الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوج ابنة شقيقي اتهمني بالكفر وأمرها بمقاطعتي!!

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2005 / 11 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أجل هذا حدث!! كنت وبمناسبة العيد، في زيارة ابنة شقيقي في منزلها الزوجي.. ساقنا الحديث إلى أن تفلت مني فكرة من بين أفكار يزدحم بها عقلي.. تغيرت معالم وجه زوج ابنة شقيقي، وقال لي: أنت كافر.. وخرج على التو من مجلسنا الذي كانت تجلس فيه زوجته وأبوه.. وما لبث أن طلب زوجته وسمعته بعد خروجها من الغرفة يأمرها أن لا تتحدث معي ولا تجالسني ولا تصافحني مطلقا!!
أكملت زيارتي وكنت لحسن الحظ أجلس في غرفة ضيافة منزل أبيه لا في منزله الخاص.. فمن يدري، ربما طلب الرجل مني أن أخرج على الفور من منزله لو كنا فيه!! لكن الله لطف بي..
وكما عهدي.. فإني لا أحب أن تتكدر علاقتي بأحد.. خاصة مع زوج ابنة شقيقي التي أمثل بالنسبة لها العم والأب وكل أسرتها لغياب أبيها وكامل أسرتها عن الوطن حيث يقيمون في قطر عربي.. فإذا وجدت (المسكينة) نفسها مضطرة لمقاطعتي (المقاطعة الشاملة) فسوف تفقد عمّها الوحيد في الوطن، الذي تعرف منذ طفولتها كم يمتلئ قلبه بالحب لها وللناس أجمعين..
وأنا في طريقي للانصراف من منزل والد زوج ابنة شقيقي، حرصت على أن أرى الرجل وأستعيد صفاء العلاقة بيني وبينه.. وحاولت أن أقنعه بأن التباين في وجهات النظر، مسألة تتطلب منا أن نعترف بها أولاـ وأن نحترمها ثانيا.. طبعت قبلات عديدة على وجنتيه، لكنه لم يصفح لي ما يعتقد أنه "خطأ جسيم مني وكان المفروض أن لا أردد أمامه وفي بيته (بيت أبيه: وأبوه استاء مما فعل ابنه) ما رددت" بقوله..
عرف شقيقه بما حدث.. فحاول الاعتذار لي.. لكنني أكدت له أني لم أغضب من شقيقه ولكني أخاف من انعكاسات ذلك على ابنة شقيقي التي عليها أن "تطيع" أوامر زوجها.. وإلا...!!
تذكرت وأنا أتحدث مع شقيق زوج ابنة شقيقي قصة التقائي مع الدكتور الشيخ عبد الرحمن بارود في صنعاء بعد سنوات طويلة انقطعنا فيها أنا وهو عن الالتقاء، بسبب التشتت في أنحاء الأرض الذي يبتلي الله به الفلسطينيين..
كثيرون قد لا يعرفون من هو الشيخ عبد الرحمن بارود.. باختصار، الرجل قد يكون أكبر "إخواني مسلم فلسطيني" وهو بالطبع من حركة حماس.. وعندما التقيت معه في صنعاء، كان قد جاء إليها بصحبة الدكتور محمود صيام (من حماس ومبعد من غزة قبل سنوات عديدة).. وتعود معرفتي بالشيخ عبد الرحمن إلى أوائل السبعينات عندما كنا في القاهرة، وحينها كان الشيخ عبد الرحمن في انتظار الانتهاء من مناقشة رسالته للدكتوراه التي تأخر عن مناقشتها تسع سنوات قضاها في سجن مصري مع كثيرين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين تم اعتقالهم بأوامر من الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر..
في أوائل السبعينات كانت عاطفتي وعقلي مرهونان لحساب الإيمان التقليدي بالدين.. وأحببت الشيخ عبد الرحمن، ولا أزال، حبا عميقا، وتكونت عندي قناعة بأن الرجل يمتلك أخلاقا يندر وجود من يمتلكها في زماننا.. عرفت ذلك منه بتواصلنا، وبتواضعه الجم.. ومن أخلاق الرجل، ومن وفائه لعقيدته التي دفع من أجلها سنوات شبابه في ظلمات السجن، تزوج امرأة انفصلت عن زوجها لاعتقادها أن زوجها (الأول، وكان من جماعة الإخوان المسلمين في مصر) لم يثبت على مبدئه وأظهر ضعفا خلال التحقيق معه بعد اعتقاله.. فكافأها الشيخ عبد الرحمن بالزواج منها رغم الفارق الواضح في المستوى التعليمي بينهما.. كانت حاصلة فقط على الشهادة الإعدادية وهو في عداد الحاصلين على شهادة الدكتوراه، ولم تكن حيازة درجة الدكتوراه أمرا شائعا كما نلاحظ اليوم..
في لقائي مع الشيخ عبد الرحمن، في الفندق الذي كان ينزل فيه في صنعاء، لدي زيارته لها في أوائل التسعينات.. سألني الشيخ: ما رأيك فينا؟! يقصد: ما رأيك في حركة حماس؟
ترددت وطلبت منه أن يعفيني من الجواب.. فأنا أعرف أن جوابي لن يرضيه.. وأنا كنت ولا أزال حريصا على أن لا أخسره.. أصر على أن أجيبه على سؤالي.. ربما كان الشيخ واثقا من أن جوابي سيكون جواب رجل عرف عنه الشيخ أنه على خط الإسلام كما تفهمه جماعة الإخوان أو حركة حماس.. لكن الزمن باعد بيني وبين المفاهيم الدينية التي كنت أعتقد بصوابها عندما كنا نلتقي أنا والشيخ في بيته في حي شبرا بالقاهرة.. أنا لم أعد ذاك "القديم" الذي أسس حركة المجاهدين المسلمين (لتحرير فلسطين) قبل عشرين عاما من تأسيس حركة حماس..
صحيح أني أحب الشيخ وأحب الشيوخ كلهم وأعترف بأنهم أهل للحب، فهم في عامتهم على أخلاق حميدة، ويستحقون الحب مني، وكيف لا أحب من هو على خلق حميد وأنا أحب الداني والقاصي، وقلبي بيت للألوان كلها..
لكنني أحب الحقيقة أيضا.. وقلبي يسع حبي للحقيقة وحبي لكل من يختلف معي في الرأي.. هكذا تعلمني النورانية.. ولأن الشيخ ألـّح في طلبه مني للرد على سؤاله، أجبت باختصار: "أرى أن فيكم عيبا وأود لو تتجاوزوه!!".. قال الشيخ: "ما هو؟!".. قلت: "الانغلاق!!"..
امتقع وجه الشيخ وقال بعصبية ما عهدتها منه: "لا أحد في انتظار رأيك!!"..
يا بنات وأبناء أمي.. أنا أعتقد أن الانغلاق صفة تتصف بها الحركات الإسلامية السياسية، كما تتصف بها العقلية الدينية التقليدية.. وأرى أن الانغلاق صفة قاتلة للحياة.. وأود لو أن الإسلاميين السياسيين والمنغلقين من المسلمين يفتحون قلوبهم وعقلوهم للتجدد.. وهذه دعوة النورانية.. والتجدد لن يتم إلا إذا اتسعت صدورنا للآخر، وتحاورنا معه على أرضية الحب وبمنهج العقل المحب..
ليس هناك ما يسوغ أن يأمر زوج ابنة شقيقي زوجته بأن تقاطعني مقاطعة كاملة لأني أحمل وجهة نظر لا يرضى الرجل عنها.. أعتقد أن الله لم يمنح أحدا حق احتكار "وكالة مطلقة" منه!! ولا يمنح أحدا حق الوصاية باسمه على حرية التفكير!!.. هل ترون خلاف ذلك.. إذن تعالوا بمنهج نوراني نتحاور بالعقل المحب، لا تحت لهيب سوط الإرهاب الفكري.. ولكن فوق أرض الحب المبتهج بالحرية المتطلعة إلى كرامة الإنسان ومجده!!
لبنات وأبناء أمي كلهم.. ولزوج ابنة شقيقي.. كل الحب والبهجة.. وقلبي مع ابنة شقيقي التي فقدت "الأهل الحاضرين"!! بسبب حب عمها للحقيقة وجرأته بالمجاهرة بما يعتقد أنه الصواب من القول، ولو خالف المعهود من الآراء!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني