الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انا مش زفت ميس

محمد يسري

2015 / 12 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



انتشرت في الأيام القليلة الماضية مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تصور السيدة الدكتورة سعاد الخولي التي تشغل منصب محافظ الإسكندرية بالإنابة وهي تتفقد مدرسة ابتدائية وتقوم بتوبيخ احدى المدرسات بها قائلة لها امام التلاميذ (انا مش زفت ميس)
والحقيقة ان ما حدث في الفيديو وما نتج عنه من تعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي، قد استفزني الى اقصى درجة فرأيت ان اعبر عما احسست به في هذا المقال
بداية فما حدث وشاهدناه في الفيديو هو نتاج طبيعي لمجتمع فقد فطرته وتلقائيته التي هي بمثابة البوصلة التي من المفروض ان توجه الى الطريق الصحيح
ظهر هذا المجتمع المشوه الفاقد للفطرة السليمة في أربع تجليات واضحة (المحافظ – مدير المدرسة – المعلمة – التلاميذ)
أولاً: -المحافظ
ان تكون صاحب سلطان او نفوذ في دولة لا تعترف الا بالفرعون فذلك يصنع منك فرعون شئت ام اردت
النفوذ والمنصب يغيران النفس فيحيلان الضعف الى قوة ... ويبدلان الانبطاح الى جبروت
السيدة الدكتورة التي تولت منصب المحافظ بالإنابة جاءتها فرصة ذهبية للجلوس على أحد مقاعد السلطة في مصر ...فهل تضيع تلك الفرصة ؟؟
لا بالطبع ...ومن هو هذا الابله الذي يضيع مثل تلك الفرص النادرة في بلد أصبحت فرص الظهور والتقدم فيه شحيحة للغاية
ولكن كيف يتم تثبيت السيدة على الكرسي الذي جلست عليه ؟؟ من المؤكد ان الإجابة على هذا السؤال مرتبطة بسؤال اخر وهو كيف ترك سلفها هذا الكرسي ؟؟
المحافظ الأسبق كان هادئاً انيقاً باسماً ...اذن فالحل ان تظهر الدكتورة بشكل مغاير تماماً لما ظهر عليه سلفها، يجب ان تبدي إمارات السطوة والخشونة والتكبر والتعالي
تدخل في زيارة تفقدية مفاجئة لمدرسة ابتدائية فقيرة في منطقة مهملة معدومة الذكر والصيت، ثم تبدأ في سؤال التلاميذ عما يدرسونه وتختبرهم، ترى أكانت السيدة الدكتورة تنتظر ان يظهر هؤلاء التلاميذ مهارتهم وذكائهم وعبقريتهم ؟؟
هذا لا يهم ، بل ما يهم ان تلتقط لها الصور وهي تحدث التلاميذ مبدية اهتمامها وعنايتها
ما يهم ان تسجل الكاميرات تعنيفها للمدرسة ...فهذا دليل على قوتها وسيطرتها وصلاحيتها المطلقة على الاستمرار في كرسيها
ثانياً: -مدير المدرسة
ذلك الرجل الأسمر البشرة الذي كان يسير خلف وامام وبجانب السيدة الدكتورة ...لا أعرف اسمه ولا اظن ان أحدا اهتم ان يعرف اسمه
وجهه وسمته مألوفان ...شعرت عندما شاهدته أنى اعرفه من قبل، ثم تنبهت ان شعوري هذا نابع من كون جميع المصالح الحكومية يوجد بها اشباه وامثال لهذا الرجل
الانصياع والطاعة المطلقة والانبطاح هي ردود فعل ذلك الرجل امام تعليقات الدكتورة الغاضبة المتعجرفة... شعور كامل بالعجز وقلة الحيلة مع امنية بان تنتهي تلك الزيارة العصيبة بأقل الاضرار
مدير المدرسة واشباهه هم الحلقة الأكثر قوة في سلسة الفساد والفوضى اللامتناهية في الجهاز الحكومي والإداري بالدولة والمجتمع على السواء
انظر له وهو يوافق ويؤكد على كلام واقوال الدكتورة في كل المواقف...انظر على تعبيرات وجهه الأسمر الممتلئة بالنفاق بشكل واضح وصريح
هل شاهدته وهو يقف في صف الدكتورة المحافظ عندما عنفت مدرسته امام عينيه ؟؟
لا لم تشاهد هذا الموقف اذن فقد فاتك مشهد مسرحي غاية في الروعة لتجسيد حجم النفاق الذي انتشر في مجتمعنا كالنار في الهشيم
هل رايته وهو يقف بجانب الدكتورة واضعا يد على يد حانياً رأسه مطرقا في صمت ناظراً الى موضع سجوده كأنما هو يؤدي طقوس الصلاة في خشوع، بينما يأتي جميع مدرسي المدرسة ليقدموا آيات الولاء والطاعة ويقدموا قرابينهم للسيدة المحافظ لعلها تعذرهم وتسامحهم على ذنب لم يقترفونه أصلاً ؟!
ثالثاً: -المعلمة
ان تكوني معلمة في زمن مثل هذا الزمن الذي نعيش فيه الأن فذلك شيء يستحق الاعجاب والتحية، وان تكوني معلمة لغة انجليزية في فصل دراسي يمتلئ بالطلبة الذين يجلسون بجوار بعضهم البعض مثنى وثلاث ورباع فذلك شيء متميز يدعو الى الانبهار
اما ان تكوني متدينة ومنقبة فذلك ذنب لا يغتفر
في مجتمع تنظر نخبته الى النقاب على كونه تخلف ورجعية واسفاف في الذوق العام، لن يكون من السهل عندها ان تنالي احترامك او ان يسمح لك الجميع بان يتركونك في حال سبيلك.
سوف يجد الجميع حجة لانتقاص قدرك واضعاف همتك وإبخاس شأنك
في مجتمع ريهام سعيد وبسمة وهبي وفريدة الشوباشي لا مكان لك يا فتاة ...الكل سينظر اليك على كونك متخلفة ورجعية ...لا أحد سيقدر ان نقابك فريضة دينية ... ولن تجدي من سيقدر حريتك الشخصية في ارتداء ما تريدينه
هناك حرية في التعري لكن لا يوجد حرية في الغطاء ...هذا ما انعكس على تصرف الدكتورة اثناء حديثها مع المعلمة المنقبة، كيف ترد المعلمة على الدكتورة؟ كيف تسمح لنفسها ان تبرر لها وتشرح لها؟
ثم كيف لتلك المعلمة ان تخاطبها بإنجليزيتها الركيكة (ميس) ...هل جننت تلك الفتاة؟
هي فرصة جيدة اذن لاستعراض العضلات امام فتاة ضعيفة جعلتها ظروفها الاجتماعية وعقيدتها الدينية تقبع في الدرك الأسفل من السلم الاجتماعي في مصر، ولا مشكلة في إضافة بعض التعبيرات الخشنة الى التوبيخ ...فكلمة زفت لن تضر بل ستكسب المشهد جواً من التلقائية المحببة التي لا شك سوف تزيده اصالة وبراعة

رابعاً: -التلاميذ
ماذا تنتظر من أطفال يجلس ثلاثة منهم في مقعد واحد لا يتعد طوله المتر بينما يقل عرضه عن الثلاثين سنتيمتر ؟؟
ماذا تتوقع من أطفال يسمعون أغنية (مفيش صاحب يتصاحب) في بيوتهم وفي شوارعهم أناء الليل وأطراف النهار ؟؟
ماذا تأمل في أطفال أصبح مثلهم الأعلى عبده موتة او الألماني، وقد يرضى بعضهم بأقل من هذا فيكون طموحه أن يصبح أحد أعضاء فرقة أولاد سليم اللبانين؟
هل تنتظر من هؤلاء أن يكونوا من المتفوقين؟ هل ترجو منهم ان يكونوا صانعي حضارة امة او محققي نهضة شعب؟
ان أي توقع او انتظار او رجاء في تلك الامنيات هو محض أوهام واضغاث أحلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل