الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة أولى في مأزق الفهم السّلفيّ ونفاق المسلمين أو جهلهم

مالك بارودي

2015 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أسئلة أولى في مأزق الفهم السّلفيّ ونفاق المسلمين أو جهلهم

تُعرّف السّلفية كما يلي: "السّلفية هي منهج إسلامي يدعُو إلى فهم الكتاب والسّنّة بفهم سلف الأمّة وهم الصّحابة والتّابعون وتابعو التّابعين باعتباره يمثّل نهج الإسلام الأصيل والتّمسّك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصّحيحة ويبتعد عن كلّ المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتّمسّك بما نُقِلَ عن السّلف."

ومن المعروف أنّ الإرهابيّين المسلمين من أتباع تنظيم القاعدة إلى أتباع الدولة الإسلامية داعش يتبعون السّلفيّة... ومن الملاحظ أنّ العالم كلّه يدين إرهاب هؤلاء الإرهابيّين وأنّ الكثير من المسلمين اليوم يسارعون بالتّبرّؤ من أفعال داعش والقاعدة ويتّهمون إرهابيّيهما بعدم فهم الإسلام الحقيقي (هذه الخرافة التي لم يتّفق على تحديد ملامحها إثنان) بل ويلعنونهم لأنّهم، حسب رأيهم، شوّهوا "الإسلام الصّحيح" بأفعالهم المنحرفة... لكن، وفي نفس الوقت، يقوم هؤلاء المسلمون المتنصّلون من إرهاب إرهابيّي داعش والقاعدة بإستدعاء نفس المرجعيّة في خطابهم بخصوص الإسلام ويقومون بالثّناء على "سلف الأمّة" فيقولون أنّ أحسن الأزمنة زمنُ حياة محمّد بن آمنة وصحابته وأنّ هؤلاء هم أحسن من فهموا الإسلام لمعايشتهم لبداياته ومخالطتهم لرسولهم... ويستشهدون بحديث وارد في "صحيح مسلم" يقول: "خير النّاس قرني ثمّ الذين يلُونهم ثمّ الذين يلُونهم"

ونحنُ، في مواجهة هذه الخطابات المتناقضة، نجدُ أنفسنا أمام عدّة أسئلة، لعلّ أهمّها:

1.. إذا كان الأوائل هم أحسن من فهموا "الإسلام الصّحيح"، فما الذي يضمن لنا ذلك؟ ما الدّليل على صحّة هذا القول خاصّة أنّ من يسمّون "علماء المسلمين"، حتّى في ما يخصّ الأحاديث الواردة عن الصّحابة (السّلف الصّالح) والمذكورة في البخاري ومسلم (أصحّ الكتب بعد القرآن، كما يقولون) مازالوا يغربلون ويخبطون خبط عشواء رغم مرور أكثر من 14 قرنا، ويصنّفون الأحاديث إلى صحيحة وضعيفة، إلخ، وهذه التّصنيفات تشمل أيضا صحيحي مسلم والبخاري؟ ما الدّليل على أنّ ما صنّفوه صحيحا ليس ضعيفا وموضوعا؟ ما الدّليل على أنّ القرآن نفسه صحيح، ليتمّ وصفُ صحيح مسلم والبخاري بأنّهما أصحّ الكتب بعده؟ وكيف يكون في أصحّ الكتب بعد القرآن أحاديث موضوعة وأخرى ضعيفة أو غريبة ولا تصحّ؟ أليس وصفُ حديث واحد واردٍ في صحيحي البخاري ومسلم بأنّه موضوع أو ضعيف كفيلا بإسقاط الصّحّة عن كلّ الأحاديث الواردة فيهما؟

2.. إذا كان الأوائل هم أحسن من فهموا "الإسلام الصّحيح"، فالأخبار التي يستدلّ بها المسلمون كلّهم، بإرهابيّيهم ومسالميهم، عن حياة محمّد وصحابته، واردة في كتب كُتبت بعد أكثر من مائة عام من هلاك محمّد، بما فيها كتب الحديث والسّيرة، فما الدّليل على أنّ ما رُوِي لنا عن تلك الفترة هو الحقيقة وليس تلفيقا وتدليسا؟ وحتّى الإستدلال على صحّة الرّوايات بالإستناد إلى الحديث "لا تجتمع أمّتي على ضلالة" الذي رواه إبن ماجه والطّبراني إستدلال سخيف لأنّ "أهل العلم" أنفسهم متضاربون في صحّته بين من يقول بضعفه ومن يقول بصحّته بجمع الطّرق التي روي عنها، هذا زيادة على أنّ نفس الشّكوك التي توجَّه لصحيحي البخاري ومسلم تًوجّهُ لكتب إبن ماجه والطّبراني...

3.. إذا كان الأوائلُ هم أحسنُ من فهموا "الإسلام الصّحيح"، فما الجدوى من تعدّد التّفاسير وتفاسير التّفاسير وتعدّد التّأويلات وتفاسير التّأويلات...؟ هذا زيادة على اللّغط الذي نجدُه في نفس التّفسير بخصوص آية واحدة، ليس بين المفسّرين فقط، بل بين أقوال جَمْعِ الصّحابة الذين أدلوا بدلوهم في تفسيرها والتي يوردها المفسّرون في تفاسيرهم... فإذا كان أقرب النّاس لمحمّد يفسّرون القرآن بطرق متضاربة ومتناقضة، فأيّ تفسير فيهم هو الأصحّ؟ وأيّ تفسير يجبُ إعتماده على أنّه تفسيُر محمّد أو التّفسيُر الصّحيح للقرآن؟ أليس تقديم تفسيرين متناقضين معًا لآية مُبهمة كفيلا بإسقاط كليهما، بل وإسقاط الآية في حدّ ذاتها لتصبح، زيادة على إبهامها أو بسببه، مجرّد هلوسة يُعطيها كلّ من هبّ ودبّ المعنى الذي يريدُ والذي يخدم مصالحه؟

4.. إذا كان الأوائلُ هم أحسنُ من فهموا "الإسلام الصّحيح"، بحسب قول كلّ المسلمين، فما معنى تبرؤ المسلمين الذين يزعمون أنّهم معتدلون من المسلمين الإرهابيّين وأفعالهم؟ كيف يجتمع الإعتراف بالسّلف الصّالح مع التّبرّؤ ممّا يفعله من يقتدون بنفس السّلف الصّالح بناء على ما ورد في كُتبٍ يجتمعُ على الإعتراف بها كلّ المسلمين منذ 14 قرنا تروي أقوال وأفعال أناسٍ يُلحقُ المسلمون أسماءهم بألفاظ مثل "رضي الله عنه"، وهم المعنيّون بألفاظ أخرى مثل "صلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين"؟ وكيف يلعنُ المسلم المعتدل المزعوم أفعال المسلم الإرهابي الذي لم يأتِ بشيء من عنده بل يقتدي ويُكرّر أفعال أحد الصّحابة أو التّابعين؟ ألا يستوجبُ لعنُ السّلفيّين الإرهابيّين اليوم لعْنَ السّلف الصّالح الذي إقتدوا به في أقوالهم وأفعالهم الإرهابيّة؟ ألا يستوجبُ لعنُ السّلفيّين الإرهابيّين اليوم والتّبرؤ منهم لعْنَ السّلف الصّالح الذين رووا ونقلوا لنا أحاديث الصّحابة والتّابعين وأفعالهم الإرهابيّة وتركوا لنا هذه القنابل الموقوتة المسمّاة كتب الحديث وكتب السّيرة والتّفاسير، بداية من البخاري ومسلم والطّبري وغيرهم؟ أليس الأوْلَى التّبرّؤ من هذا السّلف الصّالح ولعنه لأنّهُ بإرهابه كان قدوة لسلفيّي اليوم الإرهابيّين ولأنّه الجذر الذي أنتج شجرة الأشواك التي يعاني منها العالم اليوم؟ أليس لعن الإرهابيّين المتأخرين والترضّي على الصّحابة الأوائل الإرهابيّين مجرّد نفاق أو جهلٍ من المسلمين المعتدلين المزعومين؟

هذه بعضُ الأسئلة التي أطرحها، فمن يجيب؟

-----------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ١-;-٤-;- قرن مضى والأحتيال مستمر
شاكر شكور ( 2015 / 12 / 20 - 23:39 )
برأيي هناك إسلام حقيقي تبناه الرسول والصحابة والسلف وما بعدهم طبّقه الدواعش نصا وروحا في هذا العصر ، وهناك إسلام صّحيح ينادي به من يريد ان يصحح ويحسن الإسلام الحقيقي السلفي وذلك بمحاولة إحلال إسلام حضاري مختلق جديد محل الإسلام الحقيقي ، فالقول بأن الأعمال الوحشية للدواعش ليست من الإسلام الصحيح هذا لا يعني إنهم يقومون بتبرأت الدواعش من الإسلام الحقيقي المحمدي بل يراد منه ان هذه الأعمال ليست من الإسلام الصحيح الجديد والمختلق بالتقية والنفاق لملائمة هذا العصر، الحقيقة إن محاولات التحايل لإضعاف الأحاديث المخزية لإنقاذ الإسلام لا تجدي نفعا بسبب وجود ما يقابلها وبأكثر بشاعة ووحشية في آيات القرآن المدني ، فمن يستحي بالبخاري فالأولى ان يستحي اولا بالقرآن المدني لأنه ليس فقط بخاري بل حراري ايضا ، ولهذا يقوم المترجمون بترجمة القرآن المدني الى لغات العالم مستعملين الغش في الترجمة لاخفاء عيوب بشرية مؤلف القرآن المنطلق من بيئة بدوية صحراوية متخلفة ، تحياتي استاذ بارودي


2 - أنا اجيب.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 12 / 21 - 06:33 )
تحية أستاذ مالك.

ان مقولة ؛ (هؤلاء لايمثلون الاسلام الصحيح). هي خدعة اسلامية، الغرض منها ذَر الرماد في العيون، وعدم توجيه إصبع الاتهام الى المجرم الحقيقي في كل هذا الاٍرهاب ، وهو محمد وقرآنه وحديثه وسيرته.

ان الحرب عند المسلمين خدعة، كما قال لهم معلمهم الاول، محمد.

وبما ان الكذب حلال في الاسلام، بما يسمى بالتقية الاسلامية، اي الكذب الحلال،

لذلك فان المسلمون يكذبون حين يقولون؛ ان هؤلاء الإرهابيين لايمثلون الاسلام الصحيح.

ان كل مسلم، ولو كان امياً، ومن خلال الجوامع، يعرف تماماً ، ان الاٍرهاب هو عقيدة الاسلام.

لذلك، فأنا اعتقد، بل متاكد، من ان الموضوع هو مسالة وقت ويعلن العالم صراحة الحرب على الاسلام، بدل الحرب على الاٍرهاب.

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah