الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النكوص في الشخصية حقيقة ام مبالغة؟

اسعد الامارة

2005 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النكوص Regression هو الارتداد او التقهقر في النشاط النفسي الى مرحلة سابقة من مراحل تطور البناء والتكوين النفسي عند الانسان،وهو يعني ايضا الرجوع الى الخلف(الى مرحلة سابقة من مراحل العمر) في التعامل او السلوك مع الاخرين في مواقف الحياة العديدة.
النكوص"الارتداد"هو حيلة"آلية- ميكانيزم" دفاعي يعود بها الفرد الى الاساليب الطفلية في ثورته وانفعالاته حين يواجه آزمة او مشكلة او ضغط يؤثر على مسار حياته يستعصي ازاحته او تحييده،ولأن الاحباط يولد قلقاً شديداً لا طاقة بالنفس على مواجهته ،فأنه يغير سلوك الفرد ويرجع به الى مرحلة الطفولة حيث تكونت اولى ملامح الشخصية ،فالثورة والانفعال والرفض هي السمات السائدة في سلوك الاطفال،نرى البعض من الرجال او النساء يمارسون نفس السلوك وهم كبار،فالطفلية اذن لم تغادر سلوك البعض من الناس .
ترى مدرسة التحليل النفسي ان النكوص يتضمن وجود نقاط في تطور الفرد ثبت عندها الاشباع الغريزي(نقط التثبيت)يعود اليها الفرد كلما اصبح الاشباع محالا في المستوى الاعلى الذي بلغة،كذلك يتضمن النكوص وجود حرمان من الاشباع في الوقت الحاضر هو المسؤول عن ارتداد الطاقة النفسية المهيئة للعمل الى مراحله السابقة التي توفر اشباعاً نكوصياً،يقول سيجموند فرويد ان سر شقائنا اننا عشنا أطفالاً ،والحقيقة ان مراحل الطفولة حملت معها عواصف واعاصير تبقى مثبتة في ذاكرة الفرد،لن ينساها او تمحى من ذاكرته فهو كلما زاد النضج تبقى ذكريات الطفولة بافعالها وكلماتها تحفر في الذاكرة ،لن ينساها او تمحى من ذاكرته ، ولنا ان نقول ان ذكريات الطفولة في الصغر كالنقش في الحجر،فهو كلما زاد النضج تبقى ذكريات الطفولة بافعالها وكلماتها تحفر الذاكرة حتى ان البعض من الناس حينما يبلغ الشيخوخة وخصوصا المتأخرة منها اي بعد سن الخامسة والسبعين من العمر تعود له ذاكرته الطفلية كاملة ويتذكر كل صغائر الامور ،وتنسى الذاكرة القريبة والاشياء من حوله وكانه انتقل الى مرحلة سابقة بكل دقائقها الى السنوات العشرة الاولى من العمر.
النكوص اذن امر محتمل الوقوع لدى الكثير منا نحن البشر الاسوياء بمختلف تكويناتنا النفسية لأننا لا نفقد ذواتنا الطفلية ابداً،وتلاحقنا ونحن كبار في تعاملنا مع الاخرين او مع زوجاتنا احيانا وخصوصا حينما يطلب منها الزوج ان تداعب شعره حتى ينام هادئا مسترخيا.
تقول دافيدوف احيانا يواجه الناس الضغوط بالرجوع الى اساليب السلوك التي تميز صغار العمر،كما هو الحال عندما يواجه الطفل وهو في العاشرة من عمره موقفا ضاغطا لا يستطيع حله،يلجأ الى مص الاصابع او التبول اللاارادي في الفراش وهو رد فعل شائع لمواجهة الازمات التي لم يستطع حلها،او حينما يولد طفل جديد في الاسرة ،تكون الاستجابة المتوقعة للطفل الاكبر منه سناً مثل هذه الاستجابة. النكوص كما يعتقد علماء النفس استجابة شائعة للاحباط ،سواء عند الاطفال او لدى الكبار وهو يزود الفرد الذي يلجأ اليها بمهرب او وسيلة هروب الى مرحلة سابقة من العمر كانت جميلة وتركت الاثر النفسي في الذات،كان الفرد يشمل بالحب والحنان والآمن من الوالدين ،وهو مجتمع الثقة والامان بالنسبة له،ويحصل على التأمينات التي تعطي الطمأنينة على مستوى تلبية الاحتياجات النفسية والانفعالية.
يعد النكوص من اكثر الحيل الدفاعية "الآليات"ظهوراً في الامراض النفسية والعقلية،وان كان في الامراض العقلية يبدو في صورة تجهم وردود افعال شديدة مع وجود الصراخ فضلا عن الغيرة الشديدة والغضب والافعال غير المقبولة مثل التبول والتبرز علناً وامام الناس،فمريض العقل يفقد السيطرة على عقله تماما،وهو يعني فقدان الاتصال بالواقع والنكوص الى مواقف طفلية مبكرة،والضعف في قدرة الذات(الانا)على التكيف،لذا عد من اهم مظاهر المرض العقلي(الذهان)هو السلوك النكوصي الذي لا يلائم المرحلة العمرية التي وصل اليها الفرد،فعلاقته بالواقع تصبح مضطربة وقدرته على تكوين علاقات مع الاخرين محددة كما يصبح نموه العاطفي مضطرباً وتفكيره بدائياً.
اما في المرض النفسي(العصاب)فأنه يأخذ صورة اي مواجهة صعبة معبأة بالضغوط او الازمات او الاجهاد،فانه يساعد على حدوث النكوص حيث يأخذ الشخص في الانفعال والتبرم ورد الفعل غير المتزن ويصبح سهل الاستثارة وكثير المطالب والاحتجاجات،وعليه يرى علماء الصحة النفسية ان الاصحاء الذين حسُن توافقهم كثيرا ما يلجأون الى النكوص ايضا بغية التخفيف من القلق او الشدائد التي يواجهونها وهو تعبير سيكولوجي لطرد البخار المتصاعد من شدة ضغوط الحياة والصراع والاحباط داخل النفس لكي يحيدوا(اسلوب تحييد الموقف الضاغط،احد اساليب التعامل مع الضغوط النفسية) الموقف الضاغط ونتائجه ولو لحين،فيلجأ البعض الى الافراط الملحوظ في التدخين او تناول الكحول حد الثمالة،او الافراط في الاكل او قضم الاظافر او يفقد البعض السيطرة على انفعالاتهم فيعملون المخالفات القانونية التي تعارض القانون وعدم التقيد بالاشارات المرورية اثناء السياقة او تزداد مخالفاتهم في العمل وربما حتى اصاباتهم تزداد في العمل ويكون الاستهداف للحوادث عاليا جدا ،والبعض الآخر يعود الى ممارسة الاستمناء او قراءة القصص البوليسية او الافراط في الاتصال الجنسي. فالنكوص اذن لاندري ازاء ذلك حقيقة ام صورة مبالغ فيها من الوهم رغم ان دلائل وجودها مؤكدة علميا وسيكولوجيا واخيرا نسأل: هل يبرأ الاصحاء من التشبث بلذة الطفولة تجنباً لألم عالم الكبار الذي يعيشون فيه بحيث تستقيم لديهم الحياة ولو لبرهة من الزمن هروباً وتجنباً؟ انها تساؤلات يجيب عليها القارئ الكريم بفطنته السيكولوجية وعمق رؤيته لاحداث الحياة وضغوطها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو