الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((العراق الجديد بين أسلمة السياسة، وتسييس الإسلام ..)) .

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البدء لا أريد أنْ افتتح مقالي بما يعتقد به العلمانيون من (فصل الدين عن السياسة) الذي بني على أساس فكري سفسطائي ديالكتيكي، ولا أريد أنْ استغرق وقتاً في عرض أصوله المتّصلة بالفلسفة المادية، ولكن أحببت أنْ أشير إلى أنّ فكرة المقال تناقض هذه المقولة تماماً، وهي أي (فكرة المقال) : التأكيد على العلاقة الوثيقة بينهما، وربّما سيتبيّن معنى هذه العلاقة بعد تسطير كلماته .
.
العراق قبل التغيير كان يعيش صراعاً بين إسلام السلطة، وإسلام رجال الدين، فمن كان يقترب منهم يلقى عذاباً شديداً وكأنّ التاريخ أدار عجلته بالمقلوب؛ ليرجعنا إلى عصر الدعوة في كيفية معاملة قريش للمسلمين الجدد؛ لكن يأبى التأريخ التقهقر، ومن سننه أنْ يهلك ملوكاً، ويستخلف آخرين، واستخلف المعذّبين، والمغتربين؛ ليعود الصراع بالمعادلة نفسها؛ لكن بتغيّر نوعي في الطرف الأول منها؛ إذ أصبح (إسلام السلطة = إسلام رجال الدين)، والناظر فيها ربّما يتوهّم انسجام طرفيها في أنّ تفاعل طرفيها؛ سيؤدي إلى إنتاج واقع ديني يرتبط بتعاليم الدين القويم؛ لكن حقيقتها هي صراع أشدّ ضراوة من المعادلة الإولى للأسف؛ بفعل التنافس على السلطة الذي غيّب المعنى السليم لعلاقة الدين بالسياسة .
.
للأسف السلطة دائماً تحاول تسييس الدين من أجل السياسة؛ وبعض مواقفها التي تبتعد عن الدين تكشف لك حيل هذه الأحزاب، فقد مرّت بنا هذه الأيام أحداث جديدة من القتل، والاغتيال، والخطف، وهذه الأحداث لا تخلو من الأغراض السياسية التي تناقض القيم الدينية، ولا يخفى على المتابع حادثة اختطاف الصيّادين القطرين في صحراء السماوة .
.
طالبت المرجعية الدينية اليوم في خطبتها الجهات الأمنيّة بالسيطرة على هذه الخروقات، والحدّ منها، كما طالبت الخاطفين بالإفراج عن الصيّادين الابرياء، مذكرة إيّاهم بأنّ هذه الأفعال لا تلتقي، وقيم الدين الإسلامي القويم، وأنْ لا يغلب عليهم هوى السياسة، ومآربها على التفريط بما يحملونه من قيم إسلامية .
.
ومن أصداء كلام المرجعية في الإعلام أن رأيت بعض الكتّاب قد خطّؤوا رأي المرجعية متسائلين عن جدوى هذه السياسة التي لم تجلب نفعاً يذكر للعراق كما يتصوّرون، قائلين: إنّ في اليوم الذي نادت به المرجعية بإطلاق العمال الأتراك قامت تركيا بإقتحام السيادة العراقية بأنْ أدخلت جيوشها إلى بعشيقة، وهو الأمر عينه تفعله قطر، فهي لا تنفك عن التآمر علينا؛ لذلك هم يرون أنْ نتعامل بالمثل معهم، وهو من متطلبات الواقع كما يرون .
.
بعد التأكيد على حقوق الملكية الفكرية للكتّاب، ومنها انطلق لمناقشة هذه الرؤى، لا يخفى عن المتابع للأحداث تأثّر هذه الآراء بالجوّ السياسي الداخلي، والإقليمي، وهو يتوافق مع أيديولوجية بعض القوى السياسية، ومن يقف خلفها؛ لكنّ هذا الأمر ليس بالضرورة أنْ ينطبق على القيم الدينية؛ لكونه صادر عن جهات إسلامية، وليس هو الصواب المطلق الذي يجب على الجميع موافقته ــ وربّما هذا الأمر هو فحوى كلام الكتّاب ــ ؛ كي تخطّئ المرجعية في موفقها بالإفراج عن الصيّادين القطرين .
.
استخدام المكر السياسي، والرد بالمثل يليق بالقوى التي لها مصالح، وغايات سياسية؛ لكن من المحظور شرعاً، وفكراً أنْ يتصوّر صدوره من المرجعية الدينية التي تمثّل الإسلام المحمدي الأصيل، ولهذه الحقيقة الغائبة عن ذهن الكتّاب أصولها، وأسسها المنطقيّة، ومنها : إنّ استخدام المكر السياسي خلاف التقوى، والقيم الإسلامية، وهو أيّ (المكر) من متطلبات الحفاظ على المصالح الخاصة، والمرجعية أكّدت، وبرهنت بأنّها تراعي المصالح العليا، والعامة للبلاد، والعباد، وبذلك تعدّ المرجعية رائدة فكرة (أسلمة السياسة)، أيّ: تديّنها، وإقامتها على أسس أخلاقية تنبع من صميم الدين الإسلامي؛ لذلك هي لا تفتئ تصوّب ما تنحرف عنه السياسة العراقية، وهي بذلك تقتدي بالنبيّ، وآله الأطهار الذين سطّروا مواقف مشابهة خلّدها التأريخ .
.
لذلك على القوى السياسية أنْ ترتفع بفكرها السياسي، وأن تستفيد من إضاءات مرجعيتنا الرشيدة؛ لتكون على مستوى عالٍ من المسؤولية يؤهلها لبناء الدولة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج