الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الساحر3 -

سارة شريف النطار

2015 / 12 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" العالم اليوم يتحرك مع البندول "
إنه السحر يا ساده ، مرحبا بك من جديد . يلتف بانسيابية مصوباً نظره في حده ، مظهراً البندول و يحركه في بطء .
_ لا تحاول صديقي ، أظنني عرفت قواعد اللعبة .
_ أنت مجنون يا هذا ، إنه ليس بثابت ، يتحرك متأرجحاً ؛ " العالم مجنون لا يعرف الحقيقة "
ينظر الفتي إلي شاشة ضخمه معلقة في واجه المسرح ، حيث أصبحت خلفية لمكان وقوف الساحر ، مستعرضاً فوق المسرح .
_ أتري تلك الوجوه ، هم أحجار لعبتك ؛ لكن أمتأكد أنهم كذلك .
يتنهد الساحر ، و يخرج زفير قوي .
_ البشر . أحجار ذكية للغاية ، لكن ساحرين أغبياء . إنهم لا يستطيعوا التحكم في حياتهم و اللعب؛ لكنهم متفوقون في ادعاء ذلك .
_ لماذا هم أغبياء و ينتكسون دائماً إلي رغباتهم الدنيئة ؟
_ لكي أصبح أنا الساحر .
_ من أنت المدعي بمعرفة كل شيء ؟ من أنت ، و لما آتي إليك و أثق بك ؟
_ أنا محرك البندول . أنا أنظر من أعلي فأري كل شيء ، ما تحويه معاني الإنسانية ، و ما حقيقتها فعلاً علي الأرض .
أنا أري ما يقوله السياسي ، و ما يفعله ، و ما يختلج في صدره . أنا لست متحيزاً ، و لا متعصباً أبله ؛ يعتقد أنه يملك الحقيقة .
أعرف أن الحياة ليست مثالية ، و لن تكون ؛ إنما مسرحاً مثيراً ، مليئاً بالشغف . و شغفه أصله الصراع والألم .
يقف الفتي مشدوهاً لحظة .
_ أتقصد أني أفني حياتي في وهم ، لقد فعلت الكثير من أجل قضيتي ، كنت سأموت عده مرات ، أصدقائي فقدوا أغلي ما يملكوا ، لماذا نجن نحو فكر ما أو ايدلوجية تفنينا داخلها ؟
لكي تصبح موضع حراك للتاريخ ، و ننتهي نحن بلا مأوي لنا ، حتي بين طيات الكتب . أتاريخ أهم منا !
_ مسكين . مازال هناك الكثير لتتعلمه ، التاريخ إنما أهم من الواقع . لأنه تضارب خيال إنسان ،
أتعرف ، إنه يظهر ما بداخل البشر ، أكثر مما بخارجهم . ما يشعرون به ، ما يضج مضاجعهم ، من خلال خيالهم الكاذب ؛ فليحيا التاريخ بكذبه !
يضج المسرح بموسيقي صاخبة ، و يظهر من خلف الستار ، من تحت المقاعد ، من طيات اللامكان ، ملايين الزومبي يصرخون ، و يضحكون في هيستريا .
يقفز أحدهم علي المنصة ، و يقول بصوت محشرج ، أنا الرئيس . أقودكم اليوم نحو الديمقراطية ، و الاتحاد الوطني . ثم يصرخ و يضحك ، و يقطع الأوراق ، و يحطم المنصة ،
و يرتشف من عيون الناظرين ، ذلك الإحساس بأنه قائد مغوار ؛ الذي لطالما تمناه .
يأتي الآخر محركاً أرجله في تناغم ، و يمسك بيد تلك المحبوبة ، و بعزف شجي حالم ، يصبحان كالموج في قوة و بطء تحركه ، في حياته و موته ؛ يناديان أيها العالم إنه الحب ،
تعالوا فالأرض خضراء لأجلنا ؛ و بابتسامه صادقة ، تتحول إلي أنياب ، و ينطلقان في معركة دامية ، و يكسروا كل شيء أخضر !
يخرج من الحائط ، قديسين بشموع ، و يتبعهم آلاف الشباب ؛ يتحدثون في دفء .الحياة فانية ، سيئة . لنتبع الرب ، و نذوب داخل رحابه .
لكن سرعان ما يحرقوا كل شيء ، و تتحول الشموع إلي متفجرات .
عاد المسرح إلي الهدوء مرة أخري . فوجد الفتي مكوماً إلي الحائط يبكي بحرقه ؛ و يقبض يده بقوة .
_ أرأيت الوجه الآخر . ليكن عقلك ربك ؛ و ليس عقول الاخرين . فهم دائماً مغيبون قاصروا البصيرة . تعال لتحرك العالم ، الآن عرفت الحقيقة .
يال الغباء ! أقصد حقيقتنا نحن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله