الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداعشي الذي اعدم امه

انور سلطان

2016 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الداعشي الذي أعدم أمه

أم مدفوعة بغريزتها تريد لابنها الحياة, فزعة عليه من الموت, فكان جزاءها أن فلذة كبدها قتلها بيده امام الناس جاعلا منها عبرة للمعتبر.
مستوى من الاجرام لم يكن حتى في الخيال.

هل هو مجرد مرتزق أو انتهازي يستخدم الدين لاغراض دنيوية سياسية أو غيرها؟

لا طبعا, بل هو نفسه ضحية وحول امه الى ضحية له, بعد ان ابت فطرتها ان تكون ضحية فكرية ونفسية مثله وارادت ان تنقذه من وضعه.

لقد طبق هذا الضحية فكرة البراء المحرفة وعدة ايات منها هذه الآيات من سورة التوبة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ-;---;-- وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰ-;---;--ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ-;---;-- يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ-;---;-- وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)}.

والتطبيق الخاطئ لايات البراءة وهذه الآيات, وغيرها في مسائل أخرى, ناتج عن:

اولا: الاستدلال بالايات في غير موضعها.

هذه الاية نزلت في المشركين "المحاربين", لا المسالمين, الذين شهروا السيف وحملوه على الرسول ومن آمن معه. لكن الوهابية, وكل الجماعات الدينية التي سبقتها والتي تلتها, طبقتها على خصومها من المسلمين وليس المشركين, وأيضا حتى على المسالمين الذين رفضوا فكرهم كما فعل الخوارج قديما والوهابية حديثا. وهذا الداعشي الذي داس ضميره وداس أو ديس علقه, أعتبر عدم اقتناع أمه بما تدعوا اليه داعش كفرا, وطبق فكرة البراء على أمة "المسالمة" غير "المحاربة". لو كانت مشركة, وتعبد الاصنام, ماله عليها من سبيل, انما واجبه تجاهها أن يعاملها بالقسط (العدل) والرحمة.

ثانيا: الغاء أولية العقل.

فحتى يتقبل الانسان ما لا يمكن قبوله, وما تأباه فطرته, فلا بد من اسقاط العقل, بحجة ان العقل خاضع للدين, وليس الدين خاضع للعقل. ولكن أي انسان محتفظ بعقله وفطرته, إذا تيقن فعلا أن هذا هو حكم الاسلام, أو أي دين آخر, فالمفروض ان يكفر به فورا اذا كان معتنقه, أو يشك على الأقل في صحة الدين.

عملية غسيل الدماغ تبدأ أولا من اقناع الشخص أن الدين فوق العقل, وأن ليس للعقل حق محاكمة الدين. ويقول الكهنة المسلمون ان العقل ينتهي دوره عند الايمان, فاذا آمنت بصحة الدين, فنحّي عقلك جانيا, وتقبل كل ما يُقال لك وسلم به.

وهذه مصادرة فجة للعقل, فاذا ثبتت الاصول الفكرية (الايمان) بالعقل فمن باب أولى ألا تثبت الفروع الدنيوية (السلوكيات غير العبادة) إلا بالعقل. بل العكس هو الصحيح, ان الاسلام حاول أن يثبت أصوله الفكرية بالتذكير بصحة فروعه السلوكية وانها حسنة يقرها العقل والفطرة.

ان العقل لا ينتهي دوره عند الايمان, فصحة الدين لا تعني عدم تناقض اصوله الفكرية مع العقل بل ايضا عدم تناقض فروعه (غير العبادة) وما يدعو اليه من سلوك مع العقل والاخلاق. لا بل أن محاكمة الفروع مقدم على الاصول لانها هي التطبيق المهم الذي تشقى او تسعد به حياة الانسان, فاذا كانت هناك قبائح سلوكية فلا بد ان هناك خداع وكذب. فقد تبدو الاصول الفكرية متماسكة منطقيا لخداع الناس ثم تمرر تحتها الفروع السلوكية المهلكة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك كتاب قيم بعنوان أولية العقل, د. عادل ظاهر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب