمجتمع في ذلك .
غالبية النساء ذوتنَ في نفوسهم بأن المرأة في المطبخ ولبيت زوجها!!
نتيجة ثقافة مجتمعية ممنهجة طويلة المدى وهكذا في السياسة والاقتصاد ، فالدولة عبر ممارسات بعيدة المدى تخلق تذويتا لدى البعض وفق ما ترتأيه !!
مودتي


5 - العزيز الغالي الحكيم ..
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 12 / 18 - 07:05 )
صباحك فل
ان قضية التأقلم مع واقع جديد هي امر صعب وشاق ..لذا ترى المهاجرين يحافظون على أنماط سلوكية معينة احضروها معهم ..
اما بخصوص الرفض للداعشية فأعتقد وليست لدي إحصاءات بهذا الصدد ، بأن غالبية المسلمين يرفضونها ..
دمت بود

اخر الافلام

.. ما أبرز رهانات الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسي


.. كلمة رئيس حزب -فرنسا الأبية- جان لوك ميلنشون عقب صدور نتائج




.. بسبب التنقيب عن الآثار.. مقتل طفل بجريمة مروعة في مصر


.. بالمسيرات الانقضاضية.. حزب الله يستهدف إسرائيل.. والغرب يحذر




.. حزب الله.. القدرات العسكرية | #التاسعة