الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبي محمد والحرب الدفاعية والهجومية

انور سلطان

2016 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


النبي محمد والحرب الدفاعية والهجومية

في الفترة المكية كان الاسلام يشبه النصرانية, دعوة مسالمة. وقوبلت هذه الدعوة المسالمة بعملية استئصال, مما دفع النبي للهجرة الى مكة بعد اسلام غالبية الأوس والخزرج.

عندما كان المسلمون جزءا من مجتمع اكبر (قبيلة) ما كان للقتال معنى. لكن عندما دخلت قبيلة (مجتمع سياسي) بأكملها في الاسلام فسوف تدافع عن نفسها بعد اسلامها كما كانت تدافع عن نفسها قبل اسلامها, مثلها مثل اي قبيلة أخرى. وما كان للنبي أن يمنع الاوس والخزرج من الدفاع عن انفسهم, خصوصا بعد ان جرب ان الدعوة السلمية وحدها, دون القدرة على الدفاع عن النفس, كانت نتيجتها محاولة قتله واستئصال الدعوة من جذورها.

كان عصرا وحشيا, تحكمه القوة وحق القوة. ومن تلك الوحشية تكالب أغلب القبائل المحيطة بالمدينة على المسلمين. وكانت القبائل تهاب القبيلة القوية ولا تهاب شيئا غير القوة. بعد معركة بدر هابت تلك القبائل المسلمين, وبعد معركة أحد تجرأت عليهم الى درجة أن بعضها بدأت تحشد نفسها لغزو المدينة وكان الغزو سيقع لولا أن بادرها المسلمون. ومن الوحشية أيضا غدر تلك القبائل بالمسلمين وارتكابها جرائم بحقهم مثل حادتثي الرجيع وبئر معونة التي ذهبت ضحيتهما ما يقرب من ثمانين من المسلمين غدرا وغيلة. ثم جاءت معركة الخندق التي مثلت قمة العدوان, ولولا فشلها لتم استئصال الاسلام. وانكسار هذا التجمع عزز من هيبة المسلمين, وحول الموقف العسكري لصالحهم, وكانت النتيجة المباشرة صلح الحديبية الذي قضى على هيبة قريش أو كاد, ثم فتح مكة.

لكل هذا لم يقف النبي عند الدفاع فقط ومقاتلة القبيلة المعتدية, بل أعلن الحرب على الشرك في الجزيرة العربية في موسم الحج من السنة التاسعة للهجرة. واعتبرها اخر حجة للمشركين, وليس هذا فقط بل خيرهم بين الاسلام والشرك كما جاء في سورة براءة. وآيات سورة براءة خطاب خاص للمشركين العرب لأنها تخاطب العرب الذين يحجون لمكة وتمنعهم من الحج وتمهلهم مدة أقصاها نهاية محرم أو نهاية فترة المعاهدة مع النبي, وخيرتهم بين الاسلام والحرب. ولذلك ليس مقصودا بها كل المشركين خارج بلاد العرب (الجزيرة العربية).

لولا موقف قريش الظالم من المسلمين لما كانت آيات القتال, ولولا موقف أغلب القبائل العربية الاستئصالي من المسلمين في المدينة لما كانت الآيات التي تأمر بمحاربة المشركين العرب واستئصال الشرك من الجزيرة العربية. نعم, كانت آيات سورة براءة, التي سميت آيات السيف, آيات ناسخة لما سبقها بالنسبة للمشكرين العرب. قبل فتح مكة كانت القاعدة رد العدوان, أما بعدها فكانت تأمر بقتال كافة المشركين العرب لأنهم مشركين كما يظهر. ويمكن القول أن آيات السيف كانت مُخَصِّصَة لآيات القتال التي سبقتها التي تبيح الدفاع عن النفس وتحرم العدوان حتى على المشكرين العرب, ثم خـُـصصت بآيات السيف بالنسبة للمشركين العرب.

إن الاسلام في أصله كان دعوة للسلام, أما الدعوة للحرب فكانت الاستثناء. وقد قصر الحرب على الحرب الدفاعية, فيحق لأي مجتمع سياسي (قبيلة أو دولة) الدفاع عن نفسه من عدوان المجتمعات الأخرى, وهذا لا يعني المسلمين عندما يكونون جزءا من مجتمع أكبر, فلا مجال هنا للحديث عن الحرب, وإنما عن المواطنة المتساوية. لأن آيات القتال الدفاعي خطاب للمجتمع القائم بذاته كمجتمع, وليست خطابا لجماعات جزئية داخل المجتمع. ثم استثنى القران المشركين العرب وأباح شن الحرب الهجومية عليهم أو يُسْلمون. وهذا استثناء من القاعدة, وهو أن الحرب لا تكون إلا دفاعا عن النفس, لا الغاء للقاعدة.

هذا الاستثناء لم يأت من فراغ, فالأساس الذي حكم علاقة المسلمين بالمشكرين العرب هو الحرب, فالمشركون العرب في الأصل هم أعداء للاسلام ويرون الاسلام منافسا لهم مثلهم مثل قريش. ومكة كانت مركزا للشرك, ولا يمكنهم قبول أن تكون مركزا للاسلام والتوحيد إلا على مضض, ولذلك يبدو أن مهادنتهم للمسلمين ظاهرية لا حقيقية. وهذا التاريخ العدائي من المشركين العرب أدى في النهاية إلى إباحة الحرب الهجومية على المشكرين, فلا يجب الانتظار حتى يستعدوا هم للحرب, ولا يجب الاغترار بموقفهم المسالم, فليس إلا سلاما ظاهريا نابعا من الخوف من المسلمين مع إظمار العداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشكر المصوتين
انور سلطان ( 2016 / 1 / 7 - 01:19 )
اشكر المصوتين
والملاحظ انخفاظ نسبة الموافقة
لا ادعي صحة كل ما ورد في المقال
لكن اطرح السؤال التالي: هل المشركين العرب كانوا منصفين وانسانيين؟
هل كانت اخلاقهم افضل قبل الاسلام؟

المهم في الموضوع هو اسقاط نظرية الحرب. والاساس الذي قامت عليه الجماعات الدينية المعاصرة وهو الخروج عن مجتمعاتها تقليدا للنبي, بينما النبي لم يخرج على مجتمعه, بل أُخرج منه, كما ان تلك الاحداث لن تتكرر, ومحاولة تكرارها سذاجة متناهية اشبه بالجنون, خصوصا في العصر الحديث الذي حلت فيه الدولة محل القبيلة. كما ان الاسلام قد تم التمكين له وفق
القران, ولا يحتاج الى اعادة تمكين ودعوة وايذاء وهجرة
لم يوضح المقال هذه النقطة لكن ما ورد فيه مقدمة واساس لها, فهناك فرق بين خطاب الفرد وخطاب المجتمع كمجتمع, وهناك فرق بين مشركي العرب وغيرهم, مشركي العرب كانوا الخطر اماغيرهم فلم يكونوا كذلك, وفرض الاسلام في الجزيرة العربية لتكون معقلا له وبلاده الرئيسية

في الختام لكم جزيل الشكر على نشر المقال, مع اطيب التحية وفائق الاحترام

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب